طلال عبدالله الخوري 31\8\2016 © مفكر حر
كما إعتدنا بمقالاتنا, نحن ننظر الى اي صراع او عمل إرهابي في اي بقعة من العالم على انه بالنهاية عبارة عن حرب بالوكالة او رسائل موجهة بين القوتين الجبارتين العالميتين: المخابرات الروسية ” كي جي بي” من جهة, والأميركية ” سي أي ايه” من جهة اخرى, في حربهما الوجودية التي تنتهي فقط بقضاء احدهما على الأخر, لأنهما لا يستطعا ان يتعايشا, وهما في سباق محموم على السيطرة على كل شبر من الكرة الارضية, ووصلت المنافسة بينهما الى الفضاء وحروب الاقمار الصناعية والوصول للكواكب الاخرى والسيطرة عليها .. وقلنا بأن جميع البلدان الأخرى غير قادرة اقتصاديا او تكنولوجيا على تمويل مثل هذه الحروب وخوضها, وستنهار لو لم يأتها الدعم من احدى هذين الجبارين, ولكن هذا لا يمنع من وجود اطراف اخرى تدور في فلك هذه الجبارين وتكون سياستها تصب في النهاية لصالح هذا او ذاك.
يخطأ من يظن بأن الاقتصاد التركي ازدهر بسبب حكم أردوغان الاسلامي الاخونجي!! ربما يعود الفضل له بتخفيف حجم الفساد, ولكن قوة الاقتصاد التركي تأتي من عضويته بالناتو, وفتح الغرب ابوابه للاقتصاد التركي, فكون تركيا على حدود روسيا, وحاجة اميركا لقواعد عسكرية هناك, وتمويل هذه القواعد وتوظيف عشرات الالاف من العمال والجنود والضباط الاتراك.. كله ساهم في ازدهار الاقتصاد التركي.. وعند قطع هذه الميزات عنها فستعود تركيا دولة باقتصاد مماثل لمصر او باكستان على الأكثر … ولكن للاسف أردوغان الاخونجي يظن نفسه اكثر من ذلك, كما فعل الولي الفقيه خميني ايران, ويريد حجما دوليا اكبر مما يستحقه, ومن الطبيعي ان لا يوافق احد بأن يأخذ اكثر مما يستحقه, فالشعب الاميركي يعمل ويعرق وينتج الافضل بالعالم .. ويدفع مليارات الدولارات من الضرائب للحكومة, من اجل ان يعيش بأمان, وعندما يلتف أردوغان على الناتو ويتقرب من المعسكر المعادي للشعب الاميركي, فيحق عندها للحكومة الاميركية التي تمثل المصالح القومية للشعب الاميركي ان تمنع هذه المزايا الاقتصادية عن تركيا, وعندما تحارب تركيا الى جانب الروسي والمصالح الروسية, عندها تركيا تحارب ضد الشعب الاميركي ومصالحه, ويحق له بالرد على هذا الاعتداء التركي على الشعب الاميركي بكل الطرق المتاحة, الاقتصادية والسياسية والعسكرية.. الموضوع بهذه البساطة, فتركيا مثل معظم دول العالم, لا تستطع ان تكون دولة حيادية, لان اقتصادها وامكانياتها ضعيفة ويتحتم عليها ان تكون ضمن فلك احدى هاتين القوتين الجبارتين, وإذا اختارت ان تحارب مع احداهما فهي تحارب ضد الاخر وبكل بساطة يحق للاخرى ان ترد.. اردوغان ومستشاريه السياسيين يعلمون ذلك, وقد حاولوا تجنيب بلدهم الانزلاق في المستنقع السوري طوال مدة 6 سنوات, وقد دفع الشعب السوري وبالاخص الحاضنة الشعبية الموالية لأردوغان ثمن هذا التخاذل التركي من دماء ابنائهم, بعد ان ورطهم ووعدهم بالدعم, ولكنه خانهم وفضل المصالح الاقتصادية التركية ومصالحه الانتخابية على دمائهم.. ولكن بالنهاية لم يستطع الصمود دون الانزلاق اكثر من ذلك, فقد انزلق واختار ان يحارب الى جانب المصالح الروسية, هذا يعني بشكل اتوماتيكي ضد المصالح الاميركية!! التي افضالها على الشعب التركي وزدهار اقتصاده.. هذا يعني بان الحرب السورية بالوكالة ستستمر لعقود قادمة, وان الاقتصاد التركي سيبدأ بالتراجع, وان الدم التركي سيراق, وستكون هناك صراعات داخلية الى جانب الخارجية, وكل طرف سيلعب بما يملكه من اوراق!! والاوراق كثيرة, فهناك: الاكراد, داعش, القاعدة والنصرة, الجيش الحر, الجيش الايراني والجيش الروسي والجيش السوري التابع للنظام وحزب الله .. الخ.. اي ان هناك مستنقع يكفي للجميع ويتسع لاغراق تركيا بكل سهولة … فلا تقلوا غدا بأنها مؤامرة خارجية اميركية امبريالية ضد الاسلام.. في مثل هذه الحروب الدين لا يكون فيها الهدف وانما الوسيلة, فأميركا دعمت تركيا الاسلامية ضد اليونان وقبرص المسيحيتين, لان مصالحها مع تركيا حليفتها بالناتو, وضد اليونان الارثوذوكسية المتحالفة مع روسيا عدوة اميركا.
تنبؤاتنا للوضع التركي: اما سيكون هناك انقلاب ناجح ضد حكم اردوغان الاخونجي لتعود تركيا الى حضن الناتو كما كانت, او انها ستغرق وتمزقها الحرب الاهلية كما في سوريا, ولا حل ثالث بينهما … واعذر من انذر.
خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟
١: سيبقون المُلا أردوغان في حيرة من أمره لدرجة أنه سيحتار ماذا في النهاية ماذا تريد أمريكا خاصة بعد زوال الفاشل أو بالأحرى عدو أمريكا أوباما الذي أفشل إنقلاب ال CIA ، وسيقول نفس مقولة صدام (وغدر الغادرون) متناسيا حماقاته وكبريائه ؟
٢: عملية درع الفرات ماهي ألا لإشغال الجيش التركي بعيداً عن أنقرة وإسطنبول لحين ترتيب وضعه الداخلي الذي لم ولن يترتب ، وما الضوء الأخضر له بدخول جرابلس ألا لتوريطه في المستنقع التركي ؟
٣: صراعه مع الأكراد لن يجديه نفعاً ، لان ستراتيجية حزب العمال الكوردستاني المقبلة ستكون نقل الحرب الى داخل المدن التركية وضرب السياحة ورموز النظام الأردوغاني خاصة بعد التحاق المئات من العسكرين الأتراك بهم ومن رتب عالية طلباً للحماية من بطشه ؟
٤: وأخيراً …؟
وضع المُلا أردوغان يشبه وضع مجرم مطلوب حياً أو ميتاً للعدالة ، ويكفي أن ال CIA قد نجحت في وضعه فيه لكي تدفعه الى أرتكاب المزيد من الحماقات لحرقه مع تركيا ، وبطشه بجيشه وشرطته وقضاته أول المسير ، سلام ؟