من قلم: طلال عبدالله الخوري
قررت الولايات المتحدة الاميركية شل البنك المكزي الايراني, وفي هذا المقال سنبحث هذا الموضوع الاستراتيجي الهام من حيث انه انتصار كبير للثورة السورية, وسيعطي دفعا معنويا وماديا للثورة السورية, وبالتالي التعجيل بانتصار هذه الثورة المباركة, وبالتالي التقليل من عدد الشهداء من الشباب السوري الميمون, وبالتالي أيضا الاسراع ببناء سورية الديمقراطية الحديثة, وبناء اقتصادها على اسس علمية, ورفع مستوى دخل المواطن السوري وازدهار الشعب السوري.
سنقوم بهذا البحث من خلال المحاور التالية:
اولاً: سيادية العقوبات الاقتصادية الاميركية:
يحق لأي حكومة سيادية بالعالم ان تقرر ماهي الدول التي ستتبادل معها اقتصاديا, وما هي الدول التي ستمتنع عن التعامل معها
اقتصاديا, وذلك وفقا لمصالحها الاستراتيجية والمصلحة الاقتصادية لمواطنيها, والأمن الوطني العام لبلدها. فعلى سبيل المثال فقد اقتضت مصلحة الدول الاروبية ان تكون اولوية التبادل التجاري لها مع الدول الاوروبية ذاتها المنضوية تحت لواء مجموعة الدول الاوروبية.
الولايات المتحدة الاميركية هي دولة السوبر الوحيدة بالعالم, ومن بديهيات السياسة الاميركية هي منع أي دولة بالعالم من امتلاك اسلحة نووية تشكل خطرا على امنها الوطني وأمن المواطن الاميركي الذي يعمل بجد واجتهاد ويبدع في كل مجالات الحياة من علم, وتكنولوجيا وفنون, واجتماع, ويدفع من كده وتعبه الضرائب للحكومة الاميركية من اجل هذا الهدف لكي يعيش هذا المواطن بأمان وسلام مع اسرته وأطفاله. راجعوا مقالنا: اميركا دولة سوبر لا تخسر ابدا.
يشارك اميركا بهذا الهدف, من منع انتشار السلاح النووي, جميع الدول المتحضرة والمزدهرة اقتصاديا
بالعالم, لذلك اتخذت هذه الدول مجتمعة قراراتها السيادية بالامتناع عن التبادل الاقتصادي مع اي دولة تحاول الوصول الى امتلاك اسلحة نووية.
في هذه الحالة, وفي الجهة المقابلة, على الدول الأخرى والتي تسعى الى الوصول الى انتاج الاسلحة النووية أن تأخذ قراراتها الاستراتيجية السيادية, وأن تقرر ما هي اولوياتها: هل أولوياتها هي التكنولوجيا النووية على حساب تقدم اقتصادها و قوت شعبها؟ ام ان اولوياتها هي المبادلات التجارية مع الدول المتحضرة والمزدهرة اقتصاديا مثل اميركا والغرب واليابان…. الخ… وبالتالي انتعاش وازدهار اقتصادها ورفاه مواطنيها؟؟
من المفيد ان نذكر هنا بأن الشعب الاميركي اتخذ قرارا سياديا آخر, وهو عدم التعامل اقتصاديا مع الدول التي لا تحترم حقوق الانسان, وبهذا القرار الحضاري, تدين كل الشعوب العالم بالفضل الى الشعب الاميركي على هذا القرار الانساني لمساعدة الشعوب الواقعة تحت الحكم الاستبدادي, مثل سوريا, بالتحرر من الاستبداد, والوصول الى الحرية والتمتع بحقوق الانسان.
إذاً من هنا نرى بأن مسألة العقوبات الاقتصادية هي مسألة استراتيجية سيادية لكل دولة مستقلة, تلجأ اليها من اجل حماية مصالحها
الوطنية, وامنها القومي, وأمن مواطنيهم من دافعي الضرائب, وليست لها أي علاقة بالعداء لدولة معينة أو اخرى, كما تدعي الدول الاستبدادية, مثل النظام الايراني والسوري, عندما تغسل ادمغة مواطنيهم, ليلاً ونهاراُ, عبر وسائل الإعلام المختلفة, بأن هناك مؤامرة عالمية ضدهم بسبب (ممانعتهم) بين قوسين طبعا !!!
