بقلم دارا عبدالله/
لن أتحدث عن عملية “غصن الزيتون” كثيرا، فهي احتلال سافر لأراضي سورية وتنفيذ مباشر لأجندة تركية مرتبطة بالتغيرات التي حصلت في سياسة حزب العدالة والتنمية وموقف رجب طيب أردوغان، مما يجري على حدوده الجنوبية بعد حدثين أساسيين: الأول، هو المحاولة الانقلابية العسكرية التي جرت في 15 يوليو/تموز 2016، والموقف الغربي الضبابي من الانقلابيين. والثاني، هو حادثة إسقاط الطائرة الروسية في تركيا في 24 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2015، وفتح علاقات مباشرة بين تركيا وروسيا على إثرها.
أدى هذان الحدثان إلى بدء حصيلة تفاهمات تركية من جهة وروسية إيرانية من جهة أخرى، توجت باتفاقيات خفض التصعيد في مسار أستانة، وأخيرا في عملية “غصن الزيتون”. بل سأتحدث في هذا النص، عن مسؤولية منظومة حزب العمال الكردستاني نفسها، في هذه الهزيمة المدوية، والكارثة الإنسانية في عفرين. المسؤولية التي تتلخص باعتقادي في سبع نقاط أساسية:
أولا: التحالف الوثيق مع نظام الأسد. والضرب بعرض الحائط كل النصائح التي حذرت من لا جدوى هذا التحالف براغماتيا، وعدم صلابته سياسيا على المدى البعيد، ناهيك عن ضرره الأخلاقي. بشار الأسد قتل زوج أخته، آصف شوكت، ورمّل أولادها، لأن كان له رأي آخر بخصوص ما يجري في سورية، ولن يكون صعبا عليه أن يتخلى عن أي حليف آخر.
لن يستقر الشمال السوري بدون علاقة صحية بين العرب والأكراد، غير ذلك، سنشهد مزيدا من الدماء
ثانيا: قمع الأحزاب الكردية السورية الأخرى، وتهجير وترحيل قياداتها السياسية، وفرض قبضة حديدية على الساحة الكردية السورية المتنوعة تاريخيا من الناحية السياسية. الآن وعفرين فارغة من أهلها، ثمة معتقلون سياسيون أكراد في سجون حزب الاتحاد الديمقراطي، لأنهم فقط يمتلكون رأيا مغايرا.
ثالثا: العلاقة غير الواضحة مع الولايات المتحدة الأميركية، والتحول إلى بندقية بيد أميركا، على حساب العلاقات العربية ـ الكردية التاريخية. كالدخول إلى مدن سورية لا ناقة للأكراد فيها ولا جمل، فقط من أجل “محاربة الإرهاب”.
رابعا، عدم الشفافية والكذب على الناس والتدليس الأيديولوجي. أقرأ في الصحافة الألمانية هذه الأيام، بأن أردوغان من الممكن أن يغزو شرق الفرات أيضا، ولا ضمانات للأكراد بمنع أردوغان من التحالف بهذا الأمر. لأن التحالف التركي ـ الأميركي، أقوى بكثير من التحالف الأوجلاني ـ الأميركي. تركيا دولة مؤسسات ضخمة، ولديها جيش، وقادرة أن تقدم خدمات لأميركا. وأميركا تنظر إلى حزب
PYD
كميليشا فقط، كما أنها تتخوف من بعدها الاستبدادي وارتباط
PYD مع PKK.
طبعا هذا الأمر لا يقال بشفافية للناس التي تظن بأن “أميركا تحميهم”. لحظة الجد لما تتخلى أميركا، يتم الحديث عن “غدر أميركا”.
خامسا: اتخاذ قرارات السلم والحرب بشكل فئوي وخاص وعدم عرضها على العلن بكل شفافية.
سادسا: اللعب على المشاعر القومية من أجل التعبئة العسكرية، وعسكرة شديدة للمجتمع، وزيادة حدة الاستقطاب العربي ـ الكردي.
دفع الأكراد السوريين دمهم ثمنا لنقل الصراع التاريخي بين حزب العمال الكردستاني ـ والدولة التركية إلى الساحة السورية
سابعا: نقل الصراع التاريخي بين حزب العمال الكردستاني ـ والدولة التركية، إلى الساحة السورية، ودفع الأكراد السوريين دمهم ثمنا لهذا الصراع. والعمل على تطبيق المعادلة الصفرية الكارثية: “أردوغان يدعم الثورة السورية، الثورة السورية هي ضد بشار الأسد، أردوغان عدونا: فإذا نحن ضد الثورة السورية مع بشار الأسد قصدا بأردوغان”. هذه المعادلة كانت كارثية على الأكراد السوريين والعلاقة العربية الكردية.
أقول هذا الكلام، وأمي وأبي يعيشون في القامشلي، وأخي في دمشق، لا “أنظّر من الخارج”، كما أن الناشطين الأكراد الذين هللوا لهذه المنظومة، وتورطوا بدعمها، عليهم أن يعتذروا من الناس ويكفوا عن هذه الشعبوية، ويتكلموا بشكل علني وشفاف. قبل أيام كان “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”، بعد هزيمة المعركة، ألا توجد أصوات أخرى يجب أن تعلو، وتبدأ بالنقد؟
ما الحل إذا: الحل هو أن تقوم هذه المنظومة بحل نفسها فورا. وأن تفصل بين الساحة الكردية السورية والساحة الكردية التركية، وأن تطلق سراح كل المعتقلين السياسيين، وأن تعتذر للناس بشكل علني وشفاف، وأن تفكك البنية الستالينية الاستبدادية، وتبني مؤسسات وطنية، ليتم إعادة إنتاج علاقة كردية ـ عربية سليمة من جديد في تلك المنطقة. لن يستقر الشمال السوري بدون علاقة صحية بين العرب والأكراد، غير ذلك، سنشهد مزيدا من الدماء.
شبكة الشرق الأوسط للإرسال
أخر الكلام …؟
صدقني ليس حزب العمال الكوردستاني الا مسمار جحا للملا المزيف أردوغان ، واللعبة أكبر من عفرين وسنجار ، سلام ؟