عاجز أنا

iraqكثيراً ما نلجأ لطلب العون الإلهي لكن بعد أن نستنفذ في محاولاتنا كل القدرة البشرية و نعجز. فى حالة العجز يصيب التفكير جمود و شلل و تنحل القوة و ينتاب الإنسان عدم القدرة على فعل أى شيء. مثلما نقف عاجزين قدام موت أحباءنا أو قدام مرض لم تكتشف البشرية أسبابه و لا إكتشفت علاجه. العجز حالة تحدث للدول كما تحدث للجماعات و أيضاً للأفراد.و بسبب هذا العجز فقدت أمم كثيرة مجدها و تقدمها و فقدت كائنات و أجناس و جماعات و قبائل وجودها و إندثرت.و فقدت كنائس تاريخها و تقلصت إلي أبعد مدي.و فقد أناس حياتهم بسبب العجز.فالعجز موت.
و العجز حالة قد تحدث لأقلام الكتاب و أفكار المفكرين و قد تحدث في العلوم فتعجز عن حل المعضلات و إكتشاف أسرار أمراض و تغيرات .كما يحدث العجز أمام قوى الطبيعة و قدام ظواهر نجهل التنبؤ بحدوثها كالزلازل و البراكين و الصواعق الكهربية.و رغم كل هذا ليس كل العجز شر.فمن بطن العجز يولد الإتكال و التسليم لله و ينمو الإيمان. من نفس العجز يولد التحدى و البدايات الجديدة للدول و الكنائس و الأشخاص.كل إنسان يمكنه أن يبدأ بداية جديدة من بعد العجز.العجز أبعد نقطة إلي الوراء لذلك ليس بعد العجز تقهقر. هل عجزت و إستسلمت حتى عجزت أن تذهب للمسيح؟ هو بمحبته يأتيك و يحملك كما فعل مع الخروف العاجز.
الناجون من العجز
أشهر مثال لعجز أمة في القديم هو عجز شعب إسرائيل المستعبد في مصر.و اشهر موقف للعجز حين وصل هذا الشعب قدام البحر الأحمر و لم يعد هناك مزيد من أرض يسيرون فيها.و أصوات صهيل جيش فرعون من وراءهم تتردد كضربات القدر.كان حصار الموت بين قوي الطبيعة (البحر) و قوي الشيطان الذي يعمل في الأشرار(فرعون).هذه هي اللحظة التي تدخل فيها الله بنفسه و السر لم يكن في عصا موسى بل في إيمان موسي النبي أما العصا فكانت يد الله التي شقت البحر و تلاشى العجز من شعب يتمشى بين مياه البحر المنشقة كما تمشى الفتية وسط الأتون بحضور إبن الإنسان معهم.و صار الشعب العابر و البحر المنشق أعجوبة واحدة كما صار الفتية الثلاثة و رابعهم في الأتون أعجوبة يراها العاجزون و ينهضون من جديد.
أشهر مثال لعجز أمة في العصر الحديث هو إستسلام اليابان قدام القنبلة الذرية.لكنهم من رحم العجز نهضوا و صاروا من رواد العالم الحديث في العلم و الإقتصاد و الصناعة.
و قد يكون العجز حال بلاد تعاني عجزأَ إقتصادياً و ما أكثرها.و كلما زاد العجز زادت الحاجة إلي المحبة التي بها يشارك من يملك من لا يملك.و هذا ما نحتاجه في سوريا و العراق و مصر و ليبيا.هذه الدول التي بدون تعاون و مساهمة من القادرين سيجنح العاجزون إلي أميال بعيدة ضد مصالح بلادهم و مجتمعاتهم و حتي عائلاتهم.
من يدحرج لنا الحجر؟
الإدمان بكل أنواعه عجز جسدي و نفسى . اليأس أيضاً عجز فكرى و قد قتل يهوذا. الإلحاد عجز إيماني.التوقف عن المحاولة عجز يقيد الكيان في الإنسان العتيق .العاجز يري مياه البِرْكة راكدة ساكنة و لا يتعلم من الملاك الذي ينزل من فوق و يحرك الماء الذى كان يعطي درساً للعاجزين قبل أن يعطهم الشفاء .كان الدرس أنه لا مستحيل فما دامت مياه البركة الراكدة تتحرك فكل عاجز يمكنه أن ينهض بنعمة سماوية تستطيع ما لا نستطيعه نحن.
مفلوج بركة بيت حسدا كان أشهر عاجز. لثمانية و ثلاثين سنة يتجرع فى كل لحظة مرارة العجز.لهذا جاءه رب المجد يسوع وقبل أن يشفيه سأله أتريد أن تبرأ..لقد سأله عن الإرادة. فالعجز في الجسد ممكن لكن الإرادة لا تعجز إلا لو أرادها الإنسان عاجزة.الإرادة مثل خادم يكمن في حجرته ( القلب) و ينتظر أوامرك إلي حين تستدعيه بنفسك. لهذا مكتوب (يعطيك الرب حسب قلبك) .لأن موطن الإرادة هو القلب.فالإرادة كما قال بولس الرسول حاضرة عنده.كما هي حاضرة عند كل إنسان.تأتمر بأمره.الإرادة كالعبد في داخلك لا يتحرك بغير أمرك و لا يفعل إلا ما تمليه عليه.و حين يقمع الإنسان جسده و يستعبده فهذا يعني أنه يوجه الإرادة التي هي العبد الداخلي توجيهاً يتفق و خلاص النفس و محبة المسيح و شركة الروح.فإذا شعرت بالعجز عليك بالعبد.إستدعه و أأمره أن يسلم نفسه للسيد ليجعله مثمراً فيما هو صالح و إيجابى فهذا العبد لا يملك سوى طاعتك..و المسيح السيد المتضع يستجب لهذا العبد (إرادتك). يتدخل و يحيى ما قد دفنه العجز و إندثر كما أحيا لعازر. إذن قم أيها العاجز و قدم العبد تقدمة للسيد.قدم إرادتك فتأخذ إرادته.فالحب هو إستبدال مشيئة بمشيئة.
