أطلع مسؤول أميركي رفيع سابق عُرف بدهائه ونجاحاته “الشرق الأوسطية”، مجموعة من المعنيين في بلاده والمنطقة على تصوره لأوضاعها وتطورها مستقبلاً انطلاقاً من خبرته الواسعة عربياً واسلامياً. ورغم أن بعض ما قاله ليس جديداً على اللبنانيين والعرب، فان اطلاعهم على أهم ما تناوله يبقى مفيداً. ذلك أنه من جهة يخفّف الأوهام والأحلام، ومن جهة أخرى يثبِّت أن الأولوية في أميركا كانت دائماً وستبقى للمصالح الحيوية والاستراتيجية المعروفة في الشرق الأوسط.
ماذا قال المسؤول الأميركي الرفيع السابق المشار اليه؟
قال أولاً إن ما يشهده العالم الاسلامي هو أمر طبيعي. اذ وضع مسؤولان كانا يمثّلان القوّتين العالميّتين الأكبر في حينه بريطانيا وفرنسا (سايكس وبيكو) في خضم الحرب العالمية الأولى أُسس النظام الاقليمي الذي طُبِّق في المنطقة، وخصوصاً العالم العربي منها بعد انهيار السلطة العثمانية. واحدى أبرز قواعد هذا النظام كانت اقامة “دول قومية” بعدما كانت السلطنة قائمة على قاعدة واحدة هي الاسلام، أي الأمة الاسلامية الموحِّدة للشعوب، بغضّ النظر عن قومياتها وإثنياتها، وكانت تسمَّى دولة الخلافة. وهذا أمر لا يقبله المسلمون ولا يؤمنون به. لكن وضعهم في ذلك الوقت كان “مهلهلاً”، وكانوا يريدون الخلاص من السلطنة وتحكّمها فقبلوه، لا بل رضوا به، وهم الآن يعودون عنه لأسباب عدة منها فشل الدولة القومية. وقال أيضاً إن الخلاف الكبير والمستمر والدائم على الأرجح بين المسلمين السنّة والشيعة، رغم تحوّله صراعاً عنفياً في مراحل تاريخية عدة تشهد المنطقة أحد أعنفها، لا يمسّ القاعدة المذكورة. فالامام الخميني الذي فجَّر الثورة الاسلامية في ايران ثم حوّلها نظاماً جمهورياً اسلامياً لم يتحدث الا عن الأمة الاسلامية. وخليفته استمر على نهجه، علماً أنه لا يستطيع أن يحيد عنه. لكن الملاحظة الوحيدة التي يمكن الاشارة اليها هنا هي أن خطابه الدائم عن الأمة الاسلامية كان ذا نكهة شيعية. وهذا الخليفة، واسمه آية الله علي خامنئي، يحتقر الغرب ولا يحترم كثيراً غير المسلمين. علماً أن مصالح بلاده وحاجاتها تدفعه الى اظهار الاحترام الى غير المسلمين الذين يمدّون جمهوريته الاسلامية بالدعم والتأييد، الأمر الذي يدفعه الى التعويض عن ذلك بمضاعفة عدم الاحترام لغير المسلمين المعادين للاثنين مثل أميركا والغرب عموماً. وعلماً أيضاً ان الشيعة يعطون الانطباع بأنهم أفضل بسبب انفتاحهم و”الاجتهاد” الذي يطبّقون. ويستعملون ذلك لاستمالة العالم المعادي والمؤيِّد من أجل الصمود في وجه الغالبية المسلمة السنّية التي تعتبرهم أقلية.
وشكّك المسؤول الأميركي الرفيع السابق نفسه في مستقبل المسيحيين في المنطقة وخصوصاً في لبنان. ففي السابق كان المسيحيون العرب يعتبرونه، بسبب دورهم المهم فيه رغم قلة عددهم بالمقارنة مع عدد المسيحيين العرب، أملاً لهم ومعقلاً وملجأ. وهكذا اعتبره أيضاً مسلمون عرب لأسباب مختلفة. اما الآن فانه صار “محطة ترانزيت” يستعملها مسيحيو سوريا والعراق وغيرهما للانتقال أي اللجوء الى دول العالم الأول.
وقال رابعاً إن باراك أوباما رئيس أميركا ضعيف. لكنه يريد اتفاقاً مع ايران الاسلامية يثبت فيه أنه قوي بتأخيره صنعها القنبلة النووية سنوات عدة. علماً أن ذلك يترك لها امكان صنعها يوماً اذا احتاجت الى ذلك.
وقال خامساً إن اسرائيل لا تريد ايران نووية ولا تقبلها، وان احتمال توجيهها ضربة عسكرية اليها ضعيف لكنه ليس منعدماً. واذا قامت بضربة كهذه فسيكون موعدها قبل نهاية ولاية أوباما.
وقال سادساً إن أوباما لم يكن مع القضاء على الرئيس السوري ونظامه. لكنه لم يعد يستطيع البقاء على موقفه هذا. وقال سابعاً وأخيراً إن ما يقلقه هو السباق الكبير للتسلّح في الشرق الأقصى.
هل من تعليقات على ذلك كله؟
اثنان فقط. الأول هو أن العالم العربي الاسلامي آمن بالقومية وبقدرتها على استرجاع فلسطين، أو على حل قضيّتها بعدل. لكن عجز الغرب الأوروبي، ولاحقاً الأميركي مضافاً اليه انحيازهما الى اسرائيل، كانا من أسباب يأس العرب منها. علماً أن علاقة القومية العربية بالاسلام كانت قوية جداً وعصية على الفصل والقطع. والثاني أن التأييد الكبير للموظف الرفيع لاسرائيل ربما أثّر على كلامه عن إيران – أوباما.
*نقلاً عن “النهار” اللبنانية
http://newspaper.annahar.com/article/185599-ضربة-إسرائيلية-لإيران-قبل-انتهاء-أوباما