ايليا الطائي
الصورة رقم 1 : عملة الملك الساساني خسرو الثاني ضربت في مدينة شيراز عام 620م (29 لحكم خسرو الثاني) ، ويلاجظ ظهور عبارة (افزوت) وهي مكتوبة بالفهلوية في هامش وجه العملة ، وكلمة (افزوت) تعني (الزيادة والبركة وكذلك تأتي بمعنى المدد) .
الصورة رقم (2) : بعد ظهور الدولة العربية بشكل واسع بعد عام 622م بدأت هذه الكلمة تترجم الى كلمة (بركة) ، وهذا ما يمكن ملاحظته في الكثير من العملات (العربية – الساسانية) ، كما في الصورة رقم (2) ، فتظهر كلمة (بركة) في هامش وجه العملة التي ضرب في مدينة الري في ايران عام 660م ، وكما يلاحظ فإن الكلمة منقطة .
الصورة رقم (3) : في العصر العباسي عادت كلمة(افزوت) مكتوبة بالفهلوية لتظهر مرة اخرى على عملات طبرستان ، وخاصة في فترة البرامكة وكما في الصورة والتي هي لعملة ضربت في طبرستان عام 771م (120هجرية) .
الصورة رقم (4) : وقبل ظهور كلمة بركة بالعربية على العملات العربية – الساسانية ، فظهرت هذه الكلمة على الواح مدينة
الحيرة ، وخاصة الواح فئة (عباد الحيرة) ، والعباد هم الذين كانوا يحملون اسماء اعلام تبدأ بصيغة (عبد) مثل (عبد الله ) ، وكما في هذا اللوح فيظهر اسم شخص من عباد الحيرة وهو (عبد المسيح) ، مع نفس اللوح الذي يحمل كلمة (بركة) ، فكانت الكتابة في الاعلى على اللوح :”بركة من (+) الله” ، اما الكتابة في الاسفل فكانت الكتابة هي :”غفر الله لعبد المسيح” .
ولذلك نفترض انه اما خسرو الثاني قد تحول الى المسيحية او ان هذه الكلمة كانت تشير الى عقيدة شخص مقرب منه !
فإن لم يكن خسرو من اتباع الكنيسة الشرقية ، فعند البحث عن الاشخاص المقربين من خسرو وجدت شخصية مهمة كانت مقربة من خسرو ، ولها سيرة ذاتية دينية مهمة ربما لها علاقة بنشوء الإسلام ، وهذه الشخصية هي (وزير مالية خسرو والذي يدعى يزيدين) .
كان يزيدين من اهالي مدينة كرخ سلوق (كركوك/العراق) في مقاطعة جاراميج اود نوداراشايجان ، تذكر المصادر التاريخية الى ان يزيدين كان ينتمي الى احدى العوائل الايرانية من الدرجة العالية ، الا ان ارثر كريستنس في كتاب (تاريخ ايران في عهد الساسانيين) ذكر ان يزيدين كان من اصول ارامية ، الا ان معطيات حياته المبكرة تقول انه ايراني بسبب كونه كان زرادشتي قبل ان يتحول الى اتباع كنيسة المشرق (النسطورية) .
والد يزيدين هو ميهريار ، واخوه اسمه دادجوشنسب ، اما والدته فقد كانت ابنة مرزبان (حاكم) نصيبين في الجزيرة الفراتية .
في طفولته ارسل يزيدين الى مدرسة زرادشتية ، الا انه كان يهرب منها بسبب عدم وجود ميول زرادشتية عنده ، الا ان والده قام بضربه واعاده الى المدرسة ، وتذكر المصادر التاريخية ان يزيدين كان يهرب منها باستمرار ، حتى تبناه شخصين اخرين وبقي عندهم (الاسباب غير معلومة وغير مفهومة) ، وكان اخوه دادجوشنسب يذهب بدلاً عنه الى المدرسة الزرادشتية ، وخلال تلك الفترة كان يزيدين يذهب الى الكنائس الشرقية مع والديه بالتبني ، فتعمد واصبح من اتباع كنيسة المشرق .
وبسبب اصله الارستقراطي الايراني ، اصبح ليزيدين الكثير من الاراضي وتحت حيازته ، وكانت معظمها بالقرب من مدينة كركوك ومدينة مارجا (كانت تتبع امارة حدياب) ، وذكر في وقت انه كان وزير المالية للملك الساساني خسرو الثاني ، ولأنه كان عضواً في كنيسة المشرق ، فقد فعل كل شيء لتحسين موقف اتباعه من عقيدته ، فقام ببناء العديد من الكنائس ، وبذلك تمتع بثقة تامة من خسرو .
وخلال الحرب البيزنطية الساسانية (602-628) ، تم تعيين يزيدين حاكماً على ارمينيا ، وفي عام 614 استولى الجيش الساساني بقيادة شهرباراز على مدينة القدس ، واستولوا على الصليب وارسلوه الى العاصمة قطيسفون ، حيث بقي الصليب عند يزيدين ، وكان لهم مع احتفال مسيحيي الامبراطورية الاخرين ، ثم ارسل قطعة من الصليب الى جبل ايزلا وهو مكان بالقرب من نصيبين (نفس المكان اقام به ايليا الحيري فترة من الزمن ) .
وكان ليزيدين خصومه في البلاط الملكي الساساني في قطيسفون ، وخاصة مع شيرين زوجة خسرو وطبيب القصر (جبريل سنجار) (من مدينة سنجار شمال العراق) ، وكانوا هم من اتباع العقيدة آلـ(ميافيزية) التي تناقض المذهب النسطوري ، وكانوا دائماً يحولون كسب خسرو لصالحهم .
ومع عام 624 حاول الامبراطور البيزنطي هرقل توسيع حربه مع الساسانيين ، فتقدم شمالاً الى اذربيجان ، وبحلول عام 627 كانت الحرب قريبة من مدينة قطيسفون ، وجعل هذا الاخفاق الساساني من الملك خسرو الثاني في حالة غضب الى درجة انه قام باعدام الكثير من ضباطه ومن كبار الدولة الساسانية ، ومن بينهم يزيدين ، فكان ليزيدين ابناً يدعى شمتا ، ويقال ان شمتا ابن يزيدين هو من قام بقتل خسرو ، ومع ذلك ووفقاً الى مصادر اخرى فيظر ان الارستقراطي مهر هرمزد هو من قام بقتل خسرو .
ويقال ان شهرباراز بعد ان استلم الحكم في قطيسفون قام بقتل شمتا ابن يزيدين بحجة انه شمتا قام بسب وشتم ابنة شهرباراز .