ذهبت وصديقتي لمشاهدة الفيلم البريطاني ” طفل بريجيت جونز ” وبرغم رفضي التام لفكره الفيلم ذاتها , إلا أنني لم أستطع تمالك دموعي حين رأيت منظر ولادة الطفل . وكأنما ولادته طهًرت ذهني من أي تفكير بالخطيئه التي (في رأيي ) إرتكبتها بطلة الفيلم .. حين مارست الجنس مرتين خلال فترة زمنية ’متقاربة بحيث لم تستطع تحديد من هو الأب خلال فترة التسعة أشهر للحمل , وتنافس كلا الرجلين في مساعدتها وفي طلب الزواج منها ونسب الطفل إلية . أكثر ما لفت إنتباهي الحب الذي طغى على أي شيء آخر بحيث أن كلاهما طلب زواجها والتكفل بالطفل حتى وإن لم يكن من صلبه ؟؟؟
خرجت من الفيلم بإقتناع تام بإستحالة إندماج الثقافتين العربية والغربية . لأنني تربيت على ثقافة أن علاقة الجنس خارج الزواج علاقة آثمة و’محرّمه فما بالك إذا كانت مع رجلين ؟؟؟؟ ولكني وفي أي حال لم ولن أؤمن بعقاب الرجم .. ولكن الأهم في نظري حماية الطفل حتى وإن كان كا يسميه المجتمع طفل الخطيئه ؟؟؟
الفيلم أكد لي الفجوة الكبيرة بين الثقافتين . فبينما في الثقافة الغربية لم ’يجرمه المجتمع الغربي وتتقبله بل وتحتضنة القوانين الحكومية ل’تقدم له كل ما يحظى به أي الطفل سواء معروف النسب أم مجهوله .
في ثقافتنا ليس فقط نقتل أمه بل و’نحمله الخطيئة. بل ضمنيا تتوافق وتتناغم الدولة والمجتمع في تحميله الخطيئة طيلة حياته , حين ’تحمله في وثائقه الرسمية رقما مميزا خاصا .. ؟؟؟ بحيث ’يعرف من خلالها بإبن حرام ولقيط وإبن زنا. يرفضه المجتمع وترفضه الدولة لأنه مجهول النسب , ناقص الأهلية ولا يحق له تولي أي منصب حكومي .. إضافة إلى بقائه وحيدا منفردا ترفض العائلات نسبه ومصاهرته ؟؟
الآن فقط وخلال كتابة هذه السطور أكتشفت وجود حالة مماثلة كنت قرأت عنها في السيرة الحلبية للعلامة برهان الدين الحلبي – أحد كتب التراث ..
الواقعة التي هي سبب تردد وعدم إستطاعة الإعلام العربي, إنتاج فيلم أو مسلسل عن شخصية تاريخية إسلامية دخلت التاريخ من أوسع أبوابه, في الفتوحات الإسلامية الأولى خلال خلافة عمر بن الخطاب . حين فتح عمرو بن العاص مصر , وولاه الخليقة عمر واليا عليها . الشخصية التي أرسلت قوافل غذاء تبدأ من مصر وتنتهي في مكة بغض النظر عن جوع المصريين أنفسهم ؟؟ الشخصية الداهية التي أجبرت المصريين وكلهم أقباط آنذاك ,على الخيار ما بين إعتناق الدين الجديد أو دفع الجزية. وأثّرها المستمر على وضع الأقباط المصريين حتى يومنا هذا ؟؟
الداهية الذي أشار على معاوية برفع المصاحف كخدعة حرب في حرب صفين بين معاوية وعلي بن أبي طالب . والتي أدت لإنقسام المسلمين إلى سنة وشيعة. و لا زال المسلمون يعانون من نتائجها حتى يومنا هذا ؟؟؟
التساؤل ينبع من القصة المكتوبة في كتب التراث .. وإن إختلفت تفاصيلها, هل كان ما فعلته ليلى العنزية “أم عمرو بن العاص” يدخل في الحرية التي كانت مسموحه للمرأة في الجاهلية أم أنها ’أجبرت على ممارسة الدعارة من وليها ومالكها آنذاك .. الواقعة تؤكد أنها مارست الجنس مع أربعة من كبار رجال قريش وأغناهم أبو سفيان – وأبو لهب – والفاكه إبن المغيرة ثم العاص و’يقال أيضا أمية بن خلف . وأنها وحين حملت تنافس كل منهم لنسب الطفل إلية .. تماما كما فعل الرجلين في الفيلم ؟؟ ولكنها إختارت أن تنسبه لأكثرهم ثراء وهو العاص ..الأمر الذي إستغله معاوية بن أبي سفيان فيما بعد حين ضم عمرو بن العاص لمؤيديه ضد علي بن أبي طالب, على إعتبار انه قد يكون أخيه ؟؟؟
القصة قد تؤكد أن المرأة في الجاهلية كانت تحظى بحقوق وحرية .. ولكنها تؤكد الأهم من ذلك وهو أنه وفي عصر ما نسميه بالجاهلية كان هناك قبول وتعايش ورحمه حتى في تقبل طفل الحرام ؟؟؟
وأعود للسؤال الأول هل من الممكن حصول إندماج بين الثقافتين ؟؟
لنؤكد ’مسبقا بأن أكبر وأهم سبب للخوف من الإندماج هو الحرية الجنسية وبالذات للمرأة , الأمر الذي تتحايل حوله ’معظم النساء المسلمات في الشرق وحتى الموجودات في الغرب , بترقيع البكارة .. أو بالزواج العرفي . نعم أؤكد برفضي للإباحة المطلقة وأرفض العلاقات المزدوجه ولكني لا أستطيع إنكار أنني أعتبر ممارسة الجنس أمر خاص وشخصي تماما .
ومهما كانت الفجوة ومهما كانت التناقضات . لن توقفني عن البحث عن حلول من الثقافتين او من قصص الأديان تخفف من الكراهية والعنصرية المتصاعدة من كلا الطرفين !!!!
المصدر ايلاف