د عصام عبدالله
واشنطن: تمر هذه الأيام الذكري العاشرة لغزو العراق المثير للجدل، والذي قادته الولايات المتحدة وغير وجه منطقة الشرق الأوسط – ولايزال – السؤال الذي شغل قادة هذه الحرب أنفسهم قبل حكام المنطقة (أو من تبقي منهم !) هو: هل كان قرار الغزو صائبا؟
السطور القادمة تلقي الضوء علي بعض خبايا هذه الحرب وكواليسها، وهي ترجمة لأحد الفصول المهمة من كتاب “دروس في القيادة والحياة” الذي صدر في مايو 2012، عن دار “هاربر كولينز” ويقع في 288 صفحة.
مؤلف الكتاب “كولن باول” هو وزير الخارجية الأميركي الأسبق في عهد الرئيس السابق جورج بوش الإبن بين عامي 2001 و2005، وهو أول أمريكي أسود يتولي هذا المنصب كما شغل عدة مناصب رفيعة منها منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي وقائد الجيش الأمريكي ورئيس هيئة الأركان.
في هذا الفصل والمعنون “5 فبراير 2003” يناقش “باول” ما أطلق عليه الخطاب “السيء السمعة” الذي ألقاه في 5 فبراير 2003 في الأمم المتحدة حيث قدم رسميا ما تم الكشف في وقت لاحق عن انه تضليل فادح عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، قبل الحرب بأسابيع قليلة.
ترجمة الفصل
علي الرغم من مرور سنوات علي خطابي الشهير أو الخطاب “سئ السمعة” الذي ألقيته في الأمم المتحدة أمام العالم، عن أسلحة الدمار الشامل
– WMD
في العراق، فإنني غالبا ما أسأل عن هذا الخطاب يوميا أو أقرأ عنه في الصحف دائما. الخامس من فبراير 2003 هو يوم محفور في ذاكرتي بحروف من نار مثل يوم ميلادي تماما. وسيكون هذا الحدث بعد وفاتي هو الفقرة الأبرز من فقرات نعيي في الصحف.
” هل هو وصمة عار في سجلك الوظيفي وسيرتك الذاتية؟”.. هكذا سألتني (باربرا والترز) (1) في أول مقابلة رئيسية معها بعد مغادرتي موقعي الرسمي في وزارة الخارجية الأمريكية. أجبت: “نعم”.. ما تم قد تم، وليس في مقدوري منعه الآن أو الحؤول دون منعه في الماضي، فقد أنتهي الأمر، وعلي أن أتعايش معه.
لقد مر معظم الناس في حياتهم العامة بتجارب خاصة وخبرات معينة لا يريدون ان يتذكروها أو بالأحري يتمنون نسيانها، ولن يقدروا علي ذلك في الحالتين، ما الذي يمكن أن نفعله جميعا حيالها؟ كيف نستطيع أن نحمل وحدنا هذا العبء الثقيل؟
في يناير 2003، والحرب علي العراق أصبحت علي الأبواب، شعر الرئيس جورج بوش أننا بحاجة إلي تقديم قرائن وأدلة مقنعة لحربنا علي العراق عند مخاطبة الشعب الأمريكي و المجتمع الدولي. في ذلك الوقت لم يفكر الرئيس بوش أن من الممكن تجنب الحرب. لقد كان قد تخطي ذهنيا مناقشة قرار الحرب سواء أجتمع مجلس الأمن القومي الأمريكي
– NSC
(2) أم لم يجتمع مطلقا.”لقد سبق السيف العزل كما يقال، وكان مجلس الأمن القومي في ذلك الوقت برئاسة كوندوليزا رايس، هيئة استشارية للرئيس بشان قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية.
في 30 يناير 2003، وفي المكتب البيضاوي أخبرني الرئيس بوش أنه حان الوقت لتوجيه اتهاماتنا ضد العراق في الأمم المتحدة، كان اللقاء قبل أيام قليلة من توجهي إلي هناك، لإلقاء خطابي في الخامس من فبراير وهو الموعد الذي حدده الرئيس.
على الرغم من أنه عرضي واستنتاجي في الغالب، فإن دليل ” هيئة الاستخبارات القومية “
– NIE
(3) كان مقنعا. كما حاز قبول قادتنا العسكريين، والغالبية من أعضاء الكونغرس، وفريق الأمن القومي، والرئيس نفسه، والعديد أيضا من أصدقائنا المقربين وحلفائنا في الخارج.
