قال تعالى في سورة البقرة 11ـ 12 (( وَإِذا قيل لَهُم لَا تفسدوا فِي الأَرْض قَالُوا إِنَّمَا نَحن مصلحون إِلَّا إِنَّهُم هم المفسدون وَلَكِن لَا يَشْعُرُونَ))
بلا أدنى شك هناك آفة تفتك بالعراقيين بمنأى عن أنظار الحكومة، بتعمد مقصود وهي المخدرات القادمة من إيران، التي تتاجر بها الميليشيات الشيعية حصرا، وبعض عناصر الشرطة ومنتسبي المنافذ الحدودية مع لإيران من أصحاب النفوس الضالة، وهي منافذ سائبة من قبل النظامين الإيراني والعراقي للمهربين والحيوانات على حد سواء. والحقيقة ان العوائد الناجمة عن تجارة المخدرات صارت الوسيلة الأولى لتمويل الميليشيات الشيعية إسوة بحزب الله اللبناني، بعد أن ضاقت الأمور بنظام الملالي بسبب الحصار الإقتصادي المفروض على البلاد، وردة الفعل الشعبية المعارضة لسياسة التبذير الحكومي بحجة نصرة المذهب وتصديرالثورة البائسة التي استنزفت مليارات الدولارات التي ينفقها النظام على الخلايا الصاحية والخلايا النائمة معا في معظم دول العالم وبشكل أساس على الميليشيات التابعة لولاية الفقيه في العراق وسوريا ودويلتي حسن نصر الله في لبنان والحوثي في اليمن.
كان للحكومة العراقية الفاسدة والبرلمان الهزيل دورا فاعلا في ترويج تجارة المخدرات التي أفتى عدد من مراجع الشيعة بإباحتها، فعندما سن البرلمان نصا قانونيا بحظر المشروبات الروحية كان الغرض منه ترويج المخدرات كبديل عنها، والدليل على ذلك أن البرلمان حظر الكحول فقط، ولم يحظر المخدرات، مع أن الأخيرة أشد فتكا بالمجتمع من الأولى. كما ان البرلمان حظر الكحول ليس لأهداف أخلاقية وحفاظا على المجتمع العراقي، ولأن الأحزاب الحاكمة تزعم إنها إسلامية المنهج، والدليل إنها لم حظر الملاهي الليلية العديدة لأن ميليشيات الأحزاب الشيعية هي التي تحمي هذه الملاهي مقابل أتاوات بالملايين يدفعها أصحاب الملاهي شهريا للأحزاب الإسلامية، وهذا ما إعترف به النائب العراقي فائق الشيخ، ولم تنفِ أي من الأحزاب الإسلامية الحاكمة ما صرح به، ولم ترفع دعاوي ضده لأنه يمتلك أدلة دامغة تدينها، فآثرت السكوت على الفضيحة.
تعد البصرة العابقة برائحة المخدرات، وبارود المافيات والعشائر السائبة الباب الرئيس لتجارة المخدرات، علاوة على إقليم كردستان حيث يكثر عدد المهربين بسبب وعورة الجبال وصعوبة السيطرة على الحدود، وتمت زراعة الحشيشة في ربوع الإقليم والمحافظات الجنوبية علاوة على معامل سرية بحماية الميليشيات الشيعية لإنتاج مخدرات الكريستال المعروفة. وتجارة المخدرات حكرا على ميليشيات الشيعة فلا أهل السنة لهم علاقة بها ولا الدواعش ولا بقية الأقليات، وهذه حقيقة يدركها الجميع، فمنافذ البصرة يسيطر عليها مافيات وميليشيات تعود للأحزاب الشيعية الحاكمة. لذا تجد ان أكثر المناطق التي تعاني من الإدمان هي جنوب العراق والعتبات الشيعية في النجف وكربلاء وبدرجة أقل العاصمة بغداد. في حين لا ترى لها أثرا في محافظات أهل السنة كالأنبار والموصل وصلاح الدين.
