لا شك من أن صناعة القرار السياسى تحتاج لآلية و جهاز لإصدار تلك القرارات لكى تحترم من قبل الجمهور.
بدأت كذبة الديمقراطية فى روما القديمة حيث قرر الأغنياء من وضع مجلسين أحدهما للشيوخ و كبار ملاك الأراضى و البشر و كبار جنرالات الحرب الأغنياء و مجلس للنواب اللذين ينتخبهم الشعب, و كان همهم, أى مجلس النواب إرضاء مجلس الشيوخ لكى يحتفظوا بكراسيهم و أسهل شيء كان اتهام اعضائه بخيانة الإمبراطور و صلبه أو ابعاده أو رميه للأسود فى ساحة رياضة روما الشهيرة, قتال البشر و العبيد و اللذى لا يقتل اليوم يقتل غداً؛ “عقيدة الدم”.
لقد ورثت الأمم الأوروبية تلك الكذبة و تغير صاحب القرار و التأثير من المجالس الى المحافظ المالية و البنوك و بيوت المال المشهورة و الصناعات العملاقة ..
المهم و الأهم القرار بيد الأغنياء و ثقافة صناديق الاقتراع قرعاء جداً, فعملية التلاعب تتم أما أعين الجمهور أو بشكل مباشر و سافر, أو من خلال نظام انتخابى يضمن فوز فئة معينة على أخرى. أما الشركات و المؤسسات المالية “تفث” تضخ الأموال فى تلك المرحلة و تجند موظفيها للتأثير على المجتمع من خلال عوائلهم و دور العبادة و الأسواق التجارية.
ثقافة و مفاهيم صندوق الاقتراع هى ثقافة أمريكية اليوم فالدول التى تمارس هذه الآلية هى ديمقراطية بغض النظر عن دول “ثيوقراطية” دينية أو دكتاتورية أو بوليسية, فصندوق الأحلام هو الحل .. ففى ايران و أفغانستان و منظومة الدول العربية البوليسية أو الفاقدة لحرية المواطن و حرية التعبير و الرأى و سجونها ((سجون أصحاب الرأى)) و كل من يقول كلمة بحق النظام و ينتقده و مع هذا يصر العقل الأوروبى على انها الحل الوحيد.
الديمقراطية مفقودة اليوم فى العالم من المجتمعات كلها فالأجهزة البوليسية و الأمنية تصطدم مع المتظاهرين و اللذين كفل لهم الدستور حق التظاهر و التعبير و يزج بهم فى السجون و يخرجون بكفالة مثل مثلهم من المجرمين و السارقين وهذا اليوم منظر مألوف فى كل منظومة ((صندوق الأحلام)).
الفرق بين الدكتاتورية و الديمقراطية هو ان الدكتاتوريين واضحين .. أما الديمقراطيين متواريين و مختفيين خوفاً من اكتشاف أمرهم.