على «الاعتدال» في إيران
أطلق الرئيس الإيراني قبل عام وعودا كثيرة خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكيف عمل هؤلاء؟
بقلم: أدام إرلي
من المقرر أن يطلق الرئيس الإيراني حسن روحاني كلمته الخميس في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وشارك العام الماضي في التجمع العالمي من قادة الدول بكل ضجيج كونه كان قد حل للتو محل محمود أحمدي نجاد حيث كان العالم يأمل بأن مجيء قائد إصلاحي معتدل للجمهورية الإسلامية يعني أن غاية البلاد الهادفة إلى الكون قوة نووية ودعمها للإرهاب قد يكونان شيئين من الماضي.
وكان السيد روحاني قد وعد في كلمة أطلقها 24أيلول/ سبتمبر 2013 في الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنه «يرسم آفاقا جديدة سيتغلب فيها السلام على الحرب والتسامح على العنف والتقدم على نزف الدماء والرفاهية على الفقر والحرية على الدكتاتورية». و كيف تم تحقيق هذه الوعود خلال العام المنصرم؟
السلام على الحرب؟.. وفي سوريا، فاحتفظ ضخ النقود الإيرانية والأسلحة والمستشارين العسكريين وميليشيات حزب الله الموالية له، ببشار الأسد في السلطة حيث أدى إلى مقتل عشرات الآلاف الآخرين كخسائر بشرية في غضون العام المنصرم.
التسامح على العنف؟ بأمر من إيران فاعتقلت الحكومة الشيعية المتمثلة في قيادة نوري المالكي في العراق وبشكل منظم أقلية السنة في هذه البلاد ومارست التعذيب في حقهم وقامت بتصفيتهم. وذلك فضلا عن الهجمات المميتة على المعارضين الإيرانيين حيث قتل 52 من أعضائهم بطريقة الإعدام. كما تم تطهير القوات المسلحة والأجهزة الاستخبارية في العراق من السنة وذلك بشكل منظم. وقد ساهمت ومهدت هذه السياسات التي كانت تتعمد ممارسة القمع، الطريق للإنجازات العسكرية والسياسية اللافتة من قبل الإرهابيين في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
التقدم على نزف الدماء؟ هناك نقطة واضحة وقابلة للنقاش تظهر في علاقات إيران مع العالم الحضاري وهي رغبتها في التفاوض بشأن برنامجها النووي. ورغم ذلك ومع الاقتراب من الموعد النهائي في نوفمبر/ تشرين الثاني وهو على الأبواب، هناك مؤشرات قليلة من التقدم إلى اتفاق. واحتفظت إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 235 أي النسبة اللازمة للمفاعل وبالتالي تستحوذ على نحو 70بالمائة من اليورانيوم المخصب اللازم للوصول إلى المستوى التسليحي. ولا يقتصر البحث التسليحي وتوسيع الصواريخ الإيرانية على أي مجال أبدا وهما يستمران من دون أن يتوقفا.
وفي نكث تعهداتها، أعاقت إيران عملية التفتيش من قبل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمنشآت النووية الحيوية أو وضعت عراقيل عديدة عليها. وفي آخر تقرير لها بتأريخ 5أيلول/ سبتمبر أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه لا يمكن لها «أن تستنتج بأن جميع المواد النووية في إيران تستخدم من أجل نشاطات سلمية».
وما يثير قلقا أكثر هو ما أطلقت قيادة إيران من تصريحات. وأكد المرشد الأعلى علي الخامنئي في 7تموز/ يوليو على أن إيران لا بد لها «أن تزيد عدد أجهزتها للطرد المركزي بشكل ملحوظ». كما شدد في شهر نيسان/ أبريل الحالي أمام جمع من العلماء الإيرانيين قائلا: «لا يمكن أن يتم إيقاف أي من الإنجازات النووية لهذه البلاد».
الرفاهية على الفقر؟ واستغل السيد روحاني المفاوضات النووية من أجل أرباح اقتصادية ملحوظة حيث منح تخفيف العقوبات المفروضة من قبل أمريكا والاتحاد الأوروبي لإيران إمكانية الحصول على أكثر من 6مليارات دولار من الأرصدة المجمدة وعشرات الملايين من الدولارات عن طريق بيع النفط. ولم يحصل المواطنون الإيرانيون على شيء جراء تخفيف العقوبات سوى قليلا بينما لايزال يواصل نظام طهران التمويل المالي لعملائه الإرهابيين ومجمع الصناعة العسكرية.
الحرية على الدكتاتورية؟ بحسب المراقبين المعنيين بحقوق الإنسان داخل إيران فإنه ومنذ وصوله إلى السلطة نفذت حكومة السيد روحاني الأعدام بحق أكثر من ألف من المواطنين الإيرانيين وهي احتلت المركز الأول في العالم في إعدام الأفراد حيث يضمن المئات من النساء والشبان والأقليات القومية وأصحاب العقائد الأخرى. كما أكدت وزارة الخارجية في تقريرها بشأن أساليب حقوق الإنسان عام 2014، على سجل إيران المؤسف في احترامها لحقوق الإنسان.
وتثير قائمة إيران في التطرف والزيادة، الاشمئزاز؛ «منها بتر أطراف الجسم والجلد بالسوط اللذان تدعمها السلطة القضائية وحالات العنف السياسية وممارسة القمع كالضرب والشتم و الاغتصاب والظروف الصعبة المهددة السائدة في المعتقلات والسجون، بالإضافة إلى حالات من الوفيات عند الاحتجاز».
كما النظام القانوني والسياسي مثيران للسخرية؛ حيث «الاعتقالات الاعتباطية والاعتقالات الطويلة قبل المحاكمة والحرمان من المحاكمة العدالة العامة والحصانة من العقوبات للقوات الأمنية وعدم استقلالية القضاء والسجناء السياسيون والمعتقلون والتدخل الاعتباطي في الحياة الشخصية والعائلة والمسكن والمكاتبات وفرض مضايقات شديدة على حرية التعبير (منها عبر الإنترنت) والصحف والرقابة وفرض مضايقات جوهرية على وسائل الإعلام وفرض مضايقات شديدة على حرية التجمع و التشكل والمذهب والتمييز الحقوقي والاجتماعي وممارسة العنف في حق النساء والأطفال والأقليات القومية والدينية والتحريض على معاداة اليهود وتجارة البشر».
قد ينوي المندوبون المبعوثون إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يتذكروا السجل المؤسف للسيد روحاني يوم الخميس حيث يستقر وراء المنصة و هو يطلق ودون شك وعودا جديدة بشأن الأهداف السلمية والعادلة لإيران.
والآن لقد حان الوقت ليحاسب المجتمع الدولي حكومته ويؤكد على أن الكلام يجب أن يترجم بالأفعال وبخلاف ذلك فعلينا أن نكون صاحين وغير واهمين لنتعرف على هذا النظام الذي نواجهه.
وكان السيد إرلي السفير الأمريكي في البحرين (2011-2007).