فقد اعتقد الرئيس بوش أن الأمريكيين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، مهيئين نفسيا إلي هذه الحرب وهم لا يمكن أن يقبلوا بوجود أي تهديد آخر لبلادهم، خاصة مع الاعتراف بخطورة امتلاك ديكتاتور مثل صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل. وهي، في نهاية المطاف، ” حجة ” قوية تجعل قضيتنا مقبولة أمام الرأي العام والمجتمع الدولي. لذلك أعطي الرئيس بوش توجيهاته لموظفي مجلس الأمن القومي بترتيب هذا الأمر وإعداده جيدا علي وجه السرعة.
في وقت سابق، وقبل موعد لقائي مع الرئيس في 30 يناير 2003، تلقي موظفو مكتبي ملفا عن ” أسلحة الدمار الشامل ” في العراق، من موظفي مجلس الأمن القومي الأمريكي، مفاده: ” كارثة علي الحافة ” في انتظارنا. كان الملف غير متماسك ومعلوماته متهافته، يقدم تأكيدات دون توثيق أو مصادر يستند إليها، ولا علاقة بهذا الملف الخطير من قريب أو من بعيد ب” هيئة الاستخبارات الأمريكية “
– NIC
. سألت ” جورج تينت ” الذي كان يشغل وقتئذ مدير الاستخبارات المركزية
– DCI
عن المعلومات الواردة في هذا الملف. قال: ليس لدي علم به ولا أملك بالتالي التعليق عليه. كل ما أعرفه من معلومات أساسية قدمته إلي مكتب ” كوندوليزا رايس ” مستشار الأمن القومي
– NIE
، ولا أعرف ماذا حدث بعد ذلك.
علمت – فيما بعد – ان “سكوتر ليبي” مدير مكتب نائب الرئيس الأمريكي “ديك تشيني” هو من كتب عريضة الدعوي في هذا الملف المهلهل وليس موظفي مجلس الأمن القومي. وبعد عدة سنوات تأكدت من الدكتورة “كوندوليزا رايس” أن اسناد مهمة صياغة هذا الملف بالكامل إلي “ليبي” من اقتراح نائب الرئيس ” تشيني ” الذي أقنع بوش بأن يقوم “ليبي” وهو محام محترف، بكتابة “ملف أسلحة الدمار الشامل”، بوصفه ملخصا لمحام، وليس “تقييما استخباراتيا”.
الفرق بين تقرير الاستخبارات ودعوي المحامي، أن الأول يكون مدعوما بالأدلة والمستندات والقرائن المادية والمصادر الأخري، أما الدعوي فهي تجادل من الوحهة القانونية بأسانيد الإدانة أو البراءة. لذلك كانت أكبر مشكلة واجهتنا مع قضية ” أسلحة الدمار الشامل ” في العراق وكما صاغها ” ليبي “، أننا لن نتمكن مطلقا من تتبع الحقائق والتأكيدات الواردة فيها مع هيئة الاستخبارات القومية
– NIE
أو غيرها من الأجهزة الاستخباراتية. ناهيك عن أن مدير الاستخبارات المركزية ” جورج تينيت ” لم يدعمها، وبالتالي كانت صياغة ” ليبي ” المحكمة قانونيا عديمة الجدوي بالنسبة لنا.
ولم تكن هناك من وسيلة أخري يمكن ان نستخدمها لتعديل أو حذف أو إضافة أي شئ آخر في هذه الدعوي، ولم يكن أمامنا سوي أربعة أيام فقط للمراجعة. سألت عن سبب هذا التأخير، ولكن الرئيس بوش كان قد سبق وأعلن علي الملأ عن موعد خطابي المزمع القائه في الخامس من فبراير، حسب جدول أعمال الأمم المتحدة والمعلنة سلفا.
وليكن، هكذا فكرت، “يمكننا مجابهة هذا التحدي”. فقد كنت منزعجا فعلا، ولكنني لم أصل إلي درجة القلق والتوتر. خاصة وأننا لا نبدأ من نقطة الصفر. فلدينا تقييم هيئة الاستخبارات القومية
– NIE
ووكالة الاستخبارت المركزية
– CIA
وبعض المواد الخام لأسلحة الدمار الشامل (عثر عليها المفتشون من قبل) التي يمكن الاستفادة منها. هذا من ناحية، من ناحية أخري لدينا سابقة مهمة وخبرة في التعامل مع هذا النوع من القضايا. نحن أمام لحظة مشابهة لما فعله السياسي الأمريكي المخضرم ” أدلي ستيفنسون ” في الأمم المتحدة خلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، عندما أثبت للعالم بما لا يدع مجالا للشك خطورة الصواريخ النووية التي حاول الاتحاد السوفياتي السابق نصبها في كوبا. (4)
انتقل موظفو مكتبي إلى وكالة الاستخبارات المركزية للعمل مع المدير ” جورج تينيت ” ونائبه ” جون ماكلولين “، والعديد من المحللين الآخرين. استمر العمل لمدة أربعة أيام وأربع ليالي، مع الدكتورة كوندوليزا رايس، وغيرها من المسؤولين في البيت الأبيض، وانضممت أنا أيضا إلى المجموعة.
