مهدي مجيد
في شهر اغسطس من العام 2006 قام “حزب الله” اللبناني باختطاف ثلاثة جنود احتياط اسرائيليين في عملية أشرف على تنفيذها كبار قادة الحزب اللبناني الذي حاول، آنذاك، تصوير نفسه كأنه حامي لبنان خصوصا بعد الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، لكن هذه العملية التي وصفها اللبنانيون بعد الحرب التي استمرت 33 يومًا بالخطيئة الكبرى سببت لـ”حزب الله” اخفاقات وهزائم كبيرة ومتنوعة، والكل في لبنان يتذكر تصريح نصرالله بعد انتهاء الحرب” لو كنت أعلم أن عملية الاختطاف ستقود إلى هذه الحرب لما أمرت بتنفيذها”.
إذاً أعلن “حزب الله” الحرب على إسرائيل وسمّى عدوانه “الوعد الصادق”، وان ظهر في آخر مطاف الحرب أنه كان وعداً كاذباً. أتى الرد الاسرائيلي سريعا ًوشن جيشها هجوماً مكثفا، في البداية كان هجوماً جوياً ومن ثم برياً لمحاربة قوات “حزب الله” في جنوب لبنان. النهاية كانت في قرار أممي انتشرت بموجبه قوات اليونيفيل الدولية في جنوب لبنان.
بعد مرور 12 عاماً على هذه الحرب يجب علينا مراجعة تبعاتها الممتدة إلى يومنا هذا على الجانبين الإسرائيلي واللبناني، فمن ناحية لبنان تحول جنوبها الى ثكنات عسكرية ومقرات ايرانية والفقر المدقع ينخر بسكانه الى جانب أن “حزب الله” نشر الثقافة الإيرانية في أغلبية المناطق التي يتحكم بها.
وبحسب اخبار تناولتها صحف غربية وعربية فإن “حزب الله” تلقى من إيران أسلحة كثيرة وقام بتخزينها في مستودعات السلاح الخاصة به، والتي يقع جزءا كبيرا منها داخل القرى والبلدات في جنوب لبنان، ومنها داخل أبنية سكنية فعلى سبيل المثال هناك بيوت وأبنية في الجنوب مكونة من طوابق عدة حيث يخصص “حزب الله” عدد من الطوابق كمنصة إطلاق أو تخزين صواريخ وقذائف والباقية تعود لمواطنين سواء موالين له أو عاديين. لقد سبق لأكثر من مسؤول عسكري اسرائيلي الحديث بشكل مباشر عن طريقة عمل “حزب الله” هذه حيث استخدم مقولة “من ينام مع صواريخ ليعرف أنه في الحرب قد يستيقظ مع انفجارات”.
من دون أدنى شك السنوات التي تلت هذه الحرب أثبتت حجم الاختراق داخل هذا التنظيم من الناحية الاستخباراتية، سواء بالاغتيالات أو بما ينسب لمصادر دولية حول ضربات اسرائيلية ضد مصالحه من حين الى آخر وبشكل دقيق.
“حزب الله” يعاني من أزمتين أساسيتين في السنوات الأخيرة. الأولى مادية والثانية أخلاقية.
بالنسبة إلى الأزمة المادية فهناك نقص حاد بميزانية التنظيم التي تستند أصلاً إلى الميزانية الإيرانية لإنها جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية والعسكرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لقد انتشر اخيرا فيديو لحسن نصرالله في بداية مشواره السياسي حين قال أن” حزب الله” هو مشروع تابع لوليه الفقيه، والهدف منه في النهاية إقامة دولة إسلامية شيعية ليس في لبنان فقط، بل في المنطقة كلها. لذلك الأزمة الاقتصادية الضخمة التي تعاني منها الجمهورية الاسلامية الإيرانية هذه الأيام والتي جعلت الآلاف من الإيرانيين يخرجون للشوارع للاحتجاج ضد حكم الملالي لها تأثيراتها على وضع “حزب الله” المالي.
أما بالنسبة إلى الأزمة الاخلاقية من دون أدنى شك ان الأزمات والحوادث الأخلاقية التي تورط فيها عناصر الحزب من الكوادر إلى القادة كبيرة جدًا، وجعلت الأمين العام يبحث عن طرق متنوعة للقبض على المتهمين وقد وصلت ذروتها في عملية اغتيال القيادي البارز في الحزب مصطفى بدر الدين، الذي تقول إسرائيل أن نصرالله شخصيًا،وبتعاون مع قائد “فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني مرتبطين بتنفيذ عملية الاغتيال. ذلك بالإضافة إلى المشكلات الاخلاقية الكبيرة التي يواجهها الحزب جراء تورطه في الحرب بسورية، ومشاركة عناصره بقتل السوريين والجرائم مروعة ضد النساء والأطفال والعزل.
إذاً وبعد مرور 12 عاما على ذلك “الانتصار الإلهي” المزعوم، الذي لا يصدقه أحد من العرب واللبنانيين بات وضع “حزب الله” أسوأ في جميع النواحي، وبخاصة بعد الأزمة الكبيرة التي يواجهها نظام الملالي. فإسرائيل تتهم “حزب الله” أيضاً بانتهاك قرار 1701 التابع للأمم المتحدة بشتّى الطرق لاسيما انتشار عناصره بلباس مدني في جنوب لبنان، أو عن طريق التنظيمات البيئية وغيرها.
عند مشاهدة السيناريو اللبناني اليوم نرى أن إيران قد تتحكم بقرارات الحرب والسلام في لبنان، والكل يعي خطورة تحكم النظام الإيراني بقرارات مصيرية خصوصا في دول عربية.
كاتب وصحافي، عضو الاتحاد الدولي للصحافيين
المصدر السياسة الكويتية