دخلت العربية على سائر لغات أوروبا وآسيا ولهجات أفريقية بالسرعة التي اتسعت بها الفتوحات منذ فجر الإسلام. وتفاوت التأثير كما تفاوت عدد الكلمات بين لغة وأخرى، لكن بعض الكلمات صار جزءا من اللغات مجتمعة، لم يحاولوا البحث عن بديل له، مثل إكسير، وكحل، والجبر، والكيمياء. أو أسماء الحيوانات كالببغاء والجمل. أو النبات والشجر كالليمون والياسمين. أو الألقاب كالسلطان، وأمير البحر (أميرال)، أو الوزير أو الديوان (جمرك)، أو دار الصناعة (آرسنال)، أو شرق (شيروك)، أو شرقيين
Sarrassins
، أو «تعريف» أو شراب. وتعدد غرائب اللغة العربية «دار المشرق»؛ مائة وخمس كلمات عربية ترد هي نفسها في الإنجليزية والفرنسية والروسية واليونانية والأرمينية والمجرية، إضافة إلى ما يرد منها في الفنلندية والليتوانية.
أما التأثير العربي على الإسبانية فلا حدود له، وتكادان أحيانا تبدوان لغة واحدة. ويذكر البعض أن 12 في المائة من الإسبانية مفردات عربية، خصوصا ما تعلق منها بالحياة اليومية كالزيت، والسكر، والخيال، والطوب، والساقية، والبركة، والبحيرة، والحصان، ومئات الكلمات الأخرى. وتبدو لك وكأن الإسبانية لم تكن موجودة من قبل عندما تجد أن كلماتها العربية الأصل من نوع الدف، وعرق السوس، والخزانة، والعقرب، والبراني، والبلاع، والبيض، والدليل، والقصر، والماء، والجنة، والضيعة، والغرب، والجعبة، والكنية، والقرطاس، والفارس، والقاضي، والقائد، والكروان، والعارضة، والفيل، والغار، والخزامى، والأحمر، والحبق، واللوز، والمخدة، واللوبياء، والريحان، والرز.. وإلخ.. إلخ. وتمتد العربية إلى لغات بلاد البلقان جميعها، وخصوصا في رومانيا، حيث اللحام هو القصاب، والجلاد تُلفظ كما هي، وحمّال، وحَرَكة، وقائم مقام، وقصور، ودكان، ودخان، وحضور، وميدان، ومعرفة، ومشعل. وفي كرواتيا تجد كلمة آلة، وأمان، وأمانة، وحب، وخردل، وبارود، وبراءة، وبركة، وبلبل، ودعاء، وخبر، وحلقة، وعناء، وإنسان، وقلم، وقالب، ومعمار. ويستخدم البلغاريون: بهار، بطال، كلاء، بلور، بستان، دائرة، دعوى (قضائية)، جوهر، أصناف، غُربة، أبريق، حور، رعية، صراف، صدف، دفتر، ورق، وكيل، زمرد. واليونانية التي تأثرت بها جميع لغات أوروبا بلا حدود نهلت من العربية بلا حساب: بقال، قساوة، قفص، أبريق، دنيا، فقير، غوغاء، جسارة، حلال، حال، حلوى، هام، حب، حبس، حرامي، هاون، حظ، حاضر، قبة، قماش، منديل، مسافر، راحة، رجاء، مُسقّا، زهر، ظريف، ترتيب، جامع، زقاق، سفر، والٍ، زمان.
ودخلت العربية أيضا كلمات كثيرة عبر مخالطة الشعوب والأمم. وكان أكثر ذلك في القديم عندما غابت العبرية والكنعانية، وأصبحت الآرامية اللغة الرسمية في جميع الشرق الأدنى. وآرام هو اسم سوريا والعراق، اندمجت كلماتها في العربية حتى لم يعد أحد يعرف أصولها وجذورها، ومنها مثلا كلمة أسبوع (سبعة)، وآذار وأجر وأتون وأرّخ (شهر)، وأطلس (نسيج كالحرير)، وإفك (كذب)، وأنبوب، وأيار، وأيلول، وباكورة، وبراني، وثبور، وثريا، وثم، وجبار، وجليد، والسلام عليكم.
نقلا عن الشرق الاوسط