غالب حسن الشابندر
الجمهورية الاسلامية الايرانية تسعى لفك الحصار الدولي والاقليمي المضروب عليها خاصة بعد الضائقة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها بسبب هذا الحصار المحكم، وزيارة الرئيس الايراني احمد نجادي إنما تصب اساسا في هذا الهدف المركزي لإيران، فمصر دولة اقليمية كبيرة ، وراحت تسترجع بعض دورها في الشرق الاوسط، وعلاقتها بالولايات المتحدة الامريكية قديمة وجوهرية، وتضطلع بوظيفة اسلامية ثقافية واسعة الطيف بسبب الازهر الشريف، والدول الخليجية لا تفرط بعلاقتها بمصر مهما شابها من ارتباك وتردد في بعض الاحيان، ولها حضور موجِّه وضاغط وراسم في صلب القضية الفلسطينية، واليوم يتطلع لها العالم العربي بسبب الحراك الشعبي الضخم داخلها، والحكم فيها (اخواني) التوجه، وبالتالي، وبناء على كل هذه المقتربات والحقائق تشكل اعادة العلاقات مع مصر بالنسبة لايران قضية مركزية، حيث تطمع ايران من خلال ذلك ان تساهم مصر في تحسين العلاقات بينها وبين محيطها الاقليمي (السني، وربما تساهم ايضا في تحجيم الكوة الفاصلة بينها (ايران) وامريكا وإنْ بمستويات بسيطة، ومن هنا لم يستغرب كثير من المراقبين ان تقترح ايران بان تكون القاهرة هي مكان المحادثات بينها وبين الغرب فيما يخص ملفها النووي، بل ان تكون احد الدول الاعضاء في المحادثات اياها، ولم يكن غريبا وهذه الحال ان تشجع ايران مصر لاعادة دورها الاقليمي الذي فقدته لاكثر من ثلاث عقود على حد تعبير احد صناع القرار السياسي الايراني، ويلمح بعض المراقبين بان هناك ما يشجع ايران على مثل هذا السعي باتجاه الغاية المذكورة، منها كون النظامين الحاكمين في البلدين يتسمان بالهوية الدينية، ومنها العلاقات القديمة بين ايران والاخوان المسلمين، ومنها التوافق الضمني بين النظامين على عدم شرعية الوجود الاسرائيلي، وإذا كان هذا علنا من جانب النظام الايراني فهو سر من جانب النظام المصري الحالي، وهناك كلام في الاعلام الاسرائيلي من ان الاخوان في مصر فيما توطد حكمهم سوف يتفقون مع ايران في موقف علني واحد تجاه اسرائيل هو الرفض المطلق !
محللون سياسيون يشيرون في الاثناء الى ان مصر هي الاخرى تواقة لاعادة العلاقات مع ايران، والاسباب كثيرة، وفي مقدمتها اعتماد ذلك ورقة ضغط على واشنطن للانفتاح اكثر على حكم الاخوان، وتقديم الدعم بالمستوى الذي يحتاجه الاخوان خاصة في مواجهة الآخرين في الداخل ، جبهة الانقاذ وغيرها، وفتح المجال لمصر بان تلعب دورا اكبر في الشرق الاوسط، وربما يًضاف الى ذلك التلويح لدول الخليج بان مصر تملك اكثر من خيار في علاقتها الدولية، وما على الدول الخليجية الا احترام هذا التعدد في الخيارات، ومن ثمراته ان تتعامل هذه الدول مع مصر على قد م المساواة، وانْ لا تبتزها بسبب المعونات الاقتصادية.
هل ينطبق حساب الحب على حساب البيدر سواء بالنسبة لمصر أو ايران او كليهما معا؟
لا !
هكذا يرى محللون سياسيون عارفون بالشان الايراني والشان المصري، ولكن ما هي الاسباب؟
ان الشرخ الطائفي في العالم الاسلامي قد حصل، ومن الصعب دمله او اصلاحه، وهذا يحول دون هذه الرغبة المزدوجة، ومنها ان حاجة مصر الى واشنطن والدول الخليجية تتسم بالبعد الاستراتيجي فيما حاجتها الى ايران دون هذا المستوى، ومنها ان ايران تعاني من مشاكل كثيرة، فهي تنوء تحت وطأة حصار اقتصادي موجع، ومتورطة بالوقوف المطلق مع نظام بشار الاسد الذي يعتبره المسلمون السنة بانه حكم كافر ويجب ازالته، ومنغمس بالدم السني بشكل مفزع، ومنها ان قطاعات من الشعب المصري تنظر إلى ايران بعين الريبة بسبب نشاطها المذهبي في العالم السني كما تقول هذه القطاعات الشعبية الواسعة.
هذه الاسباب، كلها او بعضها تحول دون الرغبة المزدوجة خاصة من طرفها الايراني، ولعل ما يعزز مثل هذا التصور ان تكون اولى مطالب شيخ الازهر من ايران من خلال كلامه مع الرئيس الايراني على هامش لقاءهما ان تكف ايران عن التدخل بشؤون الخليج العربي، وان تمتنع عن نشاطها المذهبي في العالم السني!
ولكن هل يحول ذلك دون اعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على اثر هذه الزيارة؟
ليس المهم اعادة العلاقات بل المهم هو عمق هذه العلاقات ومدى الاعتماد عليها بتحقيق اهداف كلا البلدين منها!
المصدر ايلاف