في الرابع من آذار 1980، بينما كان راعٍ في منطقة عرمون يتسلق مرتفعات المنطقة، فإذا به يعثر على جثة في مشهد بشع فقد كان: “ملقى على بطنه، في مؤخرة الرأس طلق ناري حطّم الجمجمة ومزّق الدماغ. ذراعه اليمنى مسلوخ لحمها عن عظمها حتى الكوع، والأصابع الخمس سوداء نتيجة التذويب بالأسيد أو حامض الكبريت. كما عثر على أقلام الحبر مغروزة بعنف داخل أحشائه من الخلف”.
كان هذا سليم اللوزي، أحد عمالقة الصحافة العربية لثلاثة عقود من الزمن. وكان قد اختطف قبل ذلك بثمانية أيام على طريق المطار وهو يهم بمغادرة لبنان، بعدما حضر من لندن التي كان يقيم فيها لتقبل التعازي في وفاة والدته.
عندما نصحه أحد أصدقائه بالعدول عن قراره بالسفر إلى لبنان لأن جلاوزة نظام الأسد يتربصون به، أجابه: “ولو… ألا يحترمون حرمة الموت ؟ إنني ذاهب لأدفن والدتي”.
كان اللوزي يصدر مجلة “الحوادث” من لندن بسبب الحرب في لبنان وكان يتميز بمقالاته المعارضة للنظام السوري، وقد اغتيل شقيقه مصطفى لهذا السبب في طرابلس. وبدلاً من أن يتراجع ويستكين، قرر اللوزي المجابهة، فكتب إحدى أجمل المقالات في رثاء شقيقه مصطفى، جاءت وكأنها تتضمن استشرافاً لاغتياله، ووصية سياسية لما بعد اغتياله، وختم المقالة بهذه الكلمات ” وغداً إذا نجحت المخابرات العسكرية في تنفيذ الحكم الذي صدر باغتيالي، وهي قادرة على ذلك بوسائلها المختلفة، فإني أكون قد استحققت هذا المصير، وعزاء زوجتي وبناتي وأولاد مصطفى التسعة أنني أحببت بلدي وأخلصت لمهنتي”.
وتبقى المفاجأة الأخيرة: أن راعي الغنم الذي عثر على الجثة وجد مقتولاً في أحراش عرمون أيضاً (نفس المكان) بعد خمسة أيام فقط…. وبقي الفاعل مجهولاً !..