لا جدال بأن إنتقال المخدرات من شمال العراق وجنوبه الى بقية المحافظات لا يمكن أن يكون بمعزل عن تعاون عناصر الشرطة والجيش والأجهزة الأمنية، لأنه لا يمكن لعناصر الميليشيات الإنتقال بهذه السهولة عبر المئات من السيطرات وهم يحملون عشرات الكيلوغرامات من المخدرات، وهذا ما توضح عمليا خلال القبض على إبن محافظ النجف المجرم (جواد لؤي الياسري) وهو من أتباع آل البيت وضابط في جهاز المخابرات العراقي، مع عصابته المؤلفة من إبن عمه (محمد الياسري) وأحد أقاربه ممن لم يفصح عن إسمه لسبب ما، ويبدو أنه أما من عائلتة أو إبن لأحد الشخصيات الدينية أو السياسية المهمة، لذلك بقي الإسم في الظل ولم يعلن عنه لا القضاء العراقي ولا وزارة الداخلية، إنه لغز محير!
ما تجدر الإشارة اليه انه لولا قيام عناصر سيطرة التفتيش بالإعلان عن الجريمة ربما زهوا أو تنكيلا أو لأسباب أخرى، لقامت وزارة الداخلية العراقية كالعادة بلملمة الموضوع دون الإشارة اليه، ولكن بعد أن صارت الجريمة قضية رأي عام، لم تستطع الوزارة أن تلملم الفضيحة، لذا قام وزير الداخلية بإعتقال عناصر السيطرة بحجة إن التحقيقات لم تكتمل بعد، مع ان الوزارة كشفت عن الكثير من الجرائم دون إستكمال التحقيقات، فبدلا من أن يفتخر وزير الداخلية بعناصر نقطة التفتيش وتكريمهم إعتقلهم وعاقبهم! في حالة شاذة تكشف للرأي العام العراقي حقيقة هذه الوزارة التي صرحت بأن هناك (300000) من عنصرها أمي لا يقرأ ولا يكتب، وهي تتبجح بمعرفة عناصرها لمباديء حقوق الإنسان، لكن لا غرابة! فالوزير نفسه كان ضمن فريق حماية الجنرال سليماني، وهو من الحرس الثوري الإيراني، وسبق أن قاتل الجيش العراقي البطل خلال الحرب العراقية الإيرانية.
جاء في الأخبار” ألقت القوات الامنية القبض على جواد لؤي الياسري نجل محافظ النجف (حزب الدعوة) بتهمة حيازة مخدرات في بغداد. وقال مصدر امني في تصريح صحفي انه بالساعة السادسة عصرا من مساء 21/1/2018، وردت معلومات الى الاجهزة الامنية تفيد بوجود مواد ممنوعة داخل سيارة، حيث تم نصب سيطرة مفاجئة ضمن منطقة السيدية مقابل جامع الإمام علي (ع) ، وتم إلقاء القبض على سيارة جارجر الرقم ( 33932 ) ازرق بغداد وداخلها ضابط مخابرات الملازم جواد لؤي جواد الياسري، وبداخلها ايضا 12 كيلو حشيشة ونص كليو مواد مخدرة أخرى و7000 حباية نوعها صفر واحد و88 باكيت مواد مخدرة أخرى ومسدس كروكر تابع الى جهاز المخابرات الوطني العراقي وباجات متنوعة وكتب تسهيل مهمة ، حيث تم التحفظ على المواد”.
الغريب في أمر المجرم لؤي الياسري إنه علاوة على كونه ضابط مخابرات، فهو يمتلك أكثر من (12) هوية، وهذه حالة غريبة، لأنه حتى لو إفترضنا جدلا بأن عمله المخابراتي يتطلب منه إمتلاك هويات لغرض التمويه عن عمله الحقيقي، فيفترض أن تسحب منه الهوية بعد إنتهاء مهمته لإنتفاء الحاجة اليها. لكن ان تكون عنده هويات بهذا العدد، فإنه أمر محير فعلا، علما إنه لم تشر أي جهة رسمية إلى أن هذه الهويات مزورة، بمعنى إنها أصليه، ولم تفسر أية جهة بما فيها جهاز المخابرات سبب إمتلاكه هذا الكم من الهويات.
