صديق عدوي ليس بالضرورة عدوي!

لهيك موقعنا ببخش الخرا الوجودي

لهيك موقعنا ببخش الخرا الوجودي

سامي النصف

لا يخفى على أحد أن هناك أزمة صامتة بين بعض الدول الخليجية وبعض الدول العربية المؤثرة، ويقوم الخلاف على مفهوم لمثل شعبي يقول «ان صديق عدوي هو بالضرورة عدوي، وعدو صديقي هو كذلك بالضرورة عدوي»، والحقيقة ان العلاقات بين الدول في العالم لا تقوم أسسها إطلاقا على هذا القول العامي، بل تبنى على المصالح الذاتية التي تتباين حتى بين الحلفاء والاصدقاء ويعذر بعضهم بعضا، ويصحّ طبقا لذلك ان أصادق عدو صديقي كما يحق له أن يصادق عدوي دون أن يؤثر على صداقتنا ومن الامثلة على ذلك:

***

في يونيو 1941 شنّ هتلر هجوما كاسحا على الاتحاد السوفييتي ضمن عملية «بارباروسا» الشهيرة، ومع ذلك لم يعلن ستالين الحرب على اليابان حليفة وشريكة ألمانيا النازية في المحور، وبقي على حالة سلام مع اليابان مما مكنه من نقل مليوني جندي من جبهته الشرقية الى الغربية، ومن ثم الصمود والانتصار، ولم يعلن ستالين الحرب على اليابان إلا بعد استسلام ألمانيا (9 مايو 1945) وضرب اليابان بالقنابل النووية (9 أغسطس 1945) واستطاع من خلال إعلان الحرب في ذلك الوقت المتأخر وضمن حملة «عاصفة أغسطس» أن يحرر منشوريا وجعلها منطلقا لتسليح قوات الزعيم الصيني ماو، مما أدى الى انتصاره، وكذلك احتلال مقاطعة سخالين وجزر كوريل المتنازع عليها، ويقال ان ذلك ما دفع امبراطور اليابان للاستسلام لا الضرب بالقنابل النووية، ولو أخذ ستالين بذلك المثل العامي وأعلن الحرب مبكرا على اليابان وفتح على نفسه جبهتين شرقية وغربية في الوقت ذاته لهُزم مبكرا ولتغيرت نتائج الحرب الكونية كليا بعد استفادة دول المحور من العمالة الروسية وقمح أوكرانيا ونفط القوقاز.
***
بالمقابل في عام 1954 تفجر الخلاف بين نوري السعيد وكميل شمعون من جهة، وهما أكثر الساسة والقادة العرب خبرة وحكمة، والقيادة المصرية ممثلة بالرئيس عبدالناصر وأحد أقرب مقربيه وهو الصاغ صلاح سالم ولم يكونا يملكان أي خبرة على الإطلاق في العلاقات الدولية، وقد أصر عبدالناصر على تطبيق المثل العامي سالف الذكر وأن يصادق المحنك نوري السعيد الاتحاد السوفييتي، الذي كان يستهدف أمن العراق، فقط لصداقة ناصر له، وأن يتخلى السعيد عن مشروع حلف بغداد العسكري ومشروع ايزنهاور المصاحب له والكفيلين بمنع الحروب بالمنطقة والنهوض بها كما حدث في غرب أوروبا وشرق آسيا، وقد سقط حلف بغداد ولم تتوقف بعده الحروب والهزائم حتى وصلنا الى ما وصلنا إليه الآن من مشاريع تقسيم وتشطير وحروب أهلية يشارك فيها من يفترض أن يصبحوا شركاء لنا في ذلك الحلف المأسوف عليه.
***
آخر محطة: نرجو أن نبتعد كخليجيين وكعرب عن الالتزام بذلك القول العامي عديم القيمة، وأن نتفهم إشكالات بعضنا البعض وأن تبقى العلاقات الحميمة قائمة حتى لو تباينت وجهات النظر حول العلاقات مع بعض التوجهات المؤدلجة بالمنطقة، فمن تشتعل الحروب على حدوده الشمالية والجنوبية يختلف منظوره للأمور عن البعيد عنها.

*نقلاً عن “الأنباء” الكويتية

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.