مفكر وكاتب عراقي
بعد أن أشعل نظام الملالي النار في المنطقة بأكملها يهدد رفسنجاني بقوله ” إن الدول العربية بدأت تلعب بالنار”!
إستغرب الكثير من السياسيين والمحللين العسكريين والمثقفين العرب من الدبلوماسية الناعمة التي إنتهجتها المملكة العربية السعودية تجاه دبلوماسية العجرفة والغطرسة الإيرانية، وأعتبر البعض إن الدبلوماسية الناعمة إنما هي تعبير عن عجز أو خوف من المارد الإيراني الذي يتضخم يوم بعد بسبب الميوعة العربية التي كانت تمنحه فياغرا منشطة جعلته الديك الوحيد في سلة المنطقة.
الحقيقة إن الموقف العربي بشكل عام والسعودي بشكل خاص، علاوة على حالة التجمد التركي كان لهما أثر فاعل في تفاقم ظاهرة التوسع والإستيطان الإيراني في المنطقة وإنفرادها بالساحة. وهذا ما يتوضح من خلال تصريح نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، العميد حسين سلامي” بات من المستحيل إجراء أي توازن أمني أو سياسي في الدول الإسلامية دون الحصول على موافقة إيران”. وذكر الجنرال محسن رضائي أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني” إن انعدام الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط إثر الأحداث التي شهدتها الساحة السورية والعراقية واللبنانية واليمنية والأفعانية، زادت من أهمية وقيمة إيران في منطقة الشرق الأوسط، فإيران أصبحت اليوم لاعباً إقليمياً لا يمكن تجاهله في تحديد مصير كافة الأحداث التي تشهدها المنطقة”، (موقع تسنيم للحرس الثوري الإيراني).
سوف نستشف من قوة التصريحات الإيرانية ضعف الموقف السعودي الذي لم يجرأ على الردٌ عليها رغم جسارتها التي طالت سيادة البلد وكرامة النظام والشعب على حد سواء.
بلا شك ان السعودية بعد أن أفل العراق القوي وتحول إلى كانتونات طائفية وعنصرية هشة، كان يفترض بها أن تملأ الفراغ بدلا من أن تتركه سائبا أمام نظام ولاية الفقيه، سيما إن علاقاتها مع الولايات المتحدة كانت حينها أصفى من العسل، ولكنها إتخذت موقفا شاذا من الصعب تفسيره أو تبريره مهما تعاظمت الأسباب، لأن النتيجة تجاوزت الحسابات الجغرافية والسياسية والإقتصادية، كانت كارثة حقيقية لأن أذرع الأخطبوط الإيراني إمتد من العراق الى لبنان وسوريا واليمن وأخذ يهدد البحرين والكويت والأردن وشرق المملكة نفسها. كما إن خضوع ممرات النفط الرئيسة ـ باب المندب ومضيف هرمز ـ لهيمنة إيران ليس مقبولا لا عربيا ولا إقليميا ولا دوليا.
تجاوزت أحلام الولي الفقيه احلام جده كسرى بكثير، في باديء الأمر أقتصرت تصريحات الهيمنة على العراق ولبنان، ثم تبعتها سوريا، واليمن، والأردن، وتقدم رحيم صفوي مستشار المرشد الأعلى خطوة للأمام مدعيا إن حدود بلده تمتد إلى شواطيء البحر الأبيض المتوسط، وأخيرا وصلت إلى القطب الشمالي بموجب نظرية وهم القوى والتخلف العقائدي! فقد حذر ممثل الولي الفقيه في فيلق القدس(علي شيرازي) من أن الجمهورية الإسلامية لن تهدأ حتى ترفع علم الإسلام فوق البيت الأبيض الأمريكي”! ( موقع ديغربان). وأكد أن النفوذ الإيراني سيتصاعد في الدول الأفريقية في المستقبل القريب!
ماذا بقي بعدّ! لم يعد سوى الإدعاء بأن السماء ساسانية الأصل! علما أن جميع مناطق النفوذ الإيراني كالعراق وسوريا ولبنان واليمن هي غير مستقرة سياسيا ومهددة بالإنهيار والتقسيم، بمعنى إن هذا النفوذ غير دائم وآيل للسقوط حتما، والمغامرات الإيرانية أشبه ما تكون بإسطورة سيزيف، لا أمل يُرتجى منها بل على العكس، سوف تنهك المنطقة وإيران نفسها، وتزيد العبء على الشعب الإيراني الذي تتبدد ثرواته ودمائه على تصدير الثورة البائسة، وهناك شواهد تأريخية كثيرة تؤيد صحة كلامنا.
