الشعر صيحة الفارس وهمسة العاشق وإيماءة الحكيم؛ هؤلاء الثلاثة هم منابع الشعر الصادق القوي العذب الآسر للمتذوقين؛ لا يموت بموت صاحبه..
وكلما قرأت لبعض شعراء اليوم المتعالين على العشيقة وعلى الجار وعلى الصديق بحجة الحفاظ على الكرامة؛ أتذكر أبيات لأبي فراس الحمداني؛ سلطان وفارس زمانه؛ والذي يتسلل في هدوء الليل ليغذي وجدانه بعد نهار صاخب بالسياسة والحرب والصراع؛ ليلتقي معشوقته بعيداً عن أعين المتطفلين.
فقد قال في قصيدته الشهيرة التي مطلعها “أراك عصي الدمع شيمتك الصبر..” البيتين التاليين:
تُسائلني “من أنت”؟ وهي عليمة..
وهل بفتى مثلي على حاله نكر؟..
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى..
قتيلُك! قالت: أيهمُ، فهم كثرُ..
أما شعر المترفين اليوم؛ فمن أمثلته:
قصيدة لأهم شعراء السعودية خلف بن هذال؛ يتحدث عن صديق يراه غير مُحسن للصداقة معه وعندما مرض قال فيه:
قالوا مريض وقلت وش حاجتي فيه..
ما سرني يوم المريض متعافي..
إن مات يبكونه ولا آني ببكايه..
يبكيه من قدم له الكيل وافي…
وأحدهم كتب قصيدة مصنفة في باب “الغزل”وهي أقرب لباب “البلطجة” فيقول:
ياصاحبي بتمـوت مانـي براجيـك
واشره علي ان كان حتى طريتــك..
لاصــار ذل النفس فـي قلـب يغليـك
يلعنك ياقلـب عشقـك وشريتـــــك..
اضحك حبيبـي دام وقتـك مسليـــك
باكر تموت من القهـر لانسيتــــك..
مع ذلك هناك من شعراء هذا الزمان من احترم الشعر وجمهوره مثل المرحوم عبدالله العليوي الذي قال:
شفتك مع اللي صار .. بعدي حبيبك..
واحتارت العبرة .. بعيني وصدّيت..
مدري هي الصدفة ..لدربي تجيبك..
مدري أنا اللي في ..دروبك تحريت..
يوسف الشاعل