شكلت إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الاخيرة على الشاشة مؤشرا جديدا يضاف الى جملة مؤشرات تفيد بأن “حزب الله” الذي عرفناه قبل العام ٢٠٠٠ انتهى. فقبل التورط في سوريا كان في وسع الحزب أن يلوي الحقائق والوقائع ويحرفها حسب مصالحه، وذلك بما تيسر له من قدرات تعبوية كبيرة في بيئته المؤيدة، مضافة اليها القدرات الكبيرة في مجالات الإعلام و”البروباغاندا” المشفوع بسلسلة من الشعارات الكبيرة التي كان لها وقع عميق في وعي الشارع ولا وعيه على حد سواء، كالزعم أنه حركة “مقاومة” لبنانية عربية عالمية لا تهدف الى تحرير الاراضي اللبنانية فحسب، بل تتعداها الى ادعاء قرب تحريرها للقدس وسائر فلسطين من البحر الى النهر.
في حرب ٢٠٠٦ جر “حزب الله” لبنان بأسره الى حرب مع اسرائيل واضعا اياها تحت شعار “تحرير” أحد عشر أسيرا كلفوا لبنان ألفا وثلاثمئة ضحية جلهم من بيئة الحزب الحاضنة، ولا ننسى التدمير الهائل الذي لحق بسائر البنى التحتية اللبنانية التي هي ملك للشعب كله وليست لفئة دون الاخرى. والحق ان الحزب لم ينتصر في الحرب المشار اليها رغم كل الدعاية “الغوبلزية” التي مارسها، فانتصار الحزب كان على لبنان، وليس على إسرائيل لأن القرار ١٧٠١ جلب للاخيرة “سلاما” على حدودها الشمالية لا يقل استقرارا عن “السلام” الذي جلبه فك الاشتباك بين سوريا حافظ الاسد واسرائيل في اعقاب حرب تشرين. وشكلت حرب ٢٠٠٦ مناسبة تعبوية لـ”حزب الله” للانقضاض على الداخل اللبناني متسلحا بشرعية “انتصار” مزعوم ساهم الاعلام الاسرائيلي في تكبيره لتيسير استدارة الحزب نحو اللبنانيين تحت شعار “الانتصار الالهي”. وزرع الحزب في بيئته “ثقة” عمياء بأنه قادر على غزو العالم والانتصار، وان عباءة امينه العام “المبلولة بعرقه” ان رماها يمكن ان تُركع البيت الابيض في واشنطن!
منذ تورطه في قتل السوريين في سوريا اكتشف السيد حسن نصرالله وصحبه ان للتضليل حدودا دونها الحقائق المُرة التي تكبر ككرة ثلج فيستحيل اخفاؤها او تحويرها. اكتشف ان كذبة مقاومة اسرائيل ما عادت تؤتي ثمارا في الرأي العام، فلجأ الى شعار محاربة “التكفيريين” في سوريا. ولكنه بعد الف وثلاثمئة قتيل في صفوفه يكتشف ان من يسميهم “تكفيريين” هم سوريون يدافعون عن ارضهم في وجه غزو من خارج الحدود، ويكتشف ان ادعاء الانتصارات على الشاشات شيء ومسلسل مئات النعوش العائدة من سوريا شيء آخر.
في القلمون التي يكذب فيها “حزب الله” بشأن عدد قتلاه الحقيقي، كما في كل مكان آخر في سوريا تتفكك منظومة التضليل يوميا وتتحول “الانتصارات” اضغاث احلام مع بدء ظهور آثار الكارثة التي زج بها “حزب الله” بيئته ولبنان! لقد انتهى زمن الكذب والتضليل!