عذوبة في دور الأم

three_wishes_by_monsieur_arlequinفي بلوغ فيروز السبعين، احتفلت بالمناسبة بالطريقة الوحيدة التي أملكها. المقال. وبعد أيام وصلتني رسالة من صديقة لها، فيها ذكريات وأسئلة وإضافات، وأيضا عتاب: «ألم يكن من الأفضل المقال من دون الاحتفال؟». أدركت أن فيروز، مثل كل نجمة، تفضل تقديم الشهرة وتأخير السنين.
أثار ظهور يسرا بدور الأم في «سرايا عابدين» نقدا وضجيجا. كيف تعترف عذوبة السينما المصرية بتجاوز سن الساحرة في الدور الأول؟ نسي الجميع أن هذا ما حدث عندما انتقلت فاتن حمامة قبلها من دور الطفلة، فالفتاة، فالزوجة، فالأم. بعض الممثلات في الغرب هربن إلى الخفاء والعزلة عندما بلغن هذه المرحلة لكي يتركن في ذاكرة الناس وجها جميلا بلا غضون.
أوجه المقارنة كثيرة بين يسرا وفاتن وإن لم تكن أوجه الشبه. كلتاهما خطفت الدور الأول. لكن فيما ناسبت رنة الحزن في صوت فاتن الأدوار المحزنة، اجتذبت يسرا مشاعر الناس من دون دراميات الدور، فتنقّلت في الشخصيات تعطيها دائما من عذوبتها وحضورها الجميل.
تعيش «النجوم» حياتهن تحت رحمة النقاد. وكثير منهم بلا رحمة. وتذكّرني يسرا بحكاية للأديب الفرنسي جول رونار مع سيدة المسرح الفرنسي سارة برنار أوائل القرن الماضي، إذ قال في مفكرته بعد لقائها (1903): «قل لممثلة إنك جميلة، ولن تهتم، وقل لها إنك موهوبة وسوف تهتم قليلا، وقل لها إنك تتمتعين بصفات قيمية وسوف ترى أنها عادت فتاة صغيرة».
أصبحت يسرا «سيدة الشاشة» بعد فاتن لأنها مثلها ربطت دائما بين حياتها الشخصية وصورتها العامة. ولعلها في الأولى أكثر صدقا وعذوبة؛ إذ تنتقي حضور وطباع وصفات السيدة المصرية، بما فيها من ميزات وملامح.
أرفع درجات التمثيل، أو التشخيص، هي عدم تبين التكلف. فاتن ويسرا ويحيى الفخراني طليعة هذه الطبقة. أهم ما في يسرا تلقائيتها، بصرف النظر عن الدور. لذلك، عندما انتقلت إلى دور الأم لم نشعر كأن طارئا مهما قد أحدث التحول. سألت الزميلين عماد الدين أديب ومعتز الدمرداش في نهاية رمضان عن الشخصية الأكثر حضورا في المسلسلات لدى المصريين، وكان الجواب ما توقعت.
لم يكن لدي من الوقت لمشاهدة سوى «سرايا عابدين» منجذبا دائما إلى الروايات التاريخية ومعانيها وانعكاسات مراحلها. وقد كان فيه حقا نجمتان، مؤلفته الشابة هبة مشاري حمادة، وعذوبة الشاشة المصرية المعروفة باسمها الفني، يسرا.
نقلا عن الشرق الاوسط

About سمير عطا الله

كاتب صحفي لبناني الشرق الاوسط
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.