قاعة المؤتمرات الرئيسية كانت معبأة بالأشخاص والأفكار. قضينا ساعة ونحن نناقش كل شئ بالتفصيل الممل، في محاولة للتوصل إلى أدلة إدانة قوية، مع الأخذ في الاعتبار، نبذ أي بند من البنود التي بدت مطاطة وغير محددة أو غير مدعومة بأكثر من مصدر.
بعض البنود التي رفضتها كانت تخص نائب الرئيس ” ديك تشيني “، الذي حثنا على لي ذراع الحقائق في اتجاه ما كتبه ” سكوتر ليبي ” عن طريق إضافة بعض التأكيدات (سبق ورفضتها) التي تشير إلي وجود صلات بين عراق صدام وتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وغيرها من الأعمال الإرهابية في عقد التسعينيات من القرن العشرين. علي الرغم من أن هذه التأكيدات التي أرادها كل من ” تشيني ” و ” ليبي ” لم تكن مدعومة من قبل تقارير أجهزة الاستخبارات الأمريكية التي كان يعتقد أن تقف ورائها.
انتهت مهمتنا عمليا في نيويورك في الليلة السابقة مباشرة علي ذهابي إلي مجلس الأمن. وبذل موظفو مكتبي جهودا شاقة حتي وقت متأخر من الليل، وراجع ” تينيت ” و ” ماكلولين مسودة الخطاب كلمة كلمة.
في صباح اليوم التالي، تحدثت لمدة ساعة ونصف الساعة في مجلس الأمن، وأذيع خطابي على الهواء مباشرة إلي جميع أنحاء العالم. كان يجلس ورائي من جهة اليمين ” جورج “. واعتقد أن هذه اللحظة الحاسمة كانت أهم من لحظة ” أدلي ستيفنسون “، وانطباعي العام هو أن الأمور سارت على ما يرام. فقد أيد موقفنا وزيري خارجية بريطانيا وأسبانيا. وعارضه وزير خارجية فرنسا… وهو ما كنا نتوقعه. وهو نوع من التوازن، ساعد كثيرا في جعل حجتنا أمام العالم تبدو قوية.
بدأت الحرب بعد ستة أسابيع من هذا الخطاب، ووصلت قواتنا بغداد في 9 إبريل – نيسان. في الأسابيع الأولى لم يتم العثور على أسلحة الدمار الشامل. في الأسابيع التالية، وبينما كان مئات المفتشين تجوب أرجاء العراق. تم العثور على حطام وبقايا هنا وهناك ذات صلة بما كنا نراهن عليه، ولكنها أجزاء لا قيمة حقيقية لها ولا يمكن أن تصنع منها أسلحة الدمار الشامل – قطع متناثرة ومبعثرة من هذه الأسلحة فقط. وكما يعلم الجميع، لم يعثر قط على أسلحة الدمار الشامل. ولم تكن هناك خطورة تذكر.
على الرغم من ان ” صدام حسين ” قد أحتفظ بالقدرة على البدء من جديد، فإنه لم يمتلك فعلا أسلحة دمار شامل يمكن ان يهدد الآخرين بها. (وكما هو متوقع، ووفقا لنظرية المؤامرة، فقد توزعت الإدعاءات ما بين أنه يمتلك هذه الأسلحة فعلا وهي مدفونة في مكان ما مجهول تحت الأرض، أو أنه قام بتهريبها سرا إلي الأراضي السورية، وكلها مزاعم لا أساس لها من الصحة).
على سبيل المثال: ذكرت وكالة المخابرات المركزية انه توجد شاحنات ” فان ” محملة بالأسلحة البيولوجية. فقد عثر علي سيارة ” فان ” عند إحدي نقاط التفتيش وتم تصويرها على ما يبدو لتتناسب مع أوصاف وكالة الاستخبارات المركزية
– CIA
للشاحنات البيولوجية بصفة عامة، وبالتفاصيل نفسها التي تم الإبلاغ عنها. وقد سارع الرئيس بوش آنذاك بالإعلان عن هذه الصور التي تثبت صدق مزاعمنا. ولكن عند دراسة موظفي الاستخبارات الأمريكية لهذه الصور، خلصوا إلي أن هذه الشاحنات لم تكن مختبرات للأسلحة البيولوجية أو حاملة لها، وأنا أيضا أتفق مع نتيجة هذه الدراسة.
