*لا بد من خطوات تصعيد: إضراب تباطئي للمستشفيات المسيحية، والإعلان دوليا عن النية بإغلاق الكنائس المسيحية أمام السياحة.. وإغلاقها إذا استمر نهج التجاهل*
نبيل عودة
إضراب المدارس المسيحية في الوسط العربي في اسرائيل ، أو الأهلية كما يطلق عليها عادة، نتيجة كونها مدارس غير مخصصة لطائفة معينة بل تفتح أبوابها أمام جميع المواطنين بغض النظر عن جنسهم أو لونهم أو دينهم، هي ظاهرة نادرة ، بل غير مسبوقة في تاريخ المدارس المسيحية في البلاد.
من الواضح ان أسباب الإضراب كما قال أسقف الناصرة ورئيس طائفة اللاتين في إسرائيل المطران بولس ماركوتسو إن “ما نطالب به هنا ليس امتيازا بل العدالة لمدارسنا كما لسائر المدارس في إسرائيل”.
قال المتحدث باسم المدارس المسيحية في إسرائيل بطرس منصور لوكالة فرانس برس عن الدافع للإضراب المفتوح: “منذ عام ونصف العام نجري محادثات مع السلطات الإسرائيلية وتدخل الكثير من المسئولين وحتى الفاتيكان لكن لم يحدث أي تقدم”، وأشار إلى ان “رئيس الدولة رؤوفين ريفلين ووزير التعليم نفتالي بينيت أدليا الأسبوع الماضي بتصريحات ايجابية للغاية، لكن ما عدا التصريحات السياسية الجميلة لم نحصل بعد مضي أسبوع على إي اقتراح جدي. جربنا كل المساعي ولم يبق أمامنا أي خيار سوى الإضراب”.
رغم اعتراف إسرائيل بالمدارس المسيحية إلا أنها تعتبرها مدارس عامة لذلك تم تقليص تمويلها في العامين الأخيرين بنسبة 45% ولا تتكفل السلطة سوى بتمويل “29% من التكلفة الإجمالية للمدرسة الابتدائية، أما بقية التمويل فيقع على كاهل أهالي الطلاب فقط وهو أمر غير ممكن بحسب المسئولين المسيحيين.
إسرائيل تعترف ان مستوى هذه المدارس هو الأفضل في إسرائيل، فهل هي خطوة لإضعاف مستوى التعليم في الوسط العربي؟ أو عودة لسياسات كنا نظن إننا عبرناها بإبقاء المجتمع العربي “مجتمع حطابين وسقاة ماء” كما قال مرة احد مستشاري رئيس الحكومة الأول بن جوريون؟
أوضح الأب عبد المسيح فهيم مدير المدارس في حراسة الأراضي المقدسة مؤخرا ان قضية المدارس المسيحية هي قضية مساواة. من حق الطفل الإسرائيلي اليهودي ان تمول الدولة تعليمه بنسبة 100% ، المدارس المسيحية التي تصنف من نفس الخانة ا لا تحظى بنفس الميزانيات.
لا أريد العودة لاستعراض تاريخ المدارس المسيحية والثورة الثقافية التي أحدثتها في مجتمعنا، في وقت ندرت المدارس وسادت الأمية.
إلى جانب المدارس قامت الإرساليات المسيحية بإنشاء مشافي وعيادات طبية، اليوم تشكل هذه المشافي الوجه الصحي الأبرز لمدينة الناصرة وللوسط العربي بغياب أي اهتمام حكومي رسمي بإنشاء مستشفى حكومي في الوسط العربي.
لا يمكن تجاهل الدور العظيم للإرساليات المسيحية، ولا يمكن اتهامها إطلاقا أنها ميزت بين دم ودم، أو بين طائفة وطائفة، بل تعاملت وتتعامل بكل إنسانية مع الجميع، رغم أنها لا تحظى بتغطية أسوة بما تحظى به المستشفيات في الوسط اليهودي.
إذن نحن أمام إشكالية وطنية وليس إشكالية مدارس مسيحية.
السؤال هل كان الإضراب ضروريا؟
جوابي انه من حق كل مؤسسة تجد نفسها مميزا ضدها ان تستعمل كل وسائل النضال المشروعة.. والإضراب من الوسائل النضالية الضرورية.
طبعا لي ملاحظة، كنت أفضل ان تفتح المدارس أبوابها لأول يومين، وبعدها يعلن الإضراب، وان يكرس أول يومين لشرح ما تعاني منه المدارس لأهالي الطلاب ولطلابها خاصة من المراحل العليا في التعليم، لجعل الإضراب أكثر نفاذا وقوة.
رغم ذلك، إعلان الإضراب هو إعلان مشروع، التمييز ضد الأقلية العربية في ميزانيات التعليم يجب ان يتوقف، حتى اليوم لا تتجاوز حصة الوسط العربي من ميزانيات التعليم نسبة ال 7% من مجمل ميزانية التعليم ، في الوقت الذي يتجاوز عدد الطلاب العرب من مجمل الطلاب في اسرائيل نسبة ال 20%!!
الاضراب يجب ان يشمل مراحل اخرى اذا استمرت الحكومة بنهج التجاهل للمطالب الشرعية للمدارس المسيحية.
مثلا اضراب تباطئي في مستشفيات الناصرة التي تعتبر الجانب المشرق الآخر في النشاط المسيحي في إسرائيل.
وهناك خطوة هامة لا بد منها، التهديد بإغلاق الكنائس المسيحية أمام حركة السياحة لشل السياحة المسيحية إلى إسرائيل ، كرد لا بد منه من رفض الحكومة لمطالب المساواة للمدراس المسيحية أسوة بمثيلاتها من المدارس اليهودية.
nabiloudeh@gmail.com