(1)
نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت في ملحق يوم الجمعة 7 أيام (30-08-2013) تحقيقا شاملا ومثيرا عن عملاء يهود للموساد تزوجوا من فلسطينيات بصفتهم فلسطينيين وخططوا لعمليات، أبرزها قتل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ونائبه ،القائد العسكري لحركة فتح خليل الوزير.
لا يمكن فصل هذه الأساليب المخابراتية عن طابعها كجريمة ضد الانسانية. لست رجل قانون ولا اعرف ماذا يقول القانون، وهل للقانون اهمية في ظل العجز العربي ؟
ان تدمير مصير ابناء الشعب الفلسطيني بالخداع تحت حجج امنية ، دون اثم انما لتحويل الفتاة الفلسطينية الى غطاء ، هو عملية ابشع من اعدام بدون ذنب وتشكل واحدة من أكثر الصور بشاعة للمارسات الصهيونية بعد اقامة دولة اسرائيل على خرائب الشعب الفلسطيني.
هل بالصدفة ان اسرائيل ترفض فتح ارشيفات مضى عليها خمسة عقود ( الزمن القانوني لبقائها سرا)، خوفا من تاريخهم وممارساتهم؟ فجدد رئيس الحكومة نتنياهو، بناء على طلب مدير الأرشيفات تمديد الاغلاق لعشرين سنة أخرى!!
هنا تلخيص لممارسات تبدو مستقاة من فلم اثارة هولويدي. ولكن المؤلم ان فتيات فلسطينيات ( وعائلاتهم طبعا) وقعن ضحايا لهذا الخداع ودمر حلمهن الانساني بحياة شريفة وبناء بيت وتنشئة اطفال يكونون فخرا لعائلاتهم، وليس اولاد بدون هوية ، جردوا من انسانيتهم وشكلوا نبتة مزعجة لا يريدها احد.
يديعوت تكشف في تحقيق مثير نشاط وحدة “قيسارية” ( هو اسم شعبة العمليات الخاصة في الموساد الإسرائيلي)، التي وصفتها الصحيفة بأنها “تضرب الرقم القياسي الخاص في الجسارة والتضحية والفترة الزمنية الأطوال التي يعيشها المقاتل بهوية مزيفة تصل إلى 15 سنة أو أكثر” .
جاء في تقريرها ان “أوري يسرائيل” الذي توفي مؤخرا هو أحد أولئك العملاء، بالإضافة لآخر لقبته الصحيفة باسم رمزي يُدعى (اسحاق) ولا يزال اسمه محظور من النشر بأمر من الرقابة الاسرائيلية، تقول الصحيفة العبرية، أنهما “كانا جزءاً من مشروع (بوليسيس) وهو مشروع للاستخبارات الإسرائيلية في الخمسينيات والستينيات، زرع بعض العاملين فيه من الموساد بين العرب، ليكتسبو اللهجة والعادات العربية الفلسطينية ، زودوا بقصص تغطية، وتزوجوا ( بصفتهم فلسطينيين) بفلسطينيات وأنجبوا منهن أطفالا وانغرسوا كرجال أعمال في الشتات الفلسطيني.
تروي يديعوت انهم كانوا ” أول من جلب معلومات عن تنظيم فتح وكانوا شركاء في أول خطة لقتل ياسر عرفات وأبو جهاد”، مشيرةً إلى أن ابن العميل في الموساد “أوري يسرائيل” يسكن خارج إسرائيل ويبلغ من العمر الآن 50 عاما، وحتى اليوم لا يعرف أن والده ليس فلسطينيا وطنيا، ولا يعلم أن له شقيق آخر من امرأة يهودية واسمه “شاي يسرائيل” وهو محامي الآن”.
طبعا لا تذكر اسمه.
“عام 1950 شكل إيسار هرئيل رئيس الشاباك حينها، وحدة بوليسيس، وزرع عملاء بين تجمعات اللاجئين الفلسطينيين داخل إسرائيل وفي الدول العربية، وجميع المجندون في الوحدة السرية كانوا يهودا صهاينة من أصل عربي ممن هاجروا حينها لإسرائيل، وانضموا للوحدة السرية بعد أن صور هرئيل ورجاله لهم المهام الوطنية الأشد أهمية من الدرجة الأولى”.
