فى ظلال 30 يونيو نتذكر ونعتبر، قبلها بأسبوع كتبت هذا المقال بعد أن كنت شبه يائس فى سنة حكم الإخوان السوداء ولكن مشهد هذا الشعب وجينات هذا الوطن منحتنى الأمل فكتبت على صفحات نفس الجريدة قائلاً:
تنظيم الإخوان المتأسلمين لو استعرنا لغة الطب وأردنا تشبيهه بمرض، فلن نجد أفضل من مرضَى السرطان وألزهايمر، فهم قد تصرفوا كالفيروس الذى أراد السيطرة على الجسد فسيطر على نواة الخلية وأراد تغيير هويتها لكى يُحكم سيطرته على كل الخلايا التى تنخدع وتتخيل أن الأوامر الصادرة هى من النواة لا من الفيروس، ويتم التكاثر الشيطانى المجنون ويمتص السرطان رحيق الحياة ويعتلى الفيروس عرش الجسد ولكن بعد أن يتحول هذا الجسد إلى جثة، ولكى يُحكم فيروس الإخوان السيطرة بعد تغيير الهوية يبدأ فى تجريف ذاكرة الوطن، فيصبح بلا تاريخ ليبدأ تاريخ الوطن بسنة 1928، سنة إنشاء تنظيم الإخوان المتأسلمين! لو ظل شعبنا المسكين الأربع سنوات العجاف تحت مظلة المرسى المنتظر ومكتب ملالى الإرشاد الموقر وجماعة الخوارج الكذابين الأفاقين لكان مصيرنا الموت بأخطر مرضين فى الكون، السرطان وألزهايمر! لكن والحمد لله حدثت المعجزة التى عجز عنها الطب حتى الآن؛ الشعب من الغيبوبة أفاق وهزم التنظيم الأفّاق، استعاد الشعب عافيته بعد أن نخر السرطان فى نخاعه فصار متسولاً فى الداخل مهاناً فى الخارج، سرطان أطاح بالقانون فى إعلان دستورى فاضح، وحصار محكمة دستورية فاجر، وذبح قضاة علنى حاقد، وتلقيح على أحكام مخجل ساقط، سرطان جرّس الإعلاميين والكتّاب وطاردهم وسلّمهم لقمة سائغة للبلطجية والإرهابيين، سرطان غرز أنيابه ومكّن مخالبه بواسطة إطلاق سراح الضباع الإرهابية من السجون علينا، استعاد الوطن ذاكرته بعد أن تسلل ألزهايمر إلى القشرة المخية وبدأ فى تحويلها إلى قطن منتوف! ذاكرة سمك يلتهم نفس الطعم ويشبك فى نفس السنارة، ذاكرة افترستها الكوميديا العبثية السوداء فصارت تربط نصر أكتوبر واحتفالاته بقتلة السادات وليس بالسادات نفسه، القتلة الذين احتلوا مدرجات الاحتفال طاردين القادة الذين حملوا أرواحهم على أكفهم، ذاكرة تعتبر سيناء منتجعاً لـ«حماس»، وحلايب وشلاