موناليزا فريحة
من تعوّد رؤية روسيا من خلال ماكينة البروباغندا الرسمية، وجد في افتتاح دورة للالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي مفاجأة له. فمع ان الحدث بذاته يمثل حلماً لسيد الكرملين، كتب معلق روسي: “رأينا في شكل غير متوقع روسيا من دون بوتين”.
حقاً، شاهد نحو ثلاثة مليارات شخص حول العالم طوال ثلاث ساعات تاريخ بلد عريق ومتمدن ونابض بالحياة. لا أثر لبابوشكا تلتحف بشالها وتتمتم أغاني شعبية. لا فرسان روسيا مع سياط، ولا اشارة الى ستالين “المدير الفعال”، وخصوصاً لا تذكير بانتصار السوفيات على المانيا النازية. باختصار، لا أثر لكل تلك الرموز التي حرص بوتين على ترسيخها في المجتمع الروسي لكسب تعاطف مواطنيه وحمايتهم من موبقات العالم الخارجي.
بالطبع، لم يتخلّ الروسي طوعاً عن التباهي بانجازات الحرب العالمية الثانية. في ظل غياب انجازات روسية حديثة بحجم “الحرب الوطنية العظمى”، اقترح المنظمون الروس فعلاً “الجندي الروسي محرراً العالم من الفاشية”، فكرة لاحتفال الافتتاح، إلا أن اللجنة الاولمبية كشفت في اليومين الأخيرين انها هي التي رفضت رفضاً قاطعاً اي فكرة عن الحرب خلال الألعاب الأولمبية.
لم يكن بوتين ليفوّت طوعاً مناسبة كهذه من دون تذكير شعبه بـ”أجداده الذين سقطوا”. واذ اضطر الى ذلك، نجح في المقابل، في تمرير رسائل جانبية تنطوي على دلالات أكثر آنية.
وفقاً للتقليد، اختار المنظمون الروسي ثمانية اشخاص، كل منهم برع في مجاله، لحمل علم الاولمبياد بعد اعلان انطلاق الدورة الثانية والعشرين للألعاب رسمياً. بين الثمانية، كانت هناك أول امرأة رائدة فضاء والوحيدة حول العالم التي قامت برحلة فضائية منفردة. كان هناك أيضاً لاعب الهوكي الروسي حامل أعلى الألقاب كلها، والمخرج والممثل الروسي والسوفياتي الحائز جائزة اوسكارن كانت هناك مغنية السوبرانو. كان هناك أبطال وبطلات آخرون، وكانت ثمة مفاجأة واحدة. بين حاملي العلم، سارت المراسلة التلفزيونية أناستازيا بوبوفا التي ارتبط اسمها بالرئيس بشار الأسد.
كانت بوبوفا صحافية مغمورة الى أن قلدها الرئيس الروسي أواخر 2012 “ميدالية البسالة” لعملها في سوريا. واستحقت الصحافية الشابة تقدير بوتين عن شريط وثائقي صورته في سوريا في آب 2011، أي في ذروة الحملة الدموية في حمص وحماه، وقللت فيه حجم الاضطرابات في البلاد، ونوهت باستجابة الحكومة لمطالب المتظاهرين. وفي نيسان الماضي، عادت بوبوفا الى سوريا لتؤكد “أن المجموعات الارهابية المسلحة” هي من استخدم الأسلحة الكيميائية في منطقة خان العسل.
… من راهن على أن روسيا لن تعرقل خلال ألعاب سوتشي مشروع قرار في مجلس الأمن يتيح للمنظمات. فهو لو شاهدها لفهم رسالة بوتين الى مجلس الامن والعالم أسره.