علاء الدين السيد: ساسة بوست
في الولايات المتحدة الأمريكية، حصل العلماء على التصريح؛ لإجراء التجارب التي يمكن أن تعيد الموتى للحياة مرة أخرى. هذا ليس خبرًا كوميديًا أو خياليًا، لكنه حقيقة ما حصل بالفعل في الولايات المتحدة.
الاختبارات الأولية للعلماء سوف تستخدم مجموعة من التقنيات على 20 شخصًا؛ لمعرفة إذا ما كانت ستظهر عليهم أية علامات على التجديد، أو عكس عملية الموت الدماغي. مجموعة العلماء، التي تقف خلف هذه الاختبارات، تأمل في أن تكون هي المجموعة الرائدة للتوصل إلى طرق لإبقاء الناس على قيد الحياة، بعد أن يصدر القرار الطبي بالموت الدماغي، عبر إعادة نمو الدماغ، ومساعدتهم في التغلب على هذه الصدمة.
الموت الدماغي
الشركة التي تقف وراء هذه الاختبارات الفريدة من نوعها، أشارت إلى أن البشر لا يملكون حاليًا أية طريقة لتجديد أدمغتهم، هذا الأمر بعكس بعض الكائنات الحية الأخرى. فبعض البرمائيات والأسماك تملك القدرة على التجديد، ثم إعادة تنظيم أجزاء كبيرة من أدمغتها، حتى بعد تعرضها لصدمات يمكن أن تهدد حياتها.
وحتى لو لم تساعد هذه الطرق والوسائل على إعادة الناس الذين ماتت أدمغتهم للحياة، فإن العلماء يأملون في أن نفس العمل يمكن أن يساعد الناس الموجودين في غيبوبة، أو الذين يعانون من أمراض انتكاسية «أمراض تحللية، تتحلل فيها الأعضاء الهامة، مما يؤدي للوفاة لاحقًا»، مثل مرض «ألزهايمر» ومرض «الشلل الرعاش».
وفي بيان أصدرته هذه الشركة، ذكرت أنه في الوقت الذي جرى فيه العديد من الأعمال، في محاولة لمنع الناس من الموت، فإن أقل القليل من العمل تم بالفعل؛ في محاولة لإعادة الناس خطوات إلى الوراء، بعد أن يكونوا قد تقدموا نحو الموت الدماغي، بل دخلوا في هذه الحالة بالفعل.
وتقول الشركة «إن حالة الموت الدماغي هنا، وطبقًا للمصطلحات الطبية الدارجة، فإنها تعني حالة موت غير عكسية، أو لا رجعة فيها، بمعنى أن المريض الذي دخل في حالة موت دماغي، لا يمكن أن يعود للحياة مرة أخرى. وبالتالي فإن هؤلاء المرضى من الناحية الفنية، لم يعودوا على قيد الحياة، على الرغم من حقيقة أن الجسم البشري لايزال يمكنه تدوير الدماء، وضخها في الأوردة والشرايين، وهضم الطعام، وإخراج الفضلات، وتحقيق التوازن الهرموني، والنمو، والنضج الجنسي، والشفاء من الجروح، واكتساب ارتفاع في درجة الحرارة أو الإصابة بالحمى، والحفاظ على الجنين والولادة.
بل وصل الأمر إلى أن قادة الفكر الطبي أقروا بأن المرضى المصابين بحالة موت دماغي حديثة، ما زالوا يملكون بقايا دوران للدم في الجسم، وشبكات نشاط كهربائي في الدماغ، لكن، وعلى الرغم من كل هذا، فإن هؤلاء المرضى ليس عندهم هذه الأمور بما يكفي؛ للسماح بعمل الكائن الحي، بشكل متكامل ككل.
هل يمكن إعادة المخ للعمل بعد توقفه؟
الموافقة على إعادة الموتى
هذه الموافقة تعني أن هناك شركتين سوف تكونان قادرتان على البدء بهذه التجارب والاختبارات بتصريح رسمي من حكومة الولايات المتحدة، هاتان الشركتان هما شركة
«بيوكوارك» (Bioquark) و«ريفيتا لايف ساينس» (Revita Life Science).
وقال «إيرا باستور»، الرئيس التنفيذي لشركة بيوكوارك، «إن الشركة وطاقم العمل متحمس جدًا حول الحصول على هذه الموافقة»، وأشار إلى أنه مع تقارب تخصصات علم الأحياء التجديدي، وعلم الأعصاب الإدراكي، والإنعاش الطبي، «نحن على أهبة الاستعداد للخوض في مساحة معرفة علمية، لم يكن من الممكن الوصول إليها، دون التكنولوجيا الحديثة التي توافرت لنا حاليًا».