الكارثة في موقف الأب المحافظ، وهو من قادة حزب الدعوة وعرف عنه شدة تطرفه في الكثير من المسائل، منها فرض الحجاب على نساء النجف والزائرات، وتحديد عمل المقاهي، وعدم مصافحة النساء، ورفض عرض الأزياء بالدمى، وموقفه من عيد الحب، ربما يطمح الى عيد الكراهية ـ وغيرها من الإجراءات التي إعتبرها لا تتناسب مع قدسية المحافظة التي تعج بالمخدرات برأيه المتطرف، مع ان المحافظ لا قدسية لها، فوجود قبر إئمة فيها لا يعني إنها مقدسة مطلقا، فقبر النبي (ص) غير مقدس، لا يوجد مقدسات سوى الكعبة والمسجدين اللذين يشد لهما الرحال، وحتى إطلاق صفة التفضيل (الأشرف) لا تستقيم مع الشرع الإسلامي، لأن هذه الصفة مشتقة من (شريف، اشرف من، الأشرف) بمعنى أن النجف أشرف من الكعبة، لأن الكعبة صفتها (الكعبة الشريفة) والنجف ( النجف الأشرف)!
المحافظ الذي عجز عن تربية وتوجيه إبنه يريد ان يربي أهل النجف وفق معتقداته الشخصية المتطرفة سيما ضد حرائر أهل النجف. لكن من يفشل في تربية أسرته لا يمكن أن يربي مجتمعا، وليت الأمر إقتصر على التربية، فالمحافظ المسلم المتدين كاذب، وكُشف كذبه أمام الرأي العام، فقد إدعى بأن الغرض من التشهير به هو قرب الإنتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات وإن إستهدافه كان سياسيا كونه محافظا، لكن المحافظ من حزب الدعوة ودخل في تحالف رئيس الوزراء حيدر العبادي، أي هو إبن الحزب الحاكم والأقوى على الساحة، بمعنى إن من يريد تسقيطه هو نوري المالكي غريم العبادي! وهذا ما لم يثبت بعد على أقل تقدير.
والكذبة الكبرى للمحافظ كانت أسخف من سابقتها، فقد صرح بسذاجة لكي يخدع الرأي العام العراقي بقوله” كان أبني ينوي إيصال مساعدات طبية وغذائية إلى مخيمات النازحين. وأن ما كان بحوزته، هي أدوية لأوجاع الرأس، وأكياس لصنع حلوى الكاستر”. في حين صرح ” آمر اللواء السابع في الشرطة الاتحادية، عدنان درويش في بيان” إن القوات الأمنية ألقت القبض على عصابة تتاجر بالمخدرات في محافظة بغداد مؤلفة من ثلاثة عناصر من بينهم جواد لؤي الياسري نجل محافظ النجف”. اي لا كاستر ولا أدوية!
هكذا بكل إستهتار حاول أن يبرأ إبنه من جريمته بطريقة تبين مدى سذاجته، هل يمكن إئتمان مثل هذا المحافظ الدجال الذي يحاول التستر على جريمة إبنه بحجج واهية؟ وهل هذه هي قيم الإسلام الذي يدعي إلتزامه بها؟ وهل من الإنصاف أن يكذب رواية الشرطة حول طريقة كشف إبنه المجرم وعصابته؟ هذا المحافط غير الأمين لا يصلح أن يرجع الى عملة القديم كشرطي مرور وليس كمحافظ للنجف التي صدع رؤس نسائها وشبابها بمفاهيمه البالية الني يحاول أن يفرضها على أبناء المحافظة.
كما أبدى محافظ النجف استغرابه من حجم التعاطي من اعتقال نجله ضمن عصابة تتاجر بالمخدرات ببغداد! ونحن نستغرب أيضا من إستغرابهّ! ألا يعرف المحافظ ما هي المخدرات؟ ألا يعرف أثرها على المجتمع وتفكيكه؟ الا يعرف بأنها سرطان مدمر للأسرة أولا والمجتمع ثانيا؟ ألا يعرف ان هناك حربا على تجارة المخدرات تقودها الأمم المتحدة والكثير من الهيئات الدولية؟ ألا يعلم ان الكثير من جرائم القتل والسرقة والإرهاب سببها تعاطي المخدرات؟ ألا يعني هذا بالضرورة التعامل معها بجد وحزم، وإلا إقرأ على المجتمع العراقي السلام.
