فوز الإسلاميين، نعمة أَمْ نقمة؟
عبدالقادر أنيس
عنوان هذه المقالة هو نفس عنوان المقالة التي كتبها الكاتب عبد الخالق حسين
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=285493
ولم أشأ الاستعاضة عنه بعنوان آخر لمناسبته لمقتضي الحال. لكن عدا العنوان، ورغم حصافة الأفكار التي قدمها الكاتب، فأنا لا أشاطره الرأي في بعض نقاطها التي سأناقشها نقطة نقطة، مؤيدا أو معارضا أو مثريا:
أسباب انتصار الإسلاميين كما عددها الكاتب ولخصها في سبع نقاط:
“أولاً، أن الحكومات التي حكمت الشعوب العربية كانت علمانية مستبدة، وفاسدة إلى أبعد الحدود، وفشلت في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتفاقمة، لذلك شوهت سمعة العلمانية، الأمر الذي استغله الإسلاميون، ولتفشي الجهل والأمية بين الشعوب العربية، صوروا لهم أن العلمانية تعني الإلحاد والإباحية، ومعاداة الإسلام، وطرحوا شعارهم المعروف (الحل في الإسلام). كما ويجب أن لا ننسى أن الجماهير الواسعة من الشعوب العربية هي محافظة ومتدينة وخاضعة لتأثير التراث العربي- الإسلامي، الذي صور لهم أن سبب تخلف العرب هو تخليهم عما كان عليه السلف الصالح، وأنهم لن يعيدوا مكانتهم المرموقة في العالم إلا بتمسكهم بهذا التراث وإحيائه، والعودة إلى الماضي “المجيد”.
وهو سبب أتفق فيه مع الكاتب في نقاط كما أختلف معه في أخرى. فالقول بأن “الحكومات التي حكمت الشعوب العربية كانت علمانية مستبدة، وفاسدة إلى أبعد الحدود”، صحيح، لولا إدراج الكاتب للعلمانية ضمن خصوصيات أو (التهم) الموجهة لتلك الحكومات وكررها أكثر من مرة، والكاتب، برأيي، لا يبتعد عن الطرح الإسلامي هنا. بينما واقع الحال يقول لنا بأن الحكومات التي حكمت الشعوب العربية لم تكن علمانية. صحيح أن بعضها كان يدعي ذلك كنوع من الزعم بأنه مع موقف عادل تجاه جميع الطوائف والمذاهب، لكن معظمها كان ينفي هذه (التهمة). في الجزائر مثلا والتي فاز فيها الإسلاميون سنة 1991 وفي الدور الأول وبأغلبية المقاعد، كانت الدولة علمانية في جوانب من سياستها خاصة الاقتصادية، حيث كانت البنوك ربوية كما يصورها الإسلاميون، ولم تكن الدولة تهتم بجمع الزكاة، بل كان الناس يخرجونها كعبادة، مثلما كان عليه الحال في أغلب عهود الدولة الإسلامية، وكانت الدولة علمانية أيضا ولو شكليا في النظام السياسي (برلمان، تنظيم حكومي، الفصل بين السلطات الثلاث، إشراك المرأة في كل ذلك..)، وهذه تهم كان يوجهها الإسلاميون لدولنا ولكنهم، حاضرا، أسقطوها، ولم تعد قابلة للتراجع عنها عندهم، عدا ذلك فالدولة كانت أبعد ما يكون عن العلمانية خاصة في مناهج التربية والتعليم والمساجد وقانون الأحوال الشخصية وحرية الاعتقاد ومختلف الحريات وكل ما يساهم في تكون العقل والفرد العاقل. وعليه، وباعتبار أن العلمانية تعني قبل كل شيء، امتناع الدولة عن التدخل في شؤون الدين والإشراف عليه والتدخل في توجيه رجاله ومؤسساتهم، وأيضا امتناع الدين من خلال رجاله ومؤسساته عن التدخل في السياسة والدولة والتحزب لها أو عليها، باعتبار هذا، فلم تكن الدولة علمانية في أي قطر عربي. بل كان هناك تحالف دائم بين رجال الدين ورجال السياسة، وكان بينهم تأثير متبادل، وفي أحسن الأحوال كانت الدولة تسخر الدين لخدمة توجهاتها المختلفة فكان الدين اشتراكيا مع الاشتراكية ورأسماليا مع الرأسمالية وإقطاعيا مع الإقطاع واستبداديا مع الاستبداد وثوريا مع الثوار. وقف رجال الدين مع تحديد النسل، كما عارضوه حسب سياسات الدول ومقتضيات المرحلة، أيدوا التأميمات (الناس شركاء في ثلاثة: الماء والكلام والنار) يجوز تأميمها، فصار الماء سدودا وأنهارا وبحارا، وصار الكلأ أراضي وغابات ومزارع وصارت النار محروقات، كما عارضوها عندما تخلت الدولة عن تلك السياسات وتبنت الخوصصة فصار الله هو الرازق وهو المانع. وفي الكثير من الأحيان كانت الدول ترضخ لضغوط رجال الدين خاصة ما تعلق بحقوق النساء والتبني والحريات الفردية وبناء المساجد والمعاهد الدينية والإشراف عليها..
لهذا فقول الكاتب بأن دولنا كانت علمانية ليس صحيحا تماما. والإسلاميون ظلوا دائما يضخمون هذه التهمة وينفخون فيها، خاصة في الآونة الأخيرة عندما ضعف اليسار والشيوعية ولم تعد مشاجب صالحة ليعلقوا عليها حملاتهم، فحوّلوا العداء نحو العلمانية وحملوها أسباب الفشل حتى يقنعوا الناس بمطالب الإسلام هو الحل وضرورات تطبيق الشريعة. أما في الجزائر فلم يفز الإسلاميون عبر الهجوم على العلمانية. بل إن هذه الأخيرة لم تكن محل نقاش أبدا إلا نادرا. بل يعود فوزهم إلى عدة عوامل أهمها: تدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة انهيار أسعار البترول، والانفجار السكاني الذي أدى إلى تضاعف عدد السكان أربع مرات في جيل واحد وفشل المنظومة التربوية التعليمية في تخريج أجيال متعلمة حقا بسبب هذا الضغط، والعاملان الأخيران ساهما فيه رجال الدين التقليديون والإسلاميون لأنهم عارضوا تنظيم النسل وكفروا اللجوء إليه، وأشرفوا كمسئولين ومعلمين على التعليم وحقنوا الأجيال بالفكر الديني اللاعقلاني. وأنا أتذكر هنا أن الطلبة كانوا يتلقون في كل المراحل حماقة من أشد الحماقات التدميرية للعقول، وهذا في أغلب مناهج العلوم الإنسانية، مفادها هو أن في العالم نظامين: اشتراكي ورأسمالي، الاشتراكي يقتل الفردية لصالح الجماعة، والرأسمالي يقتل الجماعة لصالح الفرد، أما الإسلام فهو يوفق بينهما فيعطي لكل ذي حق حقه، فترعرعت الأجيال على هذه الكذبة وصدقتها حتى أتت أُكُلها.
أما اعتبار “تفشي الجهل والأمية بين الشعوب العربية”، سببا فهو صحيح ولكنه سبب متواضع جدا. وأخذه بعين الاعتبار لا يفسر لنا سبب انسياق أغلبية المتعلمين من خريجي المدارس العليا والجامعات بهذه (الصحوة). رأيي أن انهيار مستوى التعليم وتدني مستويات العقلانية والعلمانية فيه هو ما قدم للإسلاميين، ومجانا، آلاف المؤطرين للحركات الجماهيرية من هؤلاء المتعلمين الذين أسيء تعليمهم. لهذا فمن الظلم أن نقول بأن أنظمتنا كانت علمانية هكذا بإطلاق.
والسب الثاني كما قدمه الكاتب هو “أن الإسلاميين اكتسبوا خبرة هائلة في مخاطبة الرأي العام العالمي الغربي، والجماهير العربية، فطرحوا أنفسهم على أنهم ديمقراطيون حقيقيون، وأنهم سيلتزمون بالديمقراطية، والتعددية، واحترام الحقوق…الخ إذا ما استلموا السلطة”.
وفي الحقيقة، فهذا (التحول) في فكر الإسلاميين حديث جدا، يعود إلى عدة سنوات قليلة. قبل ذلك كان الإسلاميون يعادون الديمقراطية ويعتبرونها من الأفكار المستوردة. في الجزائر، أي قبل عشرين سنة فقط، وخلال الانتخابات المشئومة، كان أغلب الإسلاميين يكفرون الديمقراطية. وكان أفضلهم (الشيخ نحناح) قد استعاض عنها بلفظة منحوتة (الشوراقراطية)، أي حكم الشورى لا حكم الشعب كما هو معنى الديمقراطية الأصلي. والشورى في الإسلام ظلت مهملة وأقصى ما كان يتحدث عنه رجال الدين في شأنها أنه من واجب الخليفة أن يستشير أهل الحل والعقد (وهم أصلا طائفة غامضة لا نجد لها في نصوص الإسلام التأسيسية أساسا)، وإذا كان من المستحب للخليفة أن يستشيرهم حسب الفقهاء، فليس هو ملزما بالأخذ برأيهم. هكذا كان تاريخ الإسلام طوال أربعة عشر قرنا. وبالتالي فالشوراقراطية أكذوبة الهدف منها إيهام الناس بأن في الإسلام سياسة حكم يمكن أن نستعيض بها عن الديمقراطية الحديثة الغربية من أجل تمرير الاستبداد الديني.