وقد وصفت هذه الدراسة على الموقع الرسمي للحكومة الأمريكية، بأنها «إثبات مبدأ»، والتي سيتم خلالها استخدام مجموعة من الأساليب؛ في محاولة لجلب الناس من الموت، وتشمل تلك التقنيات تكنولوجيا الخلايا الجذعية، وأشعة الليزر. يذكر أن التجارب ستبدأ في إحدى مستشفيات الهند، وليس في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
ما هو الموت الدماغي؟
«الموت الدماغي» يمثل خسارة كاملة، لا رجعة فيها لوظائف المخ، بما في ذلك النشاط الخاص بالأنشطة اللاإرادية لجسم الإنسان، والتي تتعلق ببقاء الإنسان على قيد الحياة. والموت الدماغي هو إحدى طريقتين لتحديد الوفاة، وفقًا للتقرير الموحد لتحديد الوفاة الخاص بالولايات المتحدة الأمريكية. الوسيلة الثانية لتحديد الوفاة تتمثل في التوقف الذي لا رجعة فيه لوظائف الدورة الدموية والجهاز التنفسي.
ويختلف الموت الدماغي عن «الغيبوبة الكاملة العميقة»، التي تتميز بأن الوظائف اللاإرادية تعمل في جسم الإنسان بشكل طبيعي للغاية، دون تدهور تدريجي مع مرور الوقت. وقد نصت الجمعية «الأسترالية» و«النيوزيلندية» للرعاية المركزة، على أن تحديد والإعلان عن الموت الدماغي يتطلب وجود غيبوبة غير مستجيبة، وغياب ردود الفعل المنعكسة لجذع الدماغ، وتوقف المركز المسئول عن عملية التنفس في الدماغ بطريقة غير عكسية، ولا يمكن معها أن تتحسن هذه الوظائف أبدًا، مهما مر من وقت.
ويجب أيضًا أن يوجد دليل إكلينيكي أو من خلال التصوير الطبقي للمخ؛ على وجود أمراض حادة فيه مثل إصابة قوية بالدماغ، أو نزيف داخل الجمجمة، أو نقص الأكسجين الدماغي، بالإضافة إلى خسارة لا رجعة فيها، ولا يمكن عكسها في وظائف الجهاز العصبي.
ويستخدم الموت الدماغي كمؤشر على الوفاة بشكل قانوني في العديد من دول العالم، وإن كان يتم تعريفه بشكل غير متسق بين جميع هذه الدول. هذا الاختلاف ناجم عن وجود أجزاء من المخ لاتزال حية في الوقت الذي تموت فيه مناطق أخرى، مما جعل مصطلح الموت الدماغي يستخدم للإشارة إلى مجموعات مختلفة من التعريفات.
فعلى سبيل المثال، هناك أحد أكبر القواميس الطبية الأساسية ذكر أن الموت الدماغي هو مرادف لموت المنطقة الأمامية من المخ
(cerebrum)،
بينما المكتبة الوطنية الأمريكية للطب عرفت الموت الدماغي، بحيث يشمل موت جذع الدماغ. هذه الفروق قد تكون مهمة؛ لأنه – على سبيل المثال – هناك أشخاص مقدمة المخ عندهم ماتت بالفعل، لكن جذع المخ لايزال يعمل، وبالتالي يمكن للتنفس وضربات القلب أن تعمل، دون استخدام أجهزة صناعية مساعدة. بينما عند وفاة كامل الدماغ، بما فيه جذع المخ، فإن وظائف التنفس، وعمل القلب، لن تجري بشكل طبيعي، إلا باستخدام أجهزة صناعية مساعدة.
والمرضى الذين يوصفون بأنهم موتى دماغيًا، يمكن أن يقوم الأطباء باستخراج أعضائهم؛ من أجل التبرع بها لمرضى آخرين يحتاجونها، وبالتالي فإن الكثير من الأنظمة، لا تقبل إعلان الموت الدماغي، إلا بعد موت كامل الدماغ.
وهناك حالة كبيرة من الخلاف المجتمعي، في العديد من الدول، حول فكرة الموت الدماغي، فإذا مات كامل الدماغ، ولم يعد الجسم قادرًا على الحياة، دون أجهزة خارجية، فهل نزيل هذه الأجهزة عنه، أم نجعلها متصلة به لأطول فترة متاحة؛ حتى الموت الكامل؟ هذا السؤال دائمًا ما يثير لغطًا، خصوصًا في الدول العربية والإسلامية؛ نتيجة الرأي الطبي، والرأي الديني في المسألة، وهل يتفق الرأيان؟ أم من الممكن أن يختلفا؟
الأمر يكون أكثر صعوبة؛ عندما يكون الدماغ ميتًا بشكل جزئي؛ إذ يمكن للشخص في الغيبوبة أن يتنفس، ويدق قلبه بشكل طبيعي، دون مساعدة أي أجهزة، في هذه الحالة هل يمكن اعتباره ميتًا، والبدء بحصد الأعضاء القابلة لإعادة الزرع أم لا؟