إياد عيسى: اورينت نيوز
حذر الخبير ديفيد غارتنشاتين روس، أمام لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي من استمرار الحرب في سورية إلى أكثر من10 سنوات، مع تدفق الدعم الروسي والإيراني لبشار الأسد، وسيطرة المجموعات المتطرفة على أرض المعركة.
بحسب الخبير التابع لإحدى مؤسسات الدفاع عن الديمقراطية، تتطابق توقعات المخابرات الأمريكية مع تحذيراته، بل تعتبرها السيناريو الأرجح.
مداخلة غارتنشاتين، أشارت إلى نكوص الأسد الابن عن مواجهة المتطرفين، واتهمت الإدارة الأمريكية صراحة بعدم الرغبة الحقيقية في إنهاء الحرب، واستمرار امتناعها عن تسليم أسلحة ثقيلة للمعارضة المعتدلة التي باتت تقاتل على جبهتين.
المحلل، اعتبر أن الحرب قابلة للتفاوض بعكس الطائفية التي سوف تخلق بالتأكيد شروطاً للفوضى خلال السنوات العشر المقبلة.
هذا الكلام ليس جديداً، ولا صادماً، لكن حان الوقت لكي يقرأ السوريون تفاصيل الصورة المستقبلية لبلدهم بطريقة مختلفة في ضوء ما حدث على مدار الثلاث سنوات الماضية.
منذ اللحظة الأولى للاحتجاجات، استخدمت ماكينة الأسد الدعائية اللغة الطائقية المُغلفة (بالفتنة) التي تستهدف سورية، مترافقة مع حملة إشاعات وأكاذيب لا تنزل بميزان أو قبان، كان الهدف خلق تحالف للاقليات بدعوى حمايتها من الأكثرية، رغم وضوح المطالب الشعبية بالحرية والكرامة، وخلوها آنذاك من أي إشارات مذهبية أو طائفية أو عرقية.
بداية، ورط الأسد الطائفة العلوية عبر تسريب أجهزة مخابراته لمقاطع مصورة، تُظهر أبناء الطائفة حصراً من عناصر الأمن والجيش، وهم يمعنون في إذلال المحتجين، لم تقتصر المشاهد المُسربة على منطقة بعينها كالبيضا في بانياس ذات الخليط المذهبي، بل شملت مناطق مختلفة، تعمدت تأجيج المشاعر الدينية من خلال انتهاك حرمة المساجد مثلاً، أو اجبار بعض المُعتقلين على ( تأليه بشار)، وغيرها عشرات المقاطع المُستفزة لمشاعر السنة خاصة.
التسريبات الأمنية للصور، دعمها خطاب اعلامي عن المؤامرة الكونية، ومواجهة الإرهاب والقاعدة في سعي واضح لإثارة مخاوف الطوائف والمذاهب الآخرى بهدف اجتذابهم إلى جانبه، أو تحييدهم، واستخدامهم كورقة مساومة في مواجهة المجتمع الدولي.
مع تطور الأحداث، وانزلاق الثورة نحو السلاح نتيجة القمع غير المسبوق، وهزيمة جيش الأسد، وفقدان سيطرته على مساحات شاسعة من الأرض، استحضر الوريث علناً ميليشيات طائفية من خارج الحدود بأسماء استفزازية، وتحت عناوين وحجج طائفية كحماية المقامات الشيعية، في حين أخرج من داخل عباءته المتطرفين السنة، وحكاية ( داعش) لم تعد خافية على أحد.
ربما نفهم، أن يتسرب (الجهاديون) عبر الحدود الفالتة إلى داخل سورية، لكن أن يستعين نظام يدعي الشرعية بمقاتلين طائفيين للدفاع عنه، تلك فضيحة تسقط كل ادعاءاته بحماية الأقليات دفعة واحدة، كونها تشعل حرباً طائفية، الجميع فيها خاسر.
من يدعي حماية الأقليات، لا يزج بطائفته في معركة مفتوحة مع طائفة آخرى، ولا يستعين بمرتزقة طائفيين من دول خارجية لتقتل وتُنكل بشعبه، ولا يتجنب الدخول في مواجهة عسكرية مع (داعش)، ولا يخلط الأوراق الكردية، ولا يلوح بالتقسيم، ولا يُعلنها حرباً حتى النهاية، ولا يقبل بتحويل بلده إلى ساحة مواجهة اقليمية ودولية، ولا يدخلها بازار التسويات السياسية كجائزة ترضية أو ع (البيعة).
المشكلة، أن صوت الطائفية طغا على صوت الثورة والحرية والعدالة الإجتماعية، نجح الأسد في استجرار الكثير من طلاب الحرية إلى خنادق الحرب التي يريدها بين الجميع على مذبح كرسي السلطة.
لا يزال العلويون يحمون الأسد لأسباب طائفية بحتة، رغم قناعتهم أنهم مجرد وقود في معركة ليست معركتهم، لكن نسبة كبيرة من الثائرين بالمقابل، اعتمدوا الخطاب الطائفي، اعادوا الاعتبار لفتوى ابن تيمية، وهو أكثر ما تمناه وعمل لأجله بشار.
الأسد زائل، لا يمكن لشخص تسبب بدمار بلد وتشريد الملايين من أهلها، وقتل مئات الألوف أن يستمر بالحكم، والواقع انه تحول إلى قائد ميليشيا تمتلك أسلحة ثقيلة وطائرات لا أكثر.
يبدو على جميع السوريين، الاختيار بين حرب أهلية لا يوجد منتصر فيها، تحرق الأخضر واليابس، وتستمر لعشرات السنوات، أو الحفاظ على ما تبقى من سورية.
المأمول، هو انتفاضة علوية في وجه الطاغية، وحدها كفيلة باخماد حرائق الفتنة، وانقاذ المستقبل، أمنية صعبة، إنما لو حدثت، التاريخ سيسجل للعلويين ذلك، وإن لم تحصل ذات التاريخ لن يرحم.