في الثمانينات، كان الحديث عن الفاكس، ذلك الجهاز الذي يرسل ورقة من الرياض فتظهر في جدة، شبيها بأساطير ألف ليلة وليلة، وكانت الفكرة، تتعرض للتكذيب من قبل السامعين.
قبلها ببضعة عقود، زار رجلان من منطقة القصيم القدس، فرأيا الطائرة، ثم عادا، فأخذت الحماسة أحدهما فحدث قومه بأنه طائر حديدي يصعد الناس إليه بسلم، ويبتلع عشرات الناس، ثم يطير لبيروت، ويفتح فاه فيخرج منه من ابتلعه من الناس.
فتهكم الحاضرون على هذه القصة التي لا تصدق.
وربما ردد أحدهم: كيف تعرف أنها كذبة؟! وأجاب نفسه: من حجم المبالغة فيها.
اضطر الرجل ليستنجد برفيقه، الذي شاهد معه الطائرة، فقال: يشهد معي فلان! فتحولت الأنظار، صوب الرجل، فقال: ليس صحيحاً، ولم أر شيئا! خرج الراوي وصاحبه، فعاتب الأول الثاني أشد العتاب.
قال له: كنا سوياً، ورأيت بأم عينيك، فلمَ كذبت روايتي؟! رد الصاحب: أن يقول الناس أحدنا مُدّع، خير من أن يقول كلانا كاذب! والناس لن تصدق خبرا كهذا، ولو شهد عليه عشرة.
عندما أدخل الملك عبدالعزيز البرقية، لم تستطع عقلية الناس استيعاب الفكرة، فزعم كثير من الخاصة، أن الجن يقفون خلفها.
وعندما دخلت أول سيارة للملك عبدالعزيز للبلاد، قدم الناس لها العلف، إكراماً لمركوب مليكهم!
كانت المخترعات، تحتاج عقوداً، لتغير حياة الناس، ولذلك كان اختراع العجلة، مسرّعاً للاقتصاديات البدائية، ومغيّراً لوجه التجارة.
اليوم، باتت التقنية تقذف بالجديد، لا كل عام، بل كل ساعة.
تسارع، ربما يصعب علينا استيعابه، لكنه وجه الحياة الجديدة.
الحياة التي أصبحنا نذهب لدعوة أحدنا على مائدة لأصدقائه، فلا يكادون يتحدثون خلال العشاء، إلا من خلال الواتساب!
* نقلا عن “عكاظ”