في حادثة إطلاق شخص سعودي النار على الطبيب الأردني الذي أشرف على ولادة زوجته (اقرأ التفاصيل هنا:سعودي يطلق النار على الطبيب الذي اشرف على ولادة زوجته لانه ذكر رأى عورتها) وقفات كثيرة تستدعي التفكر.
أولا: عندما تصبح عورة الجسد قضية أخلاقية من الطراز الرفيع، تختل منظومة الأخلاق وينحدر المجتمع إلى الحضيض. فهذا الزوج يرى أن في نظر الطبيب الرجل إلى عورة زوجته أثناء الولادة (ركز على “أثناء الولادة” ) تجاوزا أخلاقيا يستدعي تأديب الطبيب حتى وإن كان الثمن إزهاق روحه. لاحظ كيف أن انتفاخ مفهوم العورة وتحويلها إلى قضية أخلاقية يقابله بالضرورة انكماش لمفهوم أخلاقي سام وهو عدم انتهاك حرمة حق الإنسان في الحياة. تضخمت العورة حتى أصبحت أخطبوطا يبتلع حتى حياة الإنسان وقيمة وجوده.
ثانيا: نتيجة لهذا التضخم في حجم أهمية العورة في المجتمعات التي تستقي معاييرها الأخلاقية من أعضاء الجسد، تتضاءل أهمية حياة الزوجة والأم حتى تصل قعر لائحة طويييلة جدا تبدأ من الأهم وتنتهي باللاشيء. فما فعله الزوج يعني صراحة وليس ضمنيا، أن موت زوجته أو فقدها الجنين أهون عنده من أن يرى رجل عورتها. أكرر: أثناء الولادة. مرة أخرى تتفوق العورة بأهميتها على حياة الإنسان وقيمة وجوده.
ثالثا: ما زال الرجل يعامل الرجل على أنه وحش مفترس لا يمكن أن يكبح جماح رغبته المستعرة شيء..حتى وإن كان ذاك الشيء عورة تتمزق ليخرج منها إنسان. ما زال الرجل هو المسؤول الأول عن الصورة النمطية للرجل السائدة في المجتمع والتي ترعب النساء: “حذار من الرجل فهو شرير لا إنسانية ولا أخلاق لديه ولا يمكن أن يرى في المرأة سوى وجبة شهية”. فما الذي ستفهمه المرأة عندما ترى رجلا يتوقع من رجل آخر أن تستعر شهوته أمام امرأة في حالة ولادة؟
رابعا: إن كنت تعتقد أن هذه الحالة نادرة، فأعد حساباتك. فالمبدأ واحد، لكنه يتجلى بطرق ومواقف متعددة ومختلفة.
خامسا: هذا الذي لا يريد لرجل أن يولد زوجته، هو نفسه الذي يقف ضد عمل المرأة! فمن أين نأتي بالطبيبات؟