تحول الإسلاميين الأخير، إذن، حديث، فيه من الانتهازية والتحايل أكثر مما فيه من الصدق، وأسطع دليل أنهم لا يرون الديمقراطية إلا في شكلها الإجرائي الانتخابي. تحول الإسلاميين إذن لم يأت عن قناعة راسخة، وهم لهذا لم يقدموا للناس مراجعة حقيقة ونقدا ذاتيا لأفكارهم التي كانت تكفر كل ما هو غربي، ولا نجد بينهم من انتقد حسن البنا مؤسس حركتهم الذي كان أشد المطالبين بإلغاء الديمقراطية والتعددية الحزبية ولا سيد قطب الأب الروحي للإرهاب:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=285868
تقديري أن التحول الأول جاء من الغرب الذي لم يعد في حاجة إلى الإسلاميين في صراعاته العالمية والجهوية، ثم جاءت الضربة القاضية بعد غزوة نيويورك وصار القرضاوي بعدها إرهابيا غير مرغوب فيه ولو للعلاج. الغرب إذن صار في حاجة إلى إسلام آخر وسعودية أخرى وتوظيف آخر للبترودولار غير الجهاد وتكوين المجاهدين، كما صار مهيئا للتخلي عن حلفائه في أنظمة الاستبداد التي عجزت عن التحكم في إرهابييها كبضاعة وحيدة قابلة للتصدير بعد الثروات الطبيعية طبعا.
السبب الثالثً حسب الكاتب، “إن الحكومات العربية العلمانية الفاسدة كانت تخاف على سلطتها من القوى الديمقراطية الليبرالية أكثر من خوفها من الأحزاب الإسلامية، لذلك كان هناك نوع من التحالف غير المعلن بين الإسلاميين والحكومات الفاسدة في محاربة العلمانيين الديمقراطيين، وتضييق الخناق عليهم في التبشير برسالتهم، وتصفيتهم إعلامياً، وحتى جسدياً، وهناك قوائم طويلة بأسماء قوافل الشهداء الديمقراطيين العرب الذين اغتيلوا على أيدي الإسلاميين، ودون مقاضاة الجناة”.
وهو سبب أتفق فيه مع الكاتب، عدا صفة العلمانية طبعا، وأضيف للتوضيح فقط، أن علاقة الأنظمة الاستبدادية عندنا بالإسلاميين والعلمانيين كانت تشبه تأرجح البندول في الساعة القديمة. ففي صراعها مع أحد الطرفين، تعمد الحكومة إلى التحالف مع الطرف الآخر ويحدث الاقتراب حتى يقضي الحاكم حاجته ويضعف الطرف الخطير ثم يشعر بالخوف من هذا الابتعاد عن الأصل فيتنكر لهذا التحالف ويعيد البندول تحركه نحو الطرف الآخر، على حساب الطرف الأول الذي يصير مغضوبا عليه، فيتهم بالخيانة أو محاولة الانقلاب مع أطراف منه، ويقترب نحو الطرف الآخر أحيانا حد التماهي مثلما حدث في السودان وفي الجزائر مع الإسلاميين، إلا أن كلا الطرفين، الإسلامي والعلماني، عانى نتيجة مواقفه الانتهازية أو الوهمية مع النظام الحاكم، من السجون والمنافي والاغتيالات، وليس العلمانيين فقط. لكن الإسلاميين كانوا أكثر إفادة من العلمانيين من خلال فزاعتهم الدائمة تجاه النظام بتهمة العداء للإسلام ولهذا كانت الأنظمة تبالغ كثيرا في منافسة الإسلاميين حول من هو الأشد حرصا على حماية الدين والمؤمنين وكانت تقيم لذلك الملتقيات الدينية وتنشر الكتب تصدر الصحف والإذاعات والفضائيات الدينية وتنفق بسخاء على بناء المساجد ومختلف المؤسسات الدينية حتى تنفي عنها تهمة الكفر وتستميل بذلك جماهير المؤمنين وتبعدهم عن خصمها كما كانت تسمح بتفريخ الجمعيات (الخيرية) و(الدينية) كتنظيمات ظاهرها خيري ديني وباطنها سياسي تعبوي. وكان الإسلاميون يفيدون من ذلك أيما فائدة فيمررون فكرهم الديني بينما تشدد الحكومات على الفكر العقلاني الفلسفي العلمي بحجة المساس بالمقدسات وتجنبا للفتنة التي ينجح الإسلاميون ورجال الدين كثيرا في إثارتها ضد المفكرين العلمانيين. كما كانت تسد الأبواب في وجه جمعيات المجتمع المدني العصرية وتمنع المحاضرات في المرافق الثقافية العامة وغير ذلك من النشاطات العلمانية التي تأبى الخضوع لإشراف الدولة وتوجيهها.
