المسيحيون أقلية خائفة في المغرب، يقيمون صلواتهم بالمنازل ويتسللون إلى الكنائس، يجتمعون بينهم ويتداولون قصص ارتدادهم عن الإسلام في غرف الدردشة أو داخل منازل مغلقة ولا يستطيعون الجهر بمعتقدهم خوفا من الاظطهاد, يسعون إلى الاعتراف بهم كأقلية دينية، ويطالبون بالحصول على حقوقهم بممارسة شعائرهم بكل حرية, يقدر عددهم تقرير الحريات الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية ب 8000 شخص بالمغرب.
أحمد يبلغ من العمر 60 سنة اعتنق الدين المسيحي في العشرينات من عمره، تربى في ميتم وتأثر بمعلمته الفرنسية، يقول أحمد في تصريح لأصوات مغاربية: “بعد وفاة أمي أحسست بيتم عاطفي، تخلت عني عائلتي الصغيرة ووجدت الخير في معلمتي الفرنسية، التي كانت تستضيفني هي وزوجها وعاملوني كابن لهما. هكذا غيرت نظرتي لمن يسمونهم (النصارى)، ووجدت في حضنهم الحب أكثر من عائلتي التي عاملتني باحتقار وإهمال .. بحثت عن الإنجيل وتطلب مني وقتا طويلا لأجده بالعربية. كنت أتجه للكنيسة فأحس براحة كبيرة، كانت المسيحية هي الملجأ الروحي الذي حقق لي السلام والأمن والطمأنينة … يحترمني الجميع وأحترمهم، ليس لي أعداء ومن يحاول أن يكون لي عدوا أكون له محبا”.
عائلة هذا المسيحي المغربي مكونة من 5 أبناء اضطروا إلى تغيير محل إقامته لأكثر من 3 مرات بعد مضايقات الجيران الذين عرفوا بمعتقدهم.
سعاد زوجة أحمد، مؤمنة مسيحية منذ 24 سنة، تبدأ سرد قصتها لـ”أصوات مغاربية” بالقول: “كان لدى زوجي إنجيل بالمنزل، وكنت كلما انتهيت من أشغال المنزل أتصفحه حتى أدمنته ووجدت به السلام الذي أبحث عنه، وبمساعدة زوجي تعمقت فيه وكان هذا التغيير حدثا سعيدا في حياتي، غير أسلوب تفكيري ونمط عيشي .. المجتمع يعادينا لأنه يعتبرنا مختلفين عنه، نمارس عقيدتنا في السر، ونجتمع في كنائس بيتية، نتكلم مع الله وندعو من أجل وطننا وملكنا وأحوال مجتمعنا، نحن مغاربة أحب من أحب وكره من كره، نحب وطننا كأي مسلم اخر، ومسيحيتنا علاقة شخصية بيننا وبين الإله الذي نؤمن به».
أحمد وزوجته يستنكران المضايقات التي حصلت لابنهما بمدرسة عمومية بعدما عرفوا بديانة عائلته فاضطر إلى مغادرة المدرسة، “ونحن الآن نبحث عن حل لكي لا يضيع مستقبله” تقول سعاد.
السماح بإقامة الطقوس المسيحية بالكنائس الرسمية، الزواج الكنائسي أو المدني، تسمية الأبناء بأسماء يختارها الآباء لأبنائهم، التعليم الديني الاختياري للمسيحيين المغاربة، الدفن على الطريقة المسيحية… هذه هي أغلب المطالب التي ينادي بها المسيحيون في المغرب.
يقول زهير الدكالي، مسيحي مغربي منذ 16 سنة وعضو تنسيقية “المغاربة المسيحين”، لـ”أصوات مغاربية”: “إلى متى سنبقى مختفين عن الأنظار وخائفين ونمارس طقوسنا في السر وكأننا نمارس جرما؟ هذا يجعلنا نعاني نفسيا عندما نرى المسلمين يمارسون طقوسهم دون إزعاج بينما نحن نؤمن بإله ولا نستطيع عبادته بأريحية. إلى متى سنظل هكذا وبعدنا أبناؤنا؟”.
ويشير أحد وجوه تجريم حرية المعتقد في المملكة, الفصل 222 إلى أن “كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي، وتجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من اثني عشر إلى مائة وعشرين درهما”.
في سنة 2007 قامت السلطات المغربية باعتقال مجموعة من الشباب المغربي بدعوى “التعاون مع منظمات مسيحية لزعزعة عقيدة المسلمين”، وفي عامي 2009، و2010، نفذت السلطات إنزالات أمنية متتالية، على تجمعات لمسيحيين مغاربة، وجرت محاكمات لبعضهم بتهمة تغيير ديانتهم، أو بث الشك في قلوب المسلمين، كما قامت السلطات بترحيل عشرات المسيحيين الأجانب من أراضيها، بتهمة التبشير بالدين المسيحي.
المصدر: أصوات مغاربية