شجعوا العاجزين بالحب.فليس مثل الحب قوة.لذلك الحب يشفي الأفراد و الكنائس.و الأنانية تشقي الأفراد و الكنائس أيضاً و الأوطان.من هذا الذي يأتيه السيد و يجده يعيش زمن الحب؟ من هذا الذي يشعر بالضعفاء و العاجزين و يحملهم دون تأفف أو إحتقار.من هذا الذى إمتلأ قلبه بالرحمة فصار يحرك المياه الراكدة للعاجزين. ايتها الكنيسة التي مات المسيح لأجلها إخرجى و إبحثى عن العاجزين و لا تنتظريهم . هم ينتظرون العون أو فقدوا فيه الأمل .لتنفتح مخازن الرحمة فيكي.و يسكنك القلب المتسع فيجد المصدومين و المعثرين و العاجزين و اليائسين مكاناً فى إهتماماتك و مشاغلك.أيتها الكنيسة غادري الجدران أخرجي علي آثار الغنم لعلك تجدين الشارد و التائه و الضائع و المفقود.
عاجز أنا
عاجز أنا أن أصف ضعفي أو أصف قوتك.عاجز أنا أن أنتهر خطاياى أو أدرك أبعاد محبتك. أيها الرب يسوع الحنون أنا إختبرت العجزبأنواعه لكنني أراك تستطيع كل شيء و بك أستطيع أنا أيضاً كل شيء. إنني عاجز قدامى و قدامك أيها السيد الشافى لكننى بإرادة متهاوية أتوقع قدومك. أنا لا أنتظر ملاكاً يحرك الماء الراكد.بل أنتظرك مخلصاً ينهض الحب البارد.يحفز إرادة قد تجاوزت حد المحاولات الفاشلة بمراحل .يا من تسألني أجيبك نعم أنا أريدك.أنا لا أريد أن أبرأ من مرض أو ضيق أنا أريدك أنت بذاتك و راض بأن أبقي كما تريد.أريدك أيها السيد الرائع لأجلي كي أبدأ بك من جديد كأن ما مضي لم يأت بعد. فالزمان يبدأ من عندك و يعود إليك.فلا خوف من الزمن الضائع.
أوطاننا مثلنا عاجزة.قسمها الشر و فتتها.صارت فريسة وسط ذئاب كثيرة.أيها الحمل الوديع ليس من ينقذ من الذئاب سواك.فأنت الأسد الخارج من سبط يهوذا.رد المحبة لشعوبنا فتعرفك.و لكنائسنا فتتبعك و لكل إنسان فينهض بك. من يلهب المحبة و ينفخ في الفتيلة المدخنة غيرك.لا زلنا في جهلِ نسأل من يدحرج لنا الحجر .علمنا أن نسأل من يدحرج عن قلوبنا الغشاوة فننظر رب القيامة الذي يقيم الجميع من كل عجز و موت.لا زلنا ننتظر إنساناً يلقينا في البركة؟ فيما ينبغي أن نطلب الإله الذي يخفينا في بحر مراحمه. لا زلنا نعجز عن الإستفادة من كنوز شخصك المجيد و نكتفي بالفخر الكاذب أننا أبناءك.لا زلنا نتمرغ في طين الحمأة و الأقداس تحت أقدامنا .لا زلنا كخراف مكممة في حقل خصب.نجلس بجوار الينبوع و نسألك كأنك أنت العطشان قائلين لا دلو لك و البئر عميقة. كم نحن في تيه عظيم و لم ندرك بعد أنك المسيا الحاضر قدامنا.العيون مغلقة و القلوب مثلها مغلقة فمن يفتح الأبواب إلا الذي في يديه مفاتيح ملكوت السموات الذى هو باب الحياة الذى هو أنت يا سيدنا و مخلصنا يسوع.
إقرع علي أبواب كنائسنا.فبعضها مغلق في وجهك و هو يدعى أنه يتعبد لك الليل و النهار.أدخل هناك و أنر بصيرة الكل.لئلا يكون الزمن مهدراَ و التعب بلا ثمر.كنائس كثيرة منشغلة عنك بدلاً من أن تنشغل بك. خرجت خرافها هائمة في طرق و دروب وسط الأشواك.إقتحم هذه الكنائس كما إقتحمت الجحيم.و حول ظلمتها إلي نور.فهي لم تدرك بعد كم هى عاجزة بدونك.كنائس كثيرة وهمية لم تأخذك أساساَ أو طريقاَ.هى بجملتها خروف ضال من يأتي به غيرك.لأجل خطايا القلب و الفكر و الفعل إنطفئت الأشواق لعشرتك.صرنا غرباء عنك و أنت غريب عنا حتي في أورشليم.لم نعد نلقاك فكيف تتركنا هكذا. أخرج من بيتك و عانقنا نحن الضالين.تعال بسرعة لأننا لن نستطيع أن نأتيك وحدنا.تعال و خذنا إليك فنعود. نحيا بك و يموت العجز.

About Oliver

كاتب مصري قبطي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.