الشرق الاوسط
قال الرئيس السوري بشار الأسد إنه أصدر أوامره إلى جيشه بالرد على أي اعتداء إسرائيلي جديد، وقال حزب الله إنه سيرد على أي عدوان إسرائيلي جديد، وأكد ناطقون باسمه أنه سيشارك في هذا الرد على «العدو».
وعلى الرغم من النفي، تفيد معلومات مؤكدة بأن إسرائيل قصفت مستودعات ومواقع عسكرية تابعة لبحرية الأسد، تضم صواريخ فائقة التطور مضادة للسفن، كان ناطق باسم الأركان العامة الإسرائيلية قد قال إنها ستقصف بسبب خطورتها على التفوق البحري الإسرائيلي في شرق المتوسط، بينما حذر ضابط في الأسطول السادس الأميركي منها وطالب بإيجاد حل لها قبل أن تدمر سفنه من مسافة 300 كيلومتر.
جاء الإعلان هذه المرة أيضا من جهة لا مجال لتكذيب أخبارها هي الولايات المتحدة، التي دأبت على الإعلان عن الغارات الإسرائيلية، قبل أن يؤكد ناطق عسكري إسرائيلي الخبر، ويعلم الشعب السوري أن الأهداف أصيبت، وأن التدمير كان كبيرا، وأن «جيشه البطل»، الذي يدمر بكل اقتدار مدنه وقراه منذ عامين ونيف، لم يسقط هذه المرة أيضا أي طائرة للعدو، ولن يفعل شيئا ضد المعتدين.
لم يعلن النظام أول الأمر عن وقوع الغارة. لقد ابتلع الضربة والإهانة هذه المرة أيضا، ثم نسبها إلى المعارضة، لأنه، لشدة جبنه وانعدام وطنيته، يخشى الالتزام بتبجحه حول الرد الذي سيأتي حتما في حال وقع عدوان إسرائيلي جديد، بناء على أوامر صدرت من الرجل الذي ما إن سمع الهتاف من أجل الحرية، حتى أمر بتدمير شعب سوريا ودولتها: «الفريق» بشار الأسد.
نظام الأسد لم ولن يرد، فلماذا لم يرد حسن نصر الله وحزبه؟ بعد غارة دمشق على مواقع الحرس الجمهوري، أكدت وآخرون أن الحزب لن يرد، لأنه دخل في الزمن الأسدي، زمن البحث عن مكان وزمان ملائمين للرد على اعتداءات العدو المحتل، فما ذنبه إن كان لم يعثر عليهما بعد، لأنهما غير موجودين وإلا لكان عثر عليهما «النظام المقاوم»، الذي يبحث عنهما منذ نيف وأربعين عاما؟ هل من الحكمة أن يندفع الحزب إلى مقاتلة من هم خارج أي زمان ومكان، بينما زمان ومكان القتال ضد عملائهم من «التكفيريين» متوافر داخل سوريا، حيث يجري خوضه انطلاقا من «وعد إلهي صادق»، التزم به نصر الله، جعل القتال يدور على قدم وساق، في الليل والنهار، ويغطي كل شبر من الأرض السورية، حيث لا توفر «المقاومة «الأسدية – الإيرانية» أي «تكفيري»، سواء كان عمره شهرا واحدا أم مائة عام.
قال الإسرائيليون بعد غارة دمشق ضد حرس الأسد إنهم لن يوقفوا ضرباتهم، وصدقوا. وزعم الأسد وحسن نصر الله أنهما سيردان على أي ضربة إسرائيلية جديدة، وكذبا. وبما أنهما اكتفيا من الرد بالكذب، حين نسبا الغارة الجوية إلى طيران المعارضة، فقد بقي جيش الأسد وحزب إيران غارقين في دماء السوريين، الذين انقلبوا بين عدوان وآخر إلى «تكفيريين»، وصار قتلهم الرد الأمثل على إسرائيل، كما أخبرنا نصر الله في خطبه، التي جعل شعب سوريا عميلا لها، وعدوا لا بد من قتله بالنيابة عن صهاينتها، ما دام قتل هؤلاء مستحيلا، بسبب البحث عن زمان ومكان مواجهتهم، حتى إن هم سددوا ضربات مؤلمة للأسد، وفعلوا ذلك في كل زمان ومكان يختارونه، من دون كذب وتبجح أجوف!
ثار السوريون لأسباب بينها سكوت الأسدية على اعتداءات إسرائيل وحماية احتلالها للجولان. يؤمن شعب سوريا بأن حكامه سلموا إسرائيل الجولان مقابل كرسي الحكم. هذا الإيمان لن يغيره انضمام حسن نصر الله إلى جوقة الكذابين الأسديين، خاصة بعد أن دخل بلادنا وهو يوجه بندقيته إلى صدور مواطناتنا ومواطنينا، ولم يخجل وهو يتبنى منطقا متناقضا يزعم أن قتال «التكفيريين» شرط لازم لمقاتلة إسرائيل، علما بأن كسر شوكتهم ليس بالأمر السهل، لأن الصهاينة يحمونهم ويمدونهم بالسلاح الضروري للقتال!
بانتظار غارة إسرائيلية جديدة، سيستمر قتل الشعب السوري، وسيبقى الإسرائيليون والتكفيريون في خير وأمان، وسنسمع أراجيف تتكرر على مسامعنا منذ نيف ونصف قرن، وسيتواصل بحث الأسد وتابعه اللبناني عن زمان ومكان وهميين، لن يعثرا عليهما في أي زمان ومكان!