السبب الرابع كما يراه الكاتب هو أن “يمتلك الإسلاميون آلاف المنابر المنتشرة في طول البلاد العربية وعرضها مثل المساجد والمدارس الدينية، وحتى الشوارع والساحات العامة، لنشر أفكارهم وأيديولوجيتهم بمنتهى الحرية، والعمل على تشويه سمعة الديمقراطيين الليبراليين، وإصدار الفتاوى بمحاربة العلمانيين، والتصويت للإسلاميين في الانتخابات، وآخرها كانت فتوى الشيخ يوسف القرضاوي في هذا الصدد”.
وهذا صحيح، وأكثر. لكن كيف نفهم وصف الكاتب حكوماتنا بالعلمانية؟ هل يعقل أن تكون الدولة علمانية وهي مع ذلك تسمح بهذا للإسلاميين ولا تسمح به للعلمانيين؟ وكمثال على ذلك ما كان للغزالي من نفوذ على حكامنا. في الجزائر خصص له النظام الحاكم حصة تلفزية أسبوعية للتبشير بفكر الإخوان حتى توصل به الأمر إلى معارضة سياسة الحكومة في تنظيم النسل وغير ذلك إلى غاية توجيه اللوم للحكام عندنا على عدم مخاطبة الشعب بـ (يا أيها المسلمون)، أو (أيها المؤمنون)، أو (يا أيها الذين آمنوا)، بدل مخاطبتهم بـ (أيها المواطنون) الغريبة عن ثقافاتنا الإسلامية. وبلغ من تأثر الرئيس به (الشاذلي) حتى أنه صار يقلده فعندما يقول الغزالي (أنا فرعوني عربني الإسلام) يقول رئيسنا (أنا أمازيغي عربني الإسلام)، وكأنه يجب أن يكون الإنسان عربيا حتى يُغْفَرَ له ويكون من الصالحين.
أما في مصر فكلنا نتذكر مهزلة محاكمة قتلة فرج فودة. أنقل لكم ما سبق لي أن كتبت حول تلك المحاكمة المهزلة:
“كتب القرضاوي دفاعا عن صديقه محمد الغزالي في قضية اغتيال فرج فودة على أيدي الإسلاميين: (واستدعت المحكمة الشيخ الغزالي، وأفتى بجواز أن يقوم أفراد الأمة بإقامة الحدود عند تعطيلها، وإن كان هذا افتياتا على حق السلطة، ولكن ليس عليه عقوبة، وهذا يعني أنه لا يجوز قتل من قتل فرج فودة. فقامت الدنيا ولم تقعد بعد شهادة الشيخ الغزالي، واتُّهم الرجل بألسنة حداد أشحة على الخير مِنْ أناس لم يستقر الإيمان في قلوبهم، فضلا عمن يعادي منهج الإسلام. وذهب وزير إلى بيت الشيخ، وطلب منه أن يصرح أو يكتب مقالا يفسر به موقفه من قضية فرج فودة، لكن الشيخ أصر على موقفه، وعاد الوزير مرة ثانية يلح على الشيخ، فأجابه: أنا لم أكتب مقالا في صحيفة، ولا ألقيت خطبة في جامع، ولا محاضرة في جمعية، ولكني استدعيت للشهادة أمام محكمة، فشهدت بما أعتقد أنه الحق الذي أدين الله به وألقاه عليه، فإذا كان في شهادتي بعض الغموض فلتدعني المحكمة مرة أخرى، وأنا أشرح لها موقفي (الشيخ الغزالي كما عرفته، ص: 271-275، للدكتور يوسف القرضاوي.
رأي الغزالي في المحكمة كان ([ليست هناك عقوبة لقاتل المرتد ولكنه يعاقب على افتئاته على السلطة وليس هناك عقوبة منصوصة عن ذلك الافتئات على حد علمى) ؟! وهذا الكلام يعني البراءة لقاتل فرج فودة، وكان القاتل أميا لا يعرف فودة ولا أفكاره، وكان الأولى محاكمة الغزالي نفسه. لكن لم يحدث، بل سعت الدولة إلى تملقه بزيارة وزيرها. وتكرر الأمر مع سيد القمني، ومع ذلك ترشح الدولة المصرية وزيرها لرئاسة اليونسكو، التي تعني منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، بينما أغلب البلدان العربية لا تفعل الشيء الكثير ولا القليل لحماية المنتجين الحقيقيين للتربية والعلوم والثقافة، بل نكاد نقول العكس هو الصحيح.”
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=186871
يتبع