بينما تستمر دوامة عفرين و نزيف اَهلها منذ ما يقرب من شهرين …تمر هذه الأيام ذكرى مذبحة حلبجة…. و بعد ايام ستمر ذكرى تراجيديا الكورد الفيليين … و هناك مذابح عمليات الانفال و مذابح البرزانيين..وووو… الكورد يذبحون في عهد الدولة الوطنية كما كانوا يذبحون في عهد الإمبراطوريات و في ظل أنظمة حكم دينية و قومية و أممية و اشتراكية و راسمالية و ديمقراطية و دكتاتورية و ليبرالية و قبلية و عشائرية..وووو..
لا شيء يستطيع ان يوفر للكورد مأمناً من غضبة شيخ العشيرة و احلام الإمبراطور و عنجهية الرئيس و استبداد السلطان … و لا احد يقبل ان يكون للكورد بيتاً يأويهم وسقفاً يظللهم … لا ينبغي ان يكون للكورد كليماً مثل موسى و لا نبياً مثل عيسى و لا رؤوفاً مثل محمد و لا حكيماً مثل بوذا و لا عارفاً مثل كونفشيوس و لا حالماً مثل أفلاطون و لا مفكراً مثل ماركس… لا ثائرا مثل ابو ذَر او چيگيڤارا و لا ناسكاً مثل غاندي… كان هناك زرادشت فخطفه الأقوياء و كان هناك الطاووس فلطخ “المؤمنون” ألوانه الزاهية بالدم..!!..
لكن هل الظلم و الاضطهاد و اراقة الدماء و التكفير و الشيطنة … طريق الجينوسايد الدامي .. شيئاً يختص الكورد دون غيرهم و يختزل تاريخهم دون تاريخ شعوب الارض و مجموعات البشرية الصغيرة هنا و هناك ..؟؟.. من الواضح ان الإجابة على هذا السؤال غير الذي قد يتصوره البعض من شدة تراكم و هول المذابح المتكررة …. للاسف فان الواقع التاريخي يعلمنا و التجارب اليومية يضع امام اعيننا مشاهد رهيبة تتعرض لها مجموعات بشرية اخرى عديدة في الدائرة المحيطة بالكورد و حيثما تمتد يد القوى المتصارعة … كما ان أفراداً كثيرون في يتعرضون للمهانة و التهميش و الاحتقار في كل دول العالم و حتى في ظل المجتمعات التي تعتبر نفسها الأكثر ابتعاداً من المراحل الهمجية في تطور النظام الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي في العالم .. إذن ما هي خصوصية الجينوسايد الكوردي المستدام..؟؟…
مثل اي حدث اخر في هذا العالم فان هناك عوامل كثيرة تتقاطع حتى تصنع الانتصار او الهزيمة … بالنسبة للكورد … لا شك ان هناك صراعات و مشاريع سياسية و فكرية و مصالح اقتصادية تتشابك مع مثيلاتها على المستوى الإقليمي و الدولي… بعض تلك التقاطعات بمكن التعرف اليها و متابعة محطات بلورتها… و هناك تقاطعات لا نريد ان ننكيء جراح احد في التحدث عنها… لكن يبقى العنصر الحاسم في في بلورة التقاطعات ذاتها أمراً اخر … و هذا ما يمكن ان نلخصه في مستوى التفاعل الكوردي مع ميكانيزمات التغيير في النظام العالمي و ارتكازاته الإقليمية و المحلية..
عندما حدثت مذابح البرزانيين و عمليات الانفال و تشريد الكورد الفيليين و إرسال اولادهم الى مختبرات الأسلحة الكيمياوية العراقية فان القوى السياسية الكوردية سواء في العراق او في الأجزاء الاخرى لم تقم بما يكون بمستوى الحدث و لذلك مرت تلك المذابح كما مرت مئات او الاف قبلها عبر التاريخ .. بينما احدثت مذبحة حلبجة هزة في الركود التاريخي ازاء عمليات مشابهة حصلت للأرمن و في شرق اسيا و افريقيا..
الان و نحن نعيش ارهاصات قتل اهل عفرين فان تفاعل القوى الكوردية يبدو اكثر بلورة سياسيا و تنظيميا ليس فقط في مواجهة احلام السلطان العثماني .. لكن ايضا في مواجهة الصمت الدولي و الركون الشعبي و كأن ما يحصل هو قدر الله لا مرد منه..
في الحسابات المنطقية لتوازن القوى على الارض فان المؤشرات لا تبتعد كثيراً عن محطة اخرى في طريق الدماء لكن ارادة الكورد في الدفاع عن ذاتهم قد تثبت للعالم ان مواسم الجينوسايد الكوردي لابد ان تنتهي… او هكذا نحلم…. !!!.. حبي للجميع..
ملاحظة : هذه المقالة كتبتها قبل يوم من السقوط الرسمي او الرمزي لعفرين و لا أريد ان أغير شيئا في محتوى المقالة لان القوى الكوردية تتوعد بالمقاومة التي ربما تغير المعادلة … مرة اخرى … لنا ان نحلم ..