عندما يطالع القاريء مشتريات المملكة السعودية من الأسلحة وما تملكة من تقنية عسكرية متطورة يستغرب من ضعفها تجاه عنجهية ولاية الفقيه، فقد أشارت الكثير من المصادر بأن مشترياتها لهذا العام ستصل إلى حوالي (90) مليار دولار مقابل (60) مليار دولار أنفقتها في العام الماضي على ترسانتها من التسليحية، كما إنها طورت سلاح البحرية بشكل يتوافق مع قواتها الجوية والبرية بعد أن أنفقت عليه ما يقارب (30) مليار دولار. بلا شك القوة العسكرية تدعم القوة السياسية وتنعكس على كيفية التعامل الدبلوماسي مع بقية الدول، وهذا شأن بقية دول العالم إلا المملكة! فقد إتسمت مواقفها بالضعف والتذبذب تجاه التهديدات والتوسعات الإيرانية، ولم تستفق إلا بعد كابوس باب المندب الذي أثار فزعها. عندما تجاهل الحوثيون تحذيرات المملكة من مغبة الإمتداد إلى عدن، ولكن يبدو أن اول ما تعلمه الحوثي من وليه الفقيه هو الغرور الأعمى والغطرسة الفارغة، بل وصلت به الوقاحة إلى تهديد المملكة بقلب النظام كما صرح أحد أزلامه.
بلا شك إن تجاهل التحذيرات السعودية من قبل الحوثيين دق ناقوس الحرب، فالتوسع الحوثي الخطير، وضرب شرعية النظام الحاكم في اليمن، ومحاولة السيطرة على باب المندب يعني الضعط بشدة على رقبة المملكة بل خنقها، ولو تبصرنا قليلا ولاحظنا أبعاد السيطرة الإيرانية على مضيقي هرمز وباب المندب لعرفنا حجم الكارثة التي ستتعرض لها المملكة. الحوثيون هم من اقزام الولي الفقيه في إيران سواء كان ذلك من خلال تصريحاتهم المعلنة أو من خلال تصريح ساداتهم في طهران، ومثل هؤلاء لا أمان معهم وهذا واقع حال. وقد حذر الأستاذ عبد الله النفيسي بقوله “عدم التفكير بالتعايش مع الحوثي، لأنه طابور إيراني وقيادته في طهران، ويمثل أجندة إيرانية”.
نظام الملالي وضع النقاط فوق الحروف ولكن السعودية لم تحسن قرائتها.
صرح الجنرال حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري الإيراني في 31/12/2014 ” إن تغير موازين القوى الذي تشهده المنطقة يصب في مصلحة الثورة الإسلامية الإيرانية، بوجود جيوش شعبية مرتبطة بالثورة الإسلامية في العراق وسوريا واليمن، يبلغ حجمها أضعاف حزب الله في لبنان”. مضيفا ” أن جماعة أنصار الله التابعة لجماعة الحوثيين في اليمن يمارسون الآن دورا مثل دور حزب الله في لبنان، بفضل اتخاذهم قيم الثورة الإسلامية نموذجاً”. كما صرح الفريق محمد علي عزيز جعفري القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني على الموقع الرسمي للحرس الثوري الإيراني المسمى (سباه نيوز) بأن بلاده ” أحيت ثورة البحرين، ونفخت روحاً جديدة في الثورة اليمنية، كما أن إيران استطاعت أن تظهر كقوة كبيرة مسيطرة في سوريا والعراق والبحرين واليمن”.وأعلن مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي إن ” ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية، وأن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية”. وقال نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي إن “جماعة الحوثي تعتبر من إحدى نتاجات الثورة الإيرانية”. هذه التصريحات تؤكد تبعية الحوثيين لولاية الفقيه رغم التباين المذهبي بين الطرفين.
بل طفحت الوقاحة الإيرانية بأن يعلنوا” إن مناسك الحج تعتبر مناسبة هامة للتواصل والتعرّف على كافة المسلمين في العالم، وخاصة المسلمين السنة من الدول العربية، ومنذ عدة سنوات بذلنا جهدا كبيرا لنشر الوعي والترويج للثورة الإيرانية الإسلامية بين المسلمين في الحج. وإذا أستثمرنا ظروف الحج بشكل صحيح، نستطيع أن نحقق مكاسب مهمة وكبيرة هناك. فنحن الإيرانيون نستحق ونستطيع أن نمثل ثورتنا سياسيا ودينيا واجتماعيا بين المسلمين، وأن نطرح عليهم هذه المسائل والقضايا الهامة في الحج، ليتم نشرها بين عامة المسلمين هناك”.
كما صرح مهدي طائب مسؤول مقر عمار الاستراتيجي للحروب الناعمة الإيراني التابع لمكتب خامنئي ” نعرب عن فرحتنا في أزمة تغيير تركيبة الحكومة السعودية بسبب وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز في حال أن المملكة العربية السعودية والمنطقة تمر بأزمة، وزعم أن تغيير الإدارة في السعودية سيفاقم الأزمة في المملكة ويقوض قدراتها”. أليس من الغرابة أن يحلٌ التشفي محل المواساة في دولة تتسمى بالإسلا؟ هذا الوضع المنحرف لم تشهده العلاقات الدبلوماسية بين دول العالم.
