عيد جلاء مجيد سوريا

عيد جلاء مجيد سورياsyrchild
اليوم اصبح عمرك يا أمي 69 سنة و ما 69 في عمر الشعوب .. جربنا عزيزتي و ما زلنا نجرب ان نكون شعب واحد في ارض واحدة ، و لم تعد المشكلة فقط بالوعي الوطني بل المشكلة اصبحت حالة عامة تمس القيم
مثلا العربي الذي يعتبر نفسه يواجه الفرس و يتحالف مع العثمانيين مستعيدا حروبا من قرون ولت
او الحروب المذهبية ما بين الشيعة و السنة و التي هي في الحقيقة حروب غاز و نفط و موارد و نفوذ لدول لا علاقة لنا كبشر بخلافاتهم اقصد ايران و السعودية…
و ما اكثر الوضع اهانة لعقولنا عندما يقف علماني مثقف بل مسيحي يساري يقول انا اقف مع اسلام اهل سنة السعودية لانه اصح من اسلام اهل سنة قطر و تركيا اي الاخوانيين .. المضحك اننا علينا ان نقتنع بخوض حرب على ايران و خوض حرب اخرى في ذات الوقت على قطر او على السعودية او تركيا او العكس !! كيف هذا ؟
كيف تكون علماني و تقف مع او ضد في موقف ديني مذهبي كهذا ؟ و عندما نشرح للناس بان العلمانية هي حيادية لا عنصرية لا اكثر و لا اقل و الله محب كريم .. نكفر من المؤمنين و نخون من العلمانيين ..الذين لم يخونوننا كسوريين بل خانوا مبادئهم و كم هم كثر.
نعم مشكلتنا عميقة مع اي دولة تتدخل في سوريا و هي عميقة جدا بذات الوقت مع النظام الحالي لانه زجنا في دوامة العنف و فتح ابواب سوريا على مصراعيها للحروب ، للارهاب الفكري المذهبي من جهة و الصراعات القومية من جهة اخرى، فالأن نسمع اصوات احقاد تاريخية و تسميات كنا ظنناها موجودة فقط في كتب التاريخ و المسلسلات الممنهجة اعلاميا و التي اثرت سلبيا على عقول جيل يقود الان الحروب القرون اوسطية ، جيل يرفض الحضارة و الواقع لأن الغرب أقصاه، لأنه ورث الحرمان على جميع الاصعدة و القهر و الشعور بأنه لا يملك مصيره …
الدواعش شباب الغرب المنحرفين الذين فشلت مناهج التعليم في كل انحاء العالم بدمجهم و نجحت الروايات التاريخية الدموية باستقطابهم على حساب حقوق المرأة و الأنسان و الارض السورية و العراقية و قريبا غيرها.
الأن الخطاب العقلاني المنطقي غائب تماما من كلام الأحزاب و الشخصيات الذين يقودون الشارع المعارض للنظام المتهاوي .. و هذا كارثة بحد ذاته
فلا يمكن ان يقنعني أحد بعلمانية السعودية و حسن نواياها تجاه أمرأة حرة مثلي و لا أحد بأمكانه أن يقنعني بعدالة و علمانية ايران و حسن نواياها تجاه أمرأة حرة مثلي ايضا و لا احد يمكنه ان يجعلني أثق بمشروع الاخوان و علمانية اردوغان و امير قطر .و حسن نواياهم تجاه حقوق الانسان …حقوق الانسان هي معيار الثقة.
ان المتصارعين كقيادات مجيشة و مسلحة من ذات المصانع الاميركية باسلحة يدفع ثمنها مواطنيهم الابرياء كلاهم متفقين على منع سوريا من الوجود كدولة علمانية ..
مطلوب مني و من غيري ان نخون قيمنا و مبادئنا و ان ندخل اللعبة السياسية من باب نختاره كما شئنا من بين كل تلك الابواب التي كلها تفتح على جهنم و كل الخيارات مدمرة و الخيار السوري مغيب مشلول …
اوباما سيد هذا العالم وحد بامكانه ان يقرر و قد يقرر السلام و قد يؤرقه ضميره بعد كل ما فعل فيشجع الخيار السلمي ربما لانه يساري و اليسار هو كالقلب اكثر حنية بقليل رغم كل شيء من “الكوي بوي” النفطي اليميني بوش مثلا .. و لكن الشعب الاميركي لن يقرر الا مصالحه الانية التي تمس بضرائبه و امنه و ليفنوا اطفال سوريا في سبيل ابتسامتهم فهم ليسوا اول و لا اخر اطفال يضحى بهم.. و بعد عامين بعد الانتخابات الاميركية القادمة ، غالبا ستقرر لوبيات مصانع الاسلحة اجتياح سوريا و االعراق و دمار المنطقة برمتها و ربما ستدعم اقامة امارات اسلامية في سوريا لتبرر محاربتها. بهذا تكون سوريا حقل تجارب لمصانع الاسلحة المدفوعة الثمن مسبقا من كل الدول النفطية الاقليمية التي تنادي هي ايضا بالاسلام و لكنها ليست متهمة بالارهاب مثل القاعدة او داعش .. مع ان الفكر العميق ذاته ان بحثنا جيدا و حقوق الانسان غائبة بتفاوت قليل.
في عصرنا السياسي ليس الاسلام هو الحل بل الاسلام هو المشكة لانه مستعمل كحجة تبرر قتلنا لاننا مسلمين و عدائنا و الحجة هي “من فمه ادينه “و امشي مصانع اسلحتي” .. يتم دعم التيارات الاسلامية السياسية المضللة و تقويتها من الغرب ليرتفع صوتهم النشاز فيعاديهم و يبرر الحرب عليهم امام الراي العام و القانون الدولي .. لماذا يحاربون داعش و لا يحاربون مموليها و لماذا يدينون داعش و لا يدينون تصرفات حكومة الملالي في ايران مع النساء و المجتمع .. انها ذاتها !
و هكذا سيكتب التاريخ هذا ان بقى هناك تاريخ هذا ان لم تمتد الحروب الى اوروبا او ابعد .. سيكتب بان المسلمين كانوا اغبياء في القرن العشرين و الواحد و العشرين و دمروا ذاتهم بذاتهم و رفضوا الواقعية و الحضارة و الحياة كغيرهم من البشر. رفضوا فكرة ان تكون دولهم حيادية تجاه معتقدات سكانها ، ادارية بتعاملها معهم منهجية جادة و لا علاقة للسياسة بالاديان التي كل يراها كما يراد له حاليا. ابوا المسلمين و اختاروا ان تكون دولهم عنصرية و تمييزية تجاه من هو غير مسلم.
عندما ارى نخبتنا المثقفة التي عرفتها منفية في باريس على مدى لا يقل عن ثلاثين عاما تناضل من اجل حقوق الانسان تباع اليوم و تشرى بين يدي تجار جهلة في سوق النخاسة العربي اكاد ابكي على حالنا ..
عندما اسمع احد السجناء القدماء اليساريين يقول من على قنوات العهر انا بامكاني ان اقبل بحكم اسلامي شرط ان يطبق الاسلام الصحيح اكاد انسى ان هذا المتحدث كان شيوعي من جماعة الترك و ناضل اربعين عام.. اشعر باني اسمع الغانية الشقراء تردد كلام من يمولها و يقيتها و يعيشها الحياة الفخمة التي لا تشبه حياة السجن الذي عرفه و احترمناه يوما ما لاجل نضاله فيه..
امنا سوريا يريدون قتلك و اقر باني منذ اربع اعوام في حرب خاسرة
فليس بامكاني ان اواجه الاعلام العالمي الممول بالبترودولار و لا قادة المعارضة السورية المتنازعة على مقعد وهمي على قناة تلفزيونية و تتدعي العلمانية و من انا لاواجهة السلطة الاخوانية الممولة المتنفذة اميركيا..
من انا لارفض خير قطر و خير السعودية و دعم الفرنسيين و لاقول لروبير فورد انت مخطئ و لاقول للاخوان لا و لتركيا الف لا و في ذات الوقت اجرم النظام و ادينه سرا و علانية ..
من انا لاقول للجيش الحر انت لم تتكون جديا و لم يسمح لك بان تكون حر بل انت تغطي لعبة لا سورية.. من انا لاقول لحمص انت التي خنتيني و تاسلمتي بمال الاغاثة و انا لم اخون العهد ..
انا صغيرة جدا على مواجهة كل هؤلاء ووحيدة مثلك … رغم هذا مازلت مؤمنة ببقائك و ساناضل لكي لا تتلاشى احلامي ببقائك علما ان جهدي قد يذهب سدى الرياح
كل عام و انت بخير و جلاء مبارك رغم كل شيء ..

About لمى الأتاسي

كاتب سورية ليبرالية معارضة لنظام الاسد الاستبدادي تعيش في المنفى بفرنسا
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.