كانت الشاحنة التي تم تصويرها تحمل مواد خام، ومكشوفة، ومتهالكة. ملامحها المشوهة تشبه منشأة متطورة لإنتاج الأسلحة البيولوجية. كان هذا هو التفسير الأقرب لأي شخص في العراق جاء لاكتشاف أسلحة الدمار الشامل أو التفتيش عنها.
على الرغم من أن الأمر كان واضحا أمامي وأمام الموظفين التابعين لي أيضا، وهو أنه ليس هناك من طريقة يمكن أن نتتبع بها الشاحنات المحملة بالأسلحة البيولوجية، فإنه بعد شهر واحد وصلتنا صور هذه الشاحنات، في كتيب من 28 صفحة قامن بنشره وكالة المخابرات المركزية لتؤكد حقيقة العثور علي هذه الشاحنات البيولوجية، وبإصرار.
خلال الأسابيع التالية، أطلعت شخصيا علي بعض المعلومات التي كانت وكالة الاستخبارات المركزية قد مررتها إلى الرئيس بوش، وهو ما دمر تماما مصداقية وكالة المخابرات المركزية ومصادرها المختلفة، وهو ما أصابني بالذهول.
كيف يمكن أن تصبح هذه الصور المزيفة دليل إدانة أو ” ماركة مسجلة “؟ كيف يمكن أن نقيم عدالة قضيتنا على هذا الكذب المدمر؟.. حيث يمكن أن تثبت الاستخبارات الأمريكية
– NIE
بسهولة – وفي أي لحظة – أن العراقيين يمتلكون مئات الأطنان من الأسلحة الكيماوية “، بل، وأنتجوا الكثير منها في العام الماضي”؟
في أغسطس – آب، بعد أربعة أشهر من سقوط بغداد، أعلنت وكالة الاستخبارات المركزية، وفقا لمصادرها أنه لم يتم العثور على أسلحة الدمار الشامل، وأنها سوف تقدم تقريرا رسميا بناء على المعلومات الجديدة التي توصلت إليها، وقد عين الرئيس بوش أعضاء لجنة مستقلة مكلفة التحقيق حول معلومات أجهزة الاستخبارات الاميركية التي دفعتها الى استنتاج وجود اسلحة دمار شامل في العراق. ويرئس اللجنة التي ضمت أعضاء من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، السناتور الديموقراطي السابق ” تشاك روب ” والقاضي الجمهوري المحافظ ” لورانس سيلبرمان “. وخلصت إلي أن أجهزة الاستخبارات قد فشلت فشلا ذريعا في الرصد والتحليل والنتائج. وكان تقريرها هو واحد من أسوأ الإخفاقات الاستخباراتية في تاريخ الولايات المتحدة.
الجميع يتذكر خطابي في الأمم المتحدة في الخامس من فبراير. الذي كان له تأثير هائل ونفوذ كبير داخل الولايات المتحدة وخارجها. فقد نجحت في إقناع الكثيرين بأننا كنا على ” حق ” ونسير علي الطريق الصحيح. وقد أسر لي بعض الأعضاء في الكونغرس – كنت قد أقنعتهم على التصويت لصالح قرار يدعم الرئيس في قرار الحرب علي العراق – وصوتوا بالفعل لصالح هذا القرار قبل ثلاثة شهور فقط من خطابي في الأمم المتحدة، لكن.. من يتذكر أي واحد من هؤلاء؟
حتى الآن، نادرا ما يشار إلى أن كل مسؤول أميركي بارز هو ” مسئول ” بالضبط وبنفس القدر عما حدث، أو أن العديد من هؤلاء المسئولين كانوا هكذا في الواقع، مما يجعل هذه الحالة على شاشات التلفزيون وفي مظهر العامة الأخرى. لقد كان الجميع على قناعة كاملة من قبل نفس الأدلة. ولا أحد منا يعرف أن الكثير من تلك الأدلة كانت خاطئة. لو كنا نعلم انه لا توجد أسلحة دمار شامل، فما كانت هناك حاجة للحرب.