خضع عملاء الموساد لظروف صعبة اثناء تدريبهم، يقولون: “كانت المهمة وحشية، فما أن وقعوا على التجنيد والانضمام إلى الوحدة وبعضهم كان دون سن ال 20 عاما، حتى فصلوا انفصالا تاما عن عائلاتهم وعاشوا في شقق خفية في يافا لفترة تأهيل بلغت نحو عام ونصف، وفي هذه الفترة تدربوا على الغطاء العربي وتعلموا الإسلام، إلى جانب مهن التجسس والتخريب”.
يستعيد قائد الوحدة حينها “سامي موريه” الذكريات فيقول “كانت لحظات قاسية، عندما كنت أجلب البريد منهم إلى العائلات وكانت إحدى الأمهات تستجدي، دعني أراه حتى ولو لدقيقتين ولو في الشارع، ولو من بعيد، كي أعرف أن ابني على ما يرام فقط، وكانت تبكي الكثير من الدموع، كنت لا أوافق، فمثل هذه الخطوة ستعرقل عملية تبلور هويتهم الجديدة”.
يضيف موريه : “تسعة فقط أنهوا التأهيل وزرعوا داخل السكان العرب في إسرائيل وكان هدفهم التحذير من أي ثورات، وباتوا يخرجون إلى الشتات الفلسطيني والدول العربية، فعملية الزرع كانت قاسية ومضنية كي تكسب المصداقية، اثنان منهم مثلا لبسوا ملابس ممزقة واتخذوا صورة لاجئين فلسطينيين واجتازوا الحدود من الأردن إلى منطقة أم الفحم، ودخلوا إلى كشك عربي وطلبوا القهوة فيما كان فريق المخابرات يراقبهم من بعيد ويعرفون بأن الكشك مليء بالوشاة من شرطة إسرائيل وبعد نحو نصف ساعة أحاطت ثمانية سيارات من الشرطة المكان وجر أفراد الشرطة المتسللين إلى الخارج وضربوهما ضربا مبرحا باللكمات والعصي”.
“معظم رجال وحدة “بوليسيس” أعيدوا إلى إسرائيل عام 1959، واثنين منهم نقلا إلى الموساد وواصلا العيش كعرب وتزوجا وأنجبا أطفالا واتخذوا حتى أمام عائلاتهما صورة الفلسطينيين الوطنيين ممن يكرهون إسرائيل واليهود”.
“في النصف الأول من العام 1964 بلغ العميلان عن شبكة فلسطينية جديدة، على رأسها، خليل الوزير (أبو جهاد) وياسر عرفات (أبو عمار).. وقام العميل أوري يسرائيل أو باسمه السري عبد القادر، بتمويل مصاريف الشقة التي التقى فيها قادة فتح وخططوا كيف سيشطبون إسرائيل من الخريطة ويقيمون فلسطين بدلا منها، ورجال “كلوسوس” وحدة الملاحقة من الموساد، سمعوا كل شيء عبر الميكروفونات التي زرعوها في الحيطان”.
“في حزيران 1964 توجه رافي ايتان، رئيس مكتب الموساد في أوروبا إلى رئيس الموساد، وطلب منه أن يأمر عناصر وحدة قيسارية باقتحام الشقة وقتل كل من فيها، وكتب رسالة أن للوحدة قدرة وصول لا تتكرر إلى الهدف ويمكن التنفيذ بسهولة وأنه يجب قتل هذا القمقم وهو لا يزال صغيرا”، لكن ذلك لم يحدث.
تواصل الصحيفة كشف الاسرار المتعلقة بوحدة قيسارية: “بالتوازي وقع حدث دراماتيكي بقدر لا يقل في منزل أوري مع زوجته في بيروت، فاجأته زوجته إثناء بث رسائل لإسرائيل بدخولها إلى الغرفة، يسرائيل الذي خرج من أوضاع اخطر بكثير، قرر فجأة أن يقول الحقيقة: لست فلسطينيا وطنيا يؤيد فتح، بل يهودي وأكثر من ذلك جاسوس للموساد”.
هذا بعض قليل من تحقيق مثير امل ان يترجم كاملا.