نظام الملالي من توجيه الإتهامات إلى إعلان الحرب!
حمل نظام الملالي السعودية مسؤولية الإرهاب والأزمات التي يتعرض لها العراق، في الوقت الذي حملٌ فيه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي نظام جزار دمشق هذه المسؤولية بأدلة دامغة كما ذكر، في وقت لاحق حملوا تركيا وقطر نفس المسؤولية! فقد ذكرت وكالة تسنيم الدولية للانباء التابعة للحرس الثوري الايراني” تشكلت غرفة عمليات تشرف عليها المخابرات السعودية لتصعيد العمليات في الساحة العراقية، ودعت أن مخابرات النظام السعودي تقيم غرفة عمليات للاشراف على الجرائم التي ترتكبها مجموعات تعمل لصالح هذا النظام وبتمويل منه. أن النظام في المملكة يضخ باستمرار السلاح والمرتزقة الى الساحة العراقية، وأن أمراء من العائلة الملكية يشرفون شخصيا على ما يتعرض له العراق من أعمال ، تستهدف تقسيم هذا البلد بعد تخريبه وتدميره”.
ثم أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري خلال كلمة ألقاها في مقر قدس بمحافظة أصفهان حربا بكل صراحة على دول الخليج، نستشف من خلاله إنه يعني دول الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص بقوله” إن إيران سوف تدخل في حرب شاملة مع الدول العربية المعادية للثورة الإسلامية الإيرانية في المنطقة”، ( موقع عماريون التابع للحرس الثوري الإيراني). من المعروف إنه ليس في المنطقة أعداء لإيران سوى أنظمة الخليج العربي. وقال أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، الجنرال محسن رضائي” سوف يُشكل حزام ذهبي يشمل كلا من إيران وأفغانستان وسوريا والعراق، وسيكون هذا الحزام الذهبي حساسا وهاما خلال السنوات الـ 10 القادمة، لأنه في حال أصبحت أي من هذه البلدان قوية فإنها ستكون لها الكلمة الأولى من بين 20 دولة مجاورة لها”. من جهة أخرى وصلت قوات إيرانية الى اليمن للمشاركة في القتال مع الحوثيين قبل الرد السعودي الأخير، وباشرت هذه القوات بالقتال، فقد أكد رياض ياسين وزير الخارجية اليمني خلال لقائه مع قناة (العربية الحدث) بأن ” إيران بعثت قوات عسكرية لها تمكنت من دخول اليمن، لدعم جماعة أنصار الله الحوثيين، وهو ما اضطر الدولة اليمنية للجوء للدول العربية”.
هذا علاوة على الخطابات الدينية التحريضية التي صاحبت التهديدات العسكرية، فقد صرح مير أحمد حاجتي، مدير الحوزة العلمية في محافظة خوزستان” نحن اليوم في إيران نحصد نتائج هذه الخطة والتنبؤات التي تبناها الخميني للمنطقة”، بحسب تعبيره.وأشار المعمم إلى أن “أعداء إيران خسروا المعركة في مواجهتنا بمنطقة الشرق الأوسط، ونحن اليوم منتصرون في سوريا والعراق واليمن ولبنان”، ( موقع رهايب نيوز الرسمي الإيراني في14/8/2014).
وفعلا ترجم نظام الملالي تهديداته الى هجوم فعلي بواسطة أقزامه الحوثيين، فقد أشار المتحدث العسكري باسم عاصفة الحزم يوم28/3/2015 ” رصدت القوات السعودية تحركات لميليشيات الحوثيين باتجاه الحدود السعودية، فقامت القوات الجوية على الفور بقصف هذه الميليشيات لنمنعها من التقدم وإفشال محاولتها لاختراق الحدود السعودية”. ومن المؤكد إن هذا الهجوم لن يكون الأول والأخير، سيما إن فصائل من شيعة العراق ولبنان الموالية لنظام الملالي أعلنت عن رغبتها بالمشاركة في الحرب ضد السعودية. فقد ذكرت مصادر لبنانية ” أن عناصر “حزب الله اللبناني الشيعي وصلوا قبل أسبوعين إلى اليمن، وعملوا في قيادة المعارك التي خاضتها قوات جماعة الحوثي، ومنهم مدربون متخصصون في تدريب المليشيات على حفظ المواقع التي يتم السيطرة عليها، بحسب”. (المصدر يمن/ 24). من المعروف إن التهديد بإستخدام القوة من قبل دولة ضد دولة أخرى يعد عدوانا في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. لأن التهديد قد يؤدي إلى نفس النتائج المترتبة على العدوان، وهذا يعطي المملكة الحق في الرد على التهديدات الإيرانية بإعتبار إن إيران هي التي بدأت العدوان.
علي الكاش