لماذا فشلت وكالة الاستخبارات المركزية على نطاق واسع جدا، وكيف؟ لم يقرر لنا المحللون السياسيون ما ينبغي علينا أن نفعل وأن نعتقد؟ كان تم خداعنا بالمثل من قبل التضليل الإعلامي العراقي، وكان صدام حسين نفسه يريد منا أن نصدق ان لديه اسلحة الدمار الشامل، وبالفعل بلعنا الطعم وأقنعنا؟
في الحقيقة ليس لدي إجابات على هذه الأسئلة وغيرها، وكم كنت أتمنى لو أن لدي جزء منها.
أسئلتي لا تتوقف عند هذا الحد. لقد سألت نفسي مرارا وتكرارا عن نقاط الضعف في اقتصاديات التصنيع الحديث وغيرها من المسائل. وقرأت العديد من الكتب والمقالات في وقت لاحق، لمسئولين كبار عن صدمتهم من خطابي في الأمم المتحدة، وأنا أسألهم بدوري: أين كانوا مما كان يحدث وقتئذ خاصة في الشهور القليلة التي سبقت كتابة هذه المزاعم حول أسلحة الدمار الشامل ومن خلال الاستخبارات القومية
– NIE
وقبل أن تصل إلي الرئيس بوش في يناير 2003؟
نعم، لقد كنت منزعجا، وأنا مازلت أمر بحالة الانزعاج نفسها وخيبة الأمل، وكنت أعلم أنه علي أن أتعايش مع ” وصمة العار ” هذه. لقد أصبح خطابي في الأمم المتحدة والذي أقترن بالحرب علي العراق في أذهان الكثيرين، واحدا من اكثر اخفاقاتي جسامة، وهو اخفاق ذو تأثير أوسع نطاقا من غيره، لكنني كأي مسؤول أميركي بارز كنت سأفعل الأمر نفسه. يتملكني غضب شديد عندما يتهمني المدونون بالكذب – وبأنني كنت اعرف ان المعلومات كانت خاطئة. لم أكن اعرف.
ربما لو كان لدينا الوقت الكافي، أكثر من أربعة أيام، لكان قد تم الكشف عن نقاط الضعف. وربما ” لا “.
في محاولة للتغلب علي الفشل سريعا، حاول دائما أن تستفيد من التجربة والدروس المستقاة منها، واهمها اتباع هذه المبادئ التوجيهية: “حاول دائما أن تتجاوز الكبوة بسرعة. تعلم منها. وأمعن النظر في كيفية اسهامك فيها. وإذا كنت مسؤولا عنها، اعترف بذلك”.. وأبحث عن طريق جديد في الحياة.
كولن باول
هوامش المترجم
1- باربرا والترز
– Barbara Walters
هي أشهر مقدمة برنامج ” 20 ـ 20 ” في محطة ” أي بي سي ” الأميركية، وهي بلا منازع ملكة الحوار مع الرؤساء والملوك والزعماء، وأبرزهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وأختارتها مجلة فوربز في عام 2004 من بين أهم 100 امرأة مؤثرة في العالم.
2- مجلس الأمن القومي الأمريكي
– (National Security Council)
يعرف اختتصار ب
ـ NSC
هو مجلس تابع للرئاسة الأمريكية يختص بقضايا الأمن القومي والأمور المتعلقة بالسياسة الخارجية مع مستشار الأمن القومي ومجلس وزراء الولايات المتحدة وهو جزء من المكتب التنفيذي للولايات المتحدة.
3- جماعة الاستخبارات
– ((Intelligence Community
، تضم وكالة الاستخبارات المركزية
– (CIA)
وحوالى 14 جهاز استخبارات أخرى تعمل فى إطار هيئة التقديرات الاستخباراتية القومية
National Intelligence Estimate.
4- خلال أزمة خليج الخنازير، وفي 25 اكتوبر 1962 دخل المندوب الاميركي الدائم لدى الامم المتحدة العجوز المخضرم “أدلي ستيفنسون” قاعة مجلس الامن وسأل نظيره الروسي الشهير فاليريان زورين امام اعضاء المجلس وانظار العالم: «هل تؤكد انكم لا تنصبون صواريخ في كوبا؟» وعندما تردد زورين في الاجابة بحجة انه ليس في محكمة، «نصب» ستيفنسون أسلحته وكانت عبارة عن صور فوتوغرافية كبيرة التقطت بالاقمار الاصطناعية (لم تكن صور الليزر والكمبيوتر معروفة آنذاك) للصواريخ واماكنها والخبراء الذين يشرفون على ادارتها, اسقط في يد زورين وخرج قرار دولي موحد نجحت ارادة مجلس الامن في تطبيقه بالتوازي مع اتفاق غير معلن انجزه كل من شقيق كينيدي ومستشاره لشؤون الامن القومي مع موسكو.
المصدر ايلاف