السؤال القاسي أين الكشف الفلسطيني عن هذه التجاوزات لحقوق الانسان؟ لا يمكن تحميل ضحايا هذه الجرائم اي اثم، بل يجب اعتبارهن ضحايا جرائم ضد الانسانية!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2)
قبل أكثر من سنة نشرت مقالا عن قضية مشابهة وأكثر اثارة، اعتبره البعض خيالا لا شيء واقعي فيه. هذا نصه:
قضية مشينة .. تفجرها دورية إسرائيلية جديدة:
الواقع المأساوي والرهيب الذي واجهه الشعب الفلسطيني عامة والعرب الفلسطينيين داخل إسرائيل ضمنهم
بقلم: نبيل عودة
لم ينكشف بعد بكل بشاعته، هناك وثائق لم يكشف عنها، رغم مرور الفترة الزمنية القانونية (50 سنة) للحفاظ على سريتها. بدل كشفها جددت سريتها قبل فترة وجيزة بأمر من رئيس الحكومة نتنياهو، مما يشير إلى رعبهم من سجلاتهم ومن تاريخهم، الذي يتعلق عشية إقامة دولة يهودية في فلسطين وما تلا ذلك خلال العقدين الأولين .
صحيفة “هآرتس” العبرية انتقدت تمديد سرية الوثائق، بعد ان حاولت عبر القضاء خلال ثلاث سنوات الحصول على الحق بالاطلاع على الوثائق التي مضى عليها 50 سنة، وأشارت إلى أن الخوف هو من سجلات ما جرى في دير ياسين مثلا، ويبدو أن كل ما نشر من عمليات التطهير العرقي، والقتل الجماعي (المذابح الجماعية) لدفع الفلسطينيين للهرب من وطنهم، وإزالة القرى والبلدات الفلسطينية (هدمت ودمرت أكثر من 500 بلدة فلسطينية) يخفي في طياته حقائق ما زالت السلطة مرعوبة من إسقاطات كشفها رغم مرور 50 سنة وأكثر على ارتكابها.
الجواب لم يتأخر كثيرا،نشرت هأرتس في موقعها الألكتروني تحت عنوان :” عملاء المخابرات (اليهود) تزوجوا من نساء عربيات، الأولاد تسجلوا كيهود”.
ضمن شرح الموضوع جاء:”فقط الآن مستعد الشاباك (جهاز الأمن الإسرائيلي) أن يقر بان عددا من عملائه (اليهود) أُقنعوا في العقدين الأولين بعد إقامة الدولة، أن يتزوجوا من نساء عربيات، دون أن تعرف النساء أن أزواجهن هم يهود”.
جاء في نص الخبر: فضيحة كبيرة في الطريق. جهاز الأمن العام في إسرائيل يسمح الآن بالكشف أن عشرات من عملائه (اليهود) أقنعوا (أو كلفوا) في العقدين الأولين للدولة بالزواج من عربيات، مواطنات البلدات والأحياء العربية في جميع أنحاء إسرائيل، دون أن تعرف النساء (وعائلاتهم طبعا) إن أزواجهن هم يهود يعملون في جهاز الأمن العام، وأن الهدف كان زرع جواسيس داخل المواطنين العرب، من أجل أن يرسلوا تقاريرهم حول ما يجري في الوسط العربي.. وعمليا ابقاء الأقلية العربية تحت المراقبة.
سأروي التفاصيل دون أن أتشاطر بالاستنتاجات، لأني مهما أتشاطر لن أوفي هذه الجريمة ما تستحقه من رد، لا على المستوى الإنساني، ولا الحقوقي، وما يرعبني أن تكون هذه الظاهرة سائدة ومتواصلة، في العالم العربي أيضا.
التقرير يطرح موضوع يهودية الأولاد الذي أنجبوا بسبب هذا الزواج، وسأتعرض له ضمن عرض الموضوع، فالطفل الذي يولد بالخداع مصيره صعب، اجتماعيا ونفسيا، وهذا يعترف به التقرير، رغم أن الحاخام الرئيسي الأسبق للجيش في وقته قرر انه لا ضرورة لتهويدهم، لأنهم تسجلوا كيهود لكل شيء، وبعضهم أصبحوا ضباطا في الجيش أو في وظائف حكومية… والبعض غرق في المخدرات والجريمة والضياع النفسي والشخصي.
التقرير- الخبر يشير إلى أن هذا الموضوع سينشر في المجلة العسكرية المستقلة الجديدة لشؤون الجيش
(ISRAELDEFENSE)والأمن
يشير التقرير أن هذه ليست القنبلة الوحيدة التي ستفجرها المجلة.
