28-12-2012
مررت البارحة تحت جسر المالية قرب فروج زكور، آخر خط الترامواي القديم، لأجد على كتفه بسطة تاجر متجول لم تعتدها عيني سابقاً…إنها بسطة بائع تتن (تبغ مفروم) عليها أنواع مختلفة منه. كان والدي في الخمسينيات يدخن تتن فرط (سيكارات لف) والذي كان تداوله محصوراً بيد الدولة، لكنه كان حراً أيام حكم الدولة العثمانية. كانوا يدعون بائعه التتونجي. كما كان هنالك أنواع خاصة منه تسمى التنباك، تدخن بواسطة الأركيلة. أما البائع الذي كان يبيعه فكانوا يدعونه التنبكجي. وهذا ما يذكرني بالموسيقي أحمد الشعار الذي كان في منتصف القرن التاسع عشر يبيع بهارات العطارة والتنباك في سوق بانقوسا، والذي تحولت كنيته لفترة معينة من شعار إلى تنبكجي.
كان والدي يشترى أنواع جيدة من التتن للاستخدام الشخصي، من بائع تتن مقيم في قرية الأنصاري، إما مفروماً أو ورقياً يتم فرمه في بيتنا. كان والدي يضع التتن في لقن نحاسي قطره حوالي نصف متر ويغطيه بقطعة قماش يبخّها بالماء كل عدة أيام كي لا ينشف. كان يضيّف جدتي فاطمة منجونة حوالي ربع كيلو تتن كلما زارتنا.
وعلى خلفية اشتياقي لأولادي المقيمين خارج القطر تذكرت أغنية صباح فخري الشهيرة:
آمن يا قلبي آمن… راحوا حبابي فين يبا.
طلبت مني التتن.. ومنين أجيب لها التتن… وقعت أنا في محبتن.. ماكانوا عل بال يمّا.
اقترن التتن في ذاكرتي بالحنين للأحبة المهاجرين. سأشتري قليلاً من التتن وأضعه في بيتي على شكل حرز أسميه حرز جمع الأحباب