الشرق الاوسط: جون ماكين _ ليندسي غراهام
توجهنا إلى القاهرة هذا الأسبوع لتعزيز الجهود الأميركية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة السياسية، والتقينا قادة الحكومة والقوات المسلحة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والإخوان المسلمين. وعدنا ونحن نحمل قناعة بأن الوقت ينفد سريعا لحل هذه الأزمة، لكن لا تزال هناك فرصة للقيام بذلك إذا توحد المصريون ذوو النوايا الحسنة من أجل بلدهم، قلب العالم العربي وموطن ربع سكانه.
نحن أصدقاء قدامى لمصر وقواتها المسلحة منذ وقت طويل. وقد حاربنا بقوة على مدى سنوات للحفاظ على مساعداتنا الخارجية الحيوية لها. وكنا من أوائل الداعمين لثورة عام 2011 وأيدنا الطموحات الديمقراطية للشعب المصري. وقد انتقدنا بشدة الإجراءات غير الديمقراطية التي قام بها الرئيس السابق محمد مرسي، وتعاطفنا مع ملايين المصريين الذين نزلوا إلى الشوارع الشهر الماضي للتظاهر ضد انتهاكات مرسي للسلطة. لكن كما قلنا في القاهرة هذا الأسبوع، لا يمكن وصف الظروف التي أطيح فيها بمرسي من منصبه عدا كونها انقلابا. ينبغي على القادة غير الناجحين في أي بلد ديمقراطي أن يتركوا مناصبهم عبر الانتخابات.
رسالتنا الرئيسة في القاهرة كانت بسيطة ومباشرة: الديمقراطية هي المسار الحيوي الوحيد لاستقرار دائم ومصالحة وطنية وتنمية اقتصادية مستدامة وعودة الاستثمار والسياحة إلى مصر. إن الديمقراطية تعني ما هو أكثر من الانتخابات؛ إنها تعني حكما ديمقراطيا، أي عملية سياسية شاملة يتمتع فيها كل المصريين بالحرية والقدرة على المشاركة ما داموا يقومون بذلك بشكل سلمي، وحماية حقوق الإنسان الأساسية عبر سيادة القانون والدستور، ودولة تحمي مجتمعا مدنيا فاعلا.
هذا هو المستقبل الديمقراطي الذي يريده غالبية المصريين، بحسب اعتقادنا، لكن الخطر الآن يتمثل في وجود قوى متطرفة ورجعية في صفوف الحكومة المصرية المؤقتة ومن ضمن أنصار مرسي على حد سواء تحاول جر البلاد إلى طريق مظلم من العنف والقمع والانتقام، مما يؤدي إلى الكارثة وفشل الجميع. وهو ما من شأنه أن يزيد المشكلات التي تواجهها مصر سوءا ويهدد في النهاية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائنا.
ينبغي علينا أن نتذكر – وخاصة عندما يعيد الأميركيون النظر في التهديد الدائم والحقيقي الذي تمثله «القاعدة» – أن زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وأن الظواهري لم يتحول إلى التطرف العنيف إلا بعد تعرض قيادات الجماعة للقمع والاعتقالات من جانب الأنظمة المصرية السابقة. وأن تكرار أخطاء الماضي ذاتها ستدفع بمصر إلى مستقبل طويل من عدم الاستقرار والركود، وسيؤدي إلى نشأة جيل من أعضاء التنظيمات الإرهابية مثل «القاعدة».
ونحن نعتقد أنه لا يزال هناك الكثير من الأفراد ذوي النوايا الحسنة والوطنية على كلا الجانبين الذين يريدون مستقبلا أفضل بالنسبة لمصر. وقد سمعنا الكثير من التصريحات المشجعة في اجتماعاتنا، وطالبنا جميع الأطراف بتعزيز تصريحاتهم هذه بخطوات بناءة، وطالبناهم أيضا بالقيام بذلك بسرعة لأن الوقت ينفد.
يجب على جميع الأفراد والأحزاب في مصر أن يتطلعوا لحل خلافاتهم بصورة سلمية عبر الحوار الشامل وعقد تسويات صعبة وتضحيات مؤلمة تشكل ضرورة لإنقاذ الوطن.
وينبغي على أنصار مرسي، بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين، الاعتراف بأن ما اتخذه من إجراءات تسببت في غضب شعبي واسع، وأنه لن يعود لمنصبه رئيسا مرة أخرى. كما ينبغي عليهم الامتناع عن القيام بأعمال العنف والتحريض عليه، وأنهم في نهاية المطاف سيكونون بحاجة لترك الشوارع والعودة إلى العملية السياسية، لأنه لا يوجد بديل جيد أو فعال لتحقيق مصالحهم.
في الوقت ذاته، ينبغي على الحكومة والقوات المسلحة إدراك أنه مهما بلغت كراهيتهم لأنصار مرسي إلا أنهم مصريون أيضا، ولا ينبغي استثناؤهم من الحياة السياسية في البلاد، وإلى ضرورة التعامل معهم ومع أنصار مرسي برحابة صدر وليس بطريقة انتقامية، وهذا يعني وضع جدول زمني محدد لتحقيق الانتقال إلى الديمقراطية وتمكين كل المصريين من المشاركة في تعديل الدستور، كما يعني تمكين المنظمات الدولية والمصرية ذات المصداقية من مراقبة الحملات والانتخابات القادمة، ويعني أيضا إطلاق سراح السجناء السياسيين بما في ذلك مؤيدو مرسي.
إن ما سيجري في مصر خلال الأسابيع القادمة سيكون له تأثير حاسم على مستقبل مصر والشرق الأوسط. لقد كانت مصر زعيمة بين جيرانها. ولا نزال نعتقد بأن مصر تستطيع أن تكون نموذجا للديمقراطية الشاملة تلهم المنطقة والعالم، ولتحقيق ذلك يجب على الولايات المتحدة أن تواصل تقديم دعمها.
* جون ماكين وليندسي غراهام، جمهوريان يمثلان ولايتي أريزونا وكارولينا الجنوبية في مجلس الشيوخ الأميركي على التوالي
* خدمة «واشنطن بوست»