ثانياً: لماذا تأخر هذا القرار الاميركي لسنوات عديدة؟
السبب الرئيسي لتاخر مثل هذا القرار, بلا شك, هو الخوف العالمي من احتمال حدوث الكساد الاقتصادي, فمن المعروف بأن علم التحليل الاقتصادي يقول بأن منع استيراد النفط الايراني وايقاف التبادل التجاري مع دولة بحجم ايران, سيؤدي الى ارتفاع سعر النفط وإنخفاض الانتاج العام العالمي من السلع, وبالتالي سيؤدي الى ارتفاع كلفة انتاج مختلف السلع بالعالم, والذي بدوره يمكن ان يؤدي الى انخفاض حجم الاستهلاك العالمي, والذي بدوره يمكن ان يؤدي الى مزيد من الانخفاض بالانتاج وزيادة البطالة وبالتالي انخفاض اكثر
بالاستهلاك و بالانتاج وزيادة اكبر بالبطالة ……. وهكذا… وبمتوالية هندسية, حتى من الممكن ان يصل الى مستوى الكساد العالمي والذي بدوره يؤدي الى هلاك الملايين من البشر من جراء الجوع والمرض والفقر, والذي يحتاج الى وقت طويل الى عودة الدورة
الاقتصادية للبدئ بالانتعاش من جديد والوصول الى الازدهار الاقتصادي من جديد؟ راجعو مقالنا: التدخل الحكومي بالسوق الحر.
من المعروف بان جميع العقوبات الاقتصادية التي تم اتخاذها بحق ايران بالسابق, كانت عبارة عن عقوبات معنوية, وتشكل مجرد عوائق إقتصادية كانت تسبب بعض المشاكل في طريق الاقتصاد الايراني, ولكن كان من السهل الالتفاف على هذه العوائق والمضي قدماً!
ثالثا: ما الذي حصل, الآن, لإتخاذ قرار شل البنك الايراني:
الذي حدث هو أن النظام الايراني تمادى كثيرا باحداث اضطرابات عالمية هنا وهناك مثل الهجوم على السفارة البريطانية, ومحلية بدول الجوار, كان آخرها التهيديد بإغلاق مضيق هرمز؟
مثل هذه المشاغبات الايرانية لم تعد مقبولة من قبل المجتمع الدولي وخاصة الغرب واميركا ودول الخليج؟ لذلك على ما يبدوا
بأن قراراُ قد اتخذ لتأديب النظام الايراني المارق على الاعراف الدولية.
اما عن احتمال حصول كساد اقتصادي عالمي فأن هذا الاحتمال قد تضآل كثيرا الى درجة مهملة, وخاصة بعد تجربة العالم مع توقف تدفق النفط الليبي إبان الثورة الليبية, والتي لم يكن لها اي تأثير يذكر على الاقتصاد العالمي, فوصل الخبراء الاقتصاديون الى خلاصة
مفادها بأن الاقتصاد العالمي من القوة والمرونة بحيث يمكنه ان يستوعب توقف ضخ النفط الايراني, كما حدث مع النفط الليبي, وخاصة بأن السعودية ودول الخليج قد تعهدت بزيادة الانتاج لسد النقص بانتاج النفط الايراني.
طبعا النظام الايراني هو السند الرئيسي للنظام السوري الاستبدادي, حيث ان هذا النظام يمد نظيره السوري بالمال والسلاح, وان شل البنك المركزي الايراني وعدم تمكن ايران من اجراء أي تبادل تجاري خارجي مع دول العالم, سيفصم ظهر النظام الايراني وبالتالي سيفصم ظهر النظام السوري الذي يتباهى بقوة ايران العالمية كما تتباهى القرعة بشعرات ابنت خالتها, كما يقول المثل السوري.
مما سبق نرى بأن شل الولايات المتحدة الأميركية للبنك المركزي الايراني هو أكبر دفع تلقته الثورة السورية منذ بدايتها حتى الأن, حيث يعتبر هذا الدعم الاميركي والغربي خطوة هامة بطريق نجاح تحرير سورية من استبداد عائلة الأسد, وبالتالي وصول الشعب السوري الى حريته وكرامته وبناء وطنه واقتصاده على اسس علمية, ولا يسعنا هنا الى ان نكون ممنونين كشعب سوري للاجراءات العملية
الفعالة والتي لا تقدر بثمن والتي هي الى جانب الدعم السياسي والاكثر من هام الذي قدمه لنا الغرب واميركا, ووفاءاً لهذا الدعم فإننا نقترح اطلاق اسم اميركا على احدى ساحات دمشق بعد زوال النظام البائد وانتصار الثورة الكامل.
http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall