على فنجان قهوة تبادلنا الآراء حول مستقبل الثائرات العربيات.
كل الدعوات مكررة. الوطن يناديكم. الحزب. الإسلام يناديكم. وتهب الفزعة بالصدور فينزلن للميادين. يشاركن بالثورات.
أما المصير فليس محصوراً على العربيات بل حتى الغربيات. أثناء الحرب العالمية حين خلت المدن الأوروبية من الرجال المنشغلين بساحات المعارك. التفتت البلدان للنساء حبيسات المنازل وسمح لهن بالمشاركة العامة.
الشىء ذاته بكل مكان، المرأة العربية التى شاركت بالتحرر من الاستعمار، أعادوها رغماً عن أنفها إلى المنزل.
فى لبنان لا تصل المرأة للبرلمان إلا بثياب الحداد. إما أرملة لسياسى مغتال أو يتيمته أو أخته. لبنان الحر مجتمعيا الذى تتباهى فيه النساء بحقوقهن مازالت تعميه غشاوة ثقيلة من التركة الذكورية.
لكن أن تعاد الكرة من جديد فأمر غريب. الربيع العربى نادى المرأة، ثوراته لم تكن لتنجح لولا أعداد نسائية هائلة شاركت به. ضربن. سحلن. اعتقلن. اغتصبن. أنواع من العذابات. فكيف تكون النهاية عودتهن للمطبخ.
سألته: لم لا يخرجن بثورات مماثلة من أجل حرية المرأة؟
أجابنى: من خلال سؤال عدد من اليمنيات والعربيات عرفت أن المرأة لا تستطيع أن تتحرر بسهولة.
– إن كانت قوتها وجرأتها أسقطت الحاكم الأكبر بجبروته وبوليسه ألا يسهل عليها التحرر من الحاكم الأصغر؟
قال: ستستغربين حين تعلمين أن كثيرات قلن لى ليس أعقد على المرأة العربية من التحرر من الحاكم الصغير. سهل عليها رفع لافتة يسقط الحاكم. لكن الأصعب التحرر من غطرسة زوج أو أخ أو تسلط أب أو تحكم قبيلة، فبنظرها لن تشعر بالأمان إن فعلت ذلك وستتحول إلى كسيرة.
– لذا تبقى تابعة فى فلك الرجل. حتى بثوراته.
لا أصدق ما أسمعه. الرجل المتغطرس، الأب المتسلط الذى يضربها ويحرمها التعليم أو الزواج أو يجبرها على الزواج. الأخ العنيف.. هؤلاء كيف تنصبهم المرأة مصدراً للأمان؟ كيف تحسبها؟ وما مفهومها للأمان؟ ثم إن العقود الإنسانية فى هذه المنطقة بين الرجل والمرأة أبعد ما تكون عن تحقيق الأمان والاستقرار والمساواة التى تمشى تطالب بها الحاكم فى الميادين. فما هذا التناقض الصارخ.
أن تشتم الحاكم المستبد متمسكة بحاكم أكثر استبدادا!
أن تخرج لإحراق صورة حاكم ظالم وتتبع فى مشيتها حاكماً آخر يوجه لها قسوة وظلما يوميا مباشرا.
قال لى: لن تصدقى أن كثيرات من الثائرات يعانين عنفا منزليا لفظيا أو معنويا أو غيره، وقد يتعرضن لضرب مبرح، ومع ذلك تدعم ثورة رجلها العنيف ومصدر أمانها.
– كيف يتساوى العنف والأمان؟ وهل تقول إنها قد تقتل وتسحل فى الشوارع إنقاذا لكرامة المواطن الرجل الذى غبنه النظام لا إكراما لكرامتها؟
– هى ترى أن كرامتها مستمدة من كرامة الرجل.
– بنفس المنطق المتخلف. لما لا تستمد كرامتها من كرامة النظام السياسى الذكورى وتبقى تحت ظله تعيش (عنفاً آمناً).
– قلت لك: المسألة بنظرها لا تتعلق بها فقط بل به أيضا. بكرامته بإحساسه بالظلم.
– هى غير مقتنعة بالاستقلال. بدليل أنها تعود إلى المطبخ بمجرد انتهاء أى ثورة. بمنتهى البساطة. بدون طرح أسئلة.
بدليل أنها لم تفكر يوماً بالجلوس مكان الحاكم السابق.
*نقلا عن “المصري اليوم” المصرية