يصور لنا السادة الفقهاء بأن أعضاء الإنسان ستشهد عليه يوم القيامة، لكن هذا الأمر له فقهه الذي لم يدركه الفقهاء لعدم عنايتهم بالقرءان.
فليست هاك شهادة من أعضاء جسم المؤمن على صاحبها…. لكن ذلك محدد على سبيل الحصر بالقرءان ولا يجب التوسع فيه، بل هو أيضا محدد على سبيل التخصيص فشهادة أعضاء الجسم ليست لكل البشر…وسنوالي شرح ذلك فيما يلي:
أولا : شهادة الألسنة والأيدي والأرجل
1ـ يقول تعالى بسورة النور: { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{23} يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{24} يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{25}.
• فهذا عذاب مخصص لمن يرمون المحصنات المؤمنات الغافلات بالزنا بينما هن أبررياء…وتشترك الألسنة والأيدي والأرجل في تلك الشهادة.
2ـ يقول تعالى بسورة يس: { وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ{59} أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ{60} وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ{61} وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ{62} هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ{63} اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ{64} الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ{65} وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ{66} وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً وَلَا يَرْجِعُونَ{67}.
• فهو جزاء مخصص لمن كفروا بآيات الله الذين كانوا يعبدون الشياطين من دون الله..فيأمرونهم فيطيعون على خلاف ما أمر الله. ويشترك الأيدي والأرجل في الهادة على العبد…ويمنع الله الفم واللسان عن الكلام…
فهذا يعني أن الفئة الأولى لها مقامات بعضها يتكلم فيه اللسان وبعضها لا يتدخل فيه الفم ولا اللسان…والفرق يكمن في ارتكاب جريمة قذف المحصنات المؤمنات الغافلات…نت جانب وتحريف كلام الله وطاعة الشياطين على الجانب الآخر.
ثانيا: شهادة السمع والبصر والجلود.
3ـ ويقول تعالى بسورة فصلت: { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ{19} حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{20} وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{21} وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ{22} وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ{23} فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ{24}.
فتلاحظ في هذه الفئة الثالثة وهم اعداء الله أنه لم يشهد عليهم أيديهم ولا أرجلهم….لكن شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم…..وتراهم يسألون جلودهم ولا يسألون سمعهم ولا أبصارهم [لم شهدتم علينا؟] فذلك لأن السمع والبصر والفءاد كل أولئك كان الإنسان عنه مسئولا يوم القيامة…لكن جهل أعداء الله بشأن الجلد لأنهم يظنون بأن الجلد ليس وظيفته الإدراك ولا النطق وذلك على عكس السمع والبصر والفؤاد…ولأن الجلد هو من سيتعذب أول ما يتعذب…ولأنه منطقة الإحساس…لذلك فإن أعداء الله سيسألون جلودهم [لم شهدتم علينا؟.]….لكن هيهات أن يجدي السؤال أو تنفعهم الإجابة.
لذلك لابد أن يعي المسلم حقيقة ذاته وأنه يعيش وسط أجهزة تسجيب فحتى تلك الأرض التي نطأها بأقدامنا ستشهد يوم القيامة وذلك في موقف رهيب سيجمعنا بها
ثالثا: شهادة الأرض.
يقول تعالى: إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا{1} وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا{2} وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا{3} يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا{4} بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا{5} يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ{6} فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ{7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ{8}.
وفي الحديث الشريف بمسند بن جنبل: حدثنا عبد الله حدثني أبي …عن أبي هريرة قال
-قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية يومئذ تحدث أخبارها قال أتدرون ما أخبارها قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها أن تقول عملت عليَّ كذا وكذا يوم كذا وكذا قال فهو أخبارها.
زهذا يعني أن الله سيبعث الأرض كما يبعث البشر يوم القيامة…..ونخاص مما تقدم أن شهادة الأعضاء ليست لكل الناس يوم القيامة….إنما هي مخصصة لمن يقذفون المؤمنات ولمن عبدوا الشياطين من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون ولأعداء الله.
فتلكم هي الفئات الثلاثة التي ستشهد عليها أعضائها يوم القيامة.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض وباحث إسلامي