سأحكى لكم إخوتى وسادتى عما رأيته اليوم فى احدى المصالح الحكومية وهو ما اعتبرته عجبا عجابا .
قمت بزيارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بميناء الدخيلة بالإسكندرية – هل هناك توضيح للعنوان أكثر من هذا ؟ – لأغراض عملية . وتوجب علي أن أصعد للدور الثالث فى المبنى الضخم المكون ربما من ستة طوابق .
استعملت المصعد وذهبت إلى الأستاذ “فلان” بسؤالى وغرضى ثم مررت فى الردهة الطويلة العريضة متوجها إلى موظف آخر لأرى ما لم أره فى أى مكان آخر فى مصر بل والعالم .
هل كانت “مصلية” كبيرة واسعة تلك التي رأيتها ؟
وما الغريب فى هذا ؟ ….. إن مصالح حكومية كثيرة جدا بها “مصليات” مفروشة بسجاد للصلاة فيما لا يعد للرائي شيئا غير مألوف مع العلم بأن الموظفين قد يقومون للصلاة فى وقتها دون أن يكون هناك “مصلية” لها بابها الخاص وفرشها الخاص حيث عادة يفرشون سجادات الصلاة فى مكان معين ثم يقومون بطيها وحفظها بعد أداء الصلاة .
إلى هنا لا شىء غريب ….. غير انى – فاغرا فاى – رأيت مكبر صوت ضخما مما يعلق على مآذن المساجد معلقا فوق باب “المصلية” ومتوجها نحو الصالة الكبيرة الواسعة حيث يوجد الموظفون والمواطنون …..
جزمت رأيى أن ما رأيته إذن ليس مجرد غرفة مغلقة فى الطابق الثالث لمبنى حكومى تم تحويلها إلى “مصلية” بل هو مسجد واسع كبير له بابه وفرشه ومكتبته وميضته ( التى هى دورة المياه المواجهة للمسجد فى الناحية الأخرى )
ولما أبت الرغبة فى ألا ينقص المسجد شىء مما هو أساسى فى المساجد تم تركيب مكبر صوت كبير على بابه ….. ربما يحاول أحدهم فى وقت لاحق بناء “مأذنة” لنفس المسجد تخترق الطوابق الأعلى ثم تصعد لعنان السماء .
لكم رأيت موظفين حكوميين يقومون برفع الصلاة “بصوتهم” العادى الذى يستطيع كل زملائهم المحيطين بهم سماعه أما أن أرى مكبرا للصوت معلقا فوق باب صالة واسعة تم تخصيصها مسجدا فى الدور الثالث لمبنى حكومى فهذا ما لم تره عينى ولم تسمع به أذنى ولم يخطر على قلبى من قبل .
أستطيع الجزم انه لا حاجة لمكبر الصوت هذا على الإطلاق ولا أستطيع تخيل كيف يمكن استعماله للوصول بصوت الداعى للصلاة إلى مكاتب الموظفين …. !
أثناء خروجى “صليت” إلى الله فى سرى بدون صوت داعيا اياه أن يسخر شخصا عاقلا يأخذ على عاتقه إزالة مكبر الصوت هذا من فوق باب مسجد الطابق الثالث …. !
أنطون رمسيس
عزيزي ، عندما يفشل الانسان علميا واخلاقيا، انتاجيا ومتعه بعمله، عندما يعيش مهمش كقارض قذر، لا يشبع ماديا ولا روحيا ولا انسانيا، عندما وجوده وعدمه في الحياه سواء ماذا تنتظر منه الا هذه الاعمال القدريه التي لعل وعسى تحسن احواله الميؤوس منها دنيا واخره ،وقد تجد له مكانا في خريطه الحياه وهي بالتاكيد لن تجد الا واقعا مستقبليا اشد اظلاما.
نعم حقا .