انفصام بشخصيات الأبناء
هذه المأساة الفلسطينية التي يكشف عنها، استمرت حتى منتصف سنوات الستين، عندها تقرر في القيادات الأمنية الإسرائيلية، الكشف للنساء العربيات عن السر في حياتهن، بأنهن متزوجات فعليا ليهود، عملاء في جهاز الأمن.
نتائج هذه الجريمة، أو الفضيحة، غير الإنسانية، والتي من الصعب أن تصدق، تتواصل إسقاطاتها حتى اليوم، بعد أكثر من 50 سنة. أبناء عملاء المخابرات الذين أطلق عليهم اسم “مستعربين” ما زالوا يواجهون أزمات مصدرها من هويتهم المشوهة، وعائلاتهم تحاول أن تجمع تشققات شخصياتهم.
جهاز الأمن (الشاباك)، حسب التقرير كان سيمحو هذه الفضيحة من كتب التاريخ لو كان يستطيع ذلك، ولكن الأمر غير ممكن، وعليه الاهتمام بالنساء المخدوعات وأولادهن الذين ولدوا، وان يدفع لهم مخصصات معيشة (معاشات) وهو يفعل ذلك حتى اليوم.
المجلة تكشف، أن بداية هذه الفضيحة (المأساة- الجريمة) كانت في بداية الخمسينات.فترة قصيرة بعد إقامة الدولة.
كانت الأقلية العربية التي ظلت في وطنها، خاضعة لحكم عسكري، لكل قرية كان حاكما عسكريا من الجيش. المفهوم الأمني الذي ساد أجهزة الأمن كان انه في القريب العاجل أو في موعد متأخر أكثر ستقوم الجيوش العربية بمهاجمة إسرائيل، وعرب إسرائيل سيتحولون إلى “طابور خامس” ينضم للعدو في الحرب.
على اساس هذه المفاهيم،اقيمت وحدات مستعربين تابعين لجهاز الأمن، بمبادرة رئيسه في ذلك الوقت ايسر هرئيل،الذي كان رئيسا للموساد أيضا.
مهمة إقامة وحدات المستعربين كلف بها ضابط اسمه شموئيل موريا، احد ضباط القسم العربي في الشاباك، والتي مهمتها كانت إفشال عمليات تجسس من جانب الدول العربية.
ايسر هريئيل طلب منه أن يقيم وحدة من شباب يندمجوا بالمواطنين العرب، ويعيشوا في وسطهم لفترة طويلة. وسيكون لهم دورا عندما تنشب الحرب بين إسرائيل والدول العربية.
شموئيل موريا باشر فورا بتجنيد عشرات الشباب، معظمهم مهاجرين جدد، وصلوا من الدول العربية المختلفة في موجة الهجرة اليهودية التي عصفت بيهود العالم العربي.
المجندون الشباب اليهود، جرى اعدادهم خلال أشهر طويلة، في المدرسة العسكرية البريطانية السابقة قرب مدينة الرملة… والتي أصبحت قاعدة للمخابرات الإسرائيلية.
المهمة أوكلت ليهود شباب من مهاجري العراق، “لتحويلهم” إلى عرب فلسطينيين، قادرين على الاندماج بالوسط العربي دون إثارة الشكوك. الإعداد كان متنبها لكل التفاصيل.أرسل الشباب للعمل في مصانع مختلفة في البلاد حيث كان يعمل العرب أيضا، من أجل التمرن أكثر على اللهجة الفلسطينية، والاحتكاك بالجمهور العربي الواسع.
بعد سنة صعبة جدا من الإعداد، كان كل مستعرب يملك هوية جديدة وقصة تغطية مفصلة للاجئ من لاجئي 48، ثم بدا دمجهم بالجمهور العربي في البلدات العربية ومضارب البدو في النقب. وعائلات اؤلئك الشباب لم تعرف ماذا يفعل أبنائها وأين هم موجودين ولم يكن مسموحا للشباب أن يكشفوا شيئا من ذلك..
المرحلة الثانية كانت دفعهم للزواج من نساء عربيات، وأكثريتهم تزوجوا من نساء مسلمات.. بأعراس حسب العادات المتبعة وعلى أساس عقد القران الإسلامي.. وواصل المستعربين حياتهم المزدوجة، كمسلمين “متدينين”، وعملاء للشاباك.. ورجال عائلة مستقيمين. ولكن كلما مر الوقت ازداد ضغط العملاء للعودة إلى عائلاتهم اليهودية.
فقط في بداية الستينات، بدأت خلافات عميقة في قيادة أجهزة الأمن، حول استمرار نشاط المستعربين، أو الأصح حول الطريق لإنهاء هذه القضية المشينة، إذ كان واضحا، أن الفائدة التي جناها المستعربين للأمن الإسرائيلي هي غير ذات قيمة، مقابل الثمن الشخصي الذي اضطروا إلى دفعه.(طبعا لا يذكرون الثمن ألتدميري الرهيب لعشرات النساء العربيات المخدوعات والمضللات ولمأساة الأولاد والعائلات العربية عندما ينكشف الخداع بأبشع صوره وأكثرها مأساوية).
كشف السر الرهيب
جهاز الأمن قرر حل الوحدة. وقائدها موريا واجه حيرة كبرى.هل يترك النساء والأطفال في البلدات العربية، ويعيد الشباب اليهود لعائلاتهم؟ أو يطلب من النساء العربيات تغيير دينهن لليهودية، وتربية أولادهن كيهود؟
المستعربون أنفسهم رفضوا ترك عائلاتهم وأولادهم. لذا تقرر كشف السر للعائلات، وإعادة توطينهم بمحيط يهودي في إسرائيل.
ودعا الشاباك الأزواج زوجا زوجا، وكشف للنساء المصدومات إنهن متزوجات من يهود عملاء للمخابرات. الصدمة كانت كبيرة. هناك نساء أصبن بالإغماء، وانفجرن بالبكاء.
الكثيرات منهن رفضن تغيير دينهن. والمشكلة الصعبة كانت مع الأولاد. وتقرر في مجلس الحاخامات اعتبار الأولاد كيهود بدون عملية التهويد.
الوفاق العائلي الكاذب لم يستمر لدى قسم من الأزواج. مثلا بعد حرب الأيام ألستة، قررت إحدى النساء أنها غير قادرة أن تعيش بإسرائيل، وان تربي ابنها كإسرائيلي.وان تظل متزوجة لرجل أمن .كانت وطنية عربية، أخذت ابنها وهاجرت إلى عمان، وهناك تزوجت من احد قادة المنظمات الفلسطينية.
بعض العائلات تفككت، بعضها حاول أن يبني نفسه من جديد. الشاباك واصل دفع معاشات لأبناء العائلات لسنوات طويلة بعد ذلك.
مأساة لكل العمر
يعترف الشاباك أن أبناء تلك العائلات حاولوا أن يبنوا أنفسهم، وان ينسوا ماضيهم. من أين جاءوا؟ ولكن لم يستطيعوا ذلك. بين الأولاد هناك عدد نجحوا بحياتهم، ولكن أكثريتهم ظلوا بالخلف. يعانون من مشاكل حتى اليوم.احد الأولاد تجند للجيش. سأل المسئول العسكري: لمن أوجه فوهة بندقيتي، لعائلتي العربية أو لعائلتي اليهودية؟
ولم يتلق جوابا.
بعض الأولاد مروا على ظروف متقلبة وقاسية في حياتهم الشخصية، وبعضهم تورطوا بالجرائم والضياع.
لا توجد معلومات حول العدد، وفي الوسط العربي لم أسمع عن الموضوع إطلاقا، ولم ينشر عنه، وأظن أن ما انشره اليوم هو أول كشف عن هذا الموضوع بالعربية.
لا أظن أن القضية يجب أن تنتهي بمجرد النشر.
ما حدث هو جريمة إنسانية بشعة جدا لا تقل عن قتل مجوعة سكانية بدون سبب.
لا أعرف صيغة القانون . ولكن الشعور الذي يتملكني من هذه المأساة، كبير جدا، لدرجة إني بقيت أسبوعا كاملا عاجزا عن الكتابة حول الموضوع.
ربما من الضروري حث العائلات المنكوبة بهذه المؤامرة المشينة، أن تكشف تفاصيل ما لديها، فهم ضحايا معتدى على شرفهم وكرامتهم وهويتهم وإنسانيتهم، وشرفهم هو شرف كل أبناء شعبنا الذي امتهن بأبشع وأنذل الأشكال الممكنة.
nabiloudeh@gmail.com