هناك جريمة أخرى علاوة على الهويات والباجات التي يمتلكها إبن المحافظ، وهي إنتحال صفة طيار، فقد ظهرت صوره وهو يرتدي بدلة وبيرية طيار، مع أنه ليس طيارا ولا علاقة له بالقوة الجوية، ويفترض أن يجرمه قائد القوة الجوية عن إنتحال الصفة، وأشك إنه يجرأ على فعل ذلك.
كما إن الفرضية الثانية التي أدلى بها المحافظ هي أن إبنه” قد إستغفِلَ، حيث وضع الشخص الثالث المخدرات في سيارة ابن المحافظ دون علمه”. لكن لماذا التكتم عن إسم الشخص الثالث فلا يجرأ أحد أن يذكر إسمه؟ ألا يعني هذا إن الشخص الثالث أكثر أهمية من المجرم وإبن عمه، لذلك لا أحد يجرأ أن يجاهر بإسمه؟ ثم ان كان ضابط المخابرات ليست له حصانة أمنية، فكيف يعمل في مثل هذا الجهاز الحساس؟ انه لم يقدر على تأمين نفسه من الخديعة، فهل سيتمكن من تأمين أعمال الآخرين؟
الشيء الأكثر إثارة في الموضوع أن العديد من نخب ووجوه النجف قاموا بزيارة المحافظ بطابور طويل كأنهم يقفون لقطع تذكرة قطار، للتعبير عن الأسف والتأسي للجريمة التي قام بها إبنه وإبن شقيقه و(الشخص الثالث) وهذه حالة يرثى لها، ولا يمكن تفسيرها إلا بالتملق والإنحدار الخلقي والعشائري. كان من الأولى بهؤلاء أن يعبروا عن سخطهم وعضبهم لأن محافظتهم تلوثت بالمخدرات، وإن احد اتباع أهل البيت هو من كبار تجار المخدرات، وان محافظتهم تنحدر الى الهاوية بسبب هذه الآفة المهلكة، بدلا من التهافت السخيف لمواساة المحافظ على جريمة إبنه.
إن هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف، وكان يفترض بالمحافظ لو كان عنده ذرن من الحياء والشرف أن يقدم إستقالته فورا، ويعتذر للعراقيين عموما وأهل النجف خصوصا عن جريمة إبنه، ولكن يبدو ان الحياء صار عملة نادرة في حكومة العراق وبرلمانها والأحزاب الإسلامية الحاكمة.
للتذكير فقط: هل تستذكرون قيام قيادة عمليات البصرة بالسيطرة على كونتينر يضم (16) مليون حبة مخدرة في ميناء البصرة؟ لحد الآن لم يكشف عن إسم التاجر الذي استوردها؟ ولا الى ما آلت اليه القضية، فقد طمست كالعادة شأنها شأن الآلاف من الجرائم الخطيرة، لقد توضحت الصورة الآن وهي (ان وراء كل طمس لجريمة ما، هي ميليشيا متنفذة للأحزاب الحاكمة).
بقي الأمر عند القضاء العراقي، وما أدراك ما القضاء العراقي! لعله يصدر حكما مخففا أو يبرأ المجرم من جريمته لأنه شاب في مقتبل العمر، كما فعلها سابقا مع بعض المسؤولين! لا غرابة فالعراق يعج اليوم بالغرائب والعجائب في السلطات الثلاث ومطيتهم الرابعة الإعلام، الذي لم يدلِ بدلوه في هذا الموضوع رغم أهميته. إن بالوعة الحكومة العراقية قد إمتلأت وفاضت، وتحتاج الى الصرف الصحي فورا.
علي الكاش
١: الموسف أن العراقيين إعتادوا على هذا الوضع المخزي والمزري ، رغم أن الكثيرين معذورين ؟
٢: كيف لبلد أن يتقدم ويتطور وينمّوا للمحبة والسلام ، وأكثر من نصف أعضاء حكومته مرتزقة بجنسيات عراقية ومحترفي سلب ونهب وإحرام ؟
٣: وأخيراً …؟
ما أقدم عليه إبن المحافظ الشاب ليس بغريب مادام معممين كبار يتاجرون بها ، لابل وبأعراض وأرزاق وصحة وكرامة الناس وبفتاوى ، سلام ؟