طرفة النبيذ الملعون

تتردد بين الحين والاخر طرف،جمع طرفة،في بلاد الكفار حيث يظل الناس هناك يثرثرون بها لانهم ببساطة ناس كفرة ولاشغل

تَرْجِعُ النَّفْسُ إِذَا وَقّرْتَها  وشفاءُ الهَمِّ في خمر وماء    بشار بن برد

تَرْجِعُ النَّفْسُ إِذَا وَقّرْتَها وشفاءُ الهَمِّ في خمر وماء بشار بن برد

لهم الا اخذ غيبة المسووءلين خصوصا في ايام العطل الرسمية والمناسبات الدينية.
وقبل فترة اهديت الى عمدة احدى اكبر المدن في بلاد كادت ان تكون قارة زجاجة نبيذ يبدو انها فاخرة.
انتشر خبر الاهداء كالنار في الهشيم بين الناس وركض الصحفيون يستطلعون الخبر.
وجدوا ان العمدة المسكين قد تقبل هذه الهدية بدون ان يعلن عنها،وتمادى بعضهم ليعرج على نوعها وسعرها الذي اقسموا انها تباع ب 3 الاف دولار.
واستعد جزاروا الصحافة لشحذ سكاكينهم ضد هذا العمدة الذي تقبل الهدية دون ان يخبر شعبه بذلك. حاول العمدة ان يبرر موقفه امام الناس حتى كاد ان يبكي وهو يقول:ياناس انها مجرد زجاجة نبيذ يعود تاريخها الى 1959 ،صحيح ان سعرها 3 الاف دولار ولكن ذلك لايعني اي شيء،ارجوكم ان تسامحوني لهذه الهفوة واناراض باي حكم تصدروه ضدي.
ولان الناس هناك قساة وكفرة ومن المستحيل ارضاءهم بمعسول الكلام فقد شنوا عليه حملة شعواء بالتعاون مع صحفيين لايعرفون مامعنى الضمير ولايقدرون قيمة المسووءل الذي يخدم البلد وكل ما في الامر انه تقبل زجاجة نبيذ من النوع الفاخر.
لم يطل الامر حين ظهر العمدة من على شاشة التلفزيون ليعلن استقالته ويعتذر للناس عن هذه الهفوة.
ماحدث بعد ذلك….
خرج خطيب جامع قرية الخالصة في العراق ليخاطب الناس:
ايها الناس اسمعوا وعوا..
قلت لكم مرارا ان هوءلاء الكفرة مثواهم النار، انهم ليس فقط يتقبلون مشروب الخمرة الحرام بل يكتمون عن شعوبهم ماتاتيهم من هدايا خصوصا اذا كانت حرام بحرام.
نقطة نظام:قبل سنوات طويلة كانت هذه القرية تدار من قبل عمدة اسمه محمد محمد حنين،وكان يقنع المصريين العاملين هناك بالحصول على الجنسية العراقية ،وفي خطوة انجاز معاملة التجنس الاخيرة يشتري لهم سيارات فارهة من البلد المجاور وهي معفاة من الرسوم وتحمل لوحات ارقام موقتة.
بعد التجنيس تحول لوحات الارقام الى عراقية بالتجنس ويكون السيد حنين قد باعها على اعتبار انها سيارة عراقية خالصة ومن قرية الخالصة.
لا احد يعلم كم عدد السيارات التي باعها هذا العمدة ولكن من الموكد انه كان يحصل على دعم وشراكة ابرز رجل اعلام في ذلك الوقت.
وضجت بعد ذلك عدد من الجوامع باصوات الخطباء عبر مكبرات الصوت ،في الايام الماضية، يحذرون الناس من هولاء الكفار الذين يريدون نشر الرذيلة بين ناس بلاد المسلمين الذين يجاهدون بكل ما اوتوا من قوة في ارضاء رب العالمين حتى ينالوا الجنة الموعودة حيث الحوريات وانهار الخمر والغلمان المخلدون.
فاصل مسكين:شوهد عمدة بلد الكفار يمشي حافيا في الشوارع العامة ويحدث مع نفسه فيما كانت يداه تضرب بقوة على خديه ويصيح بين حين واخر انها زجاجة نبيذ معتقة ياناس وعمرها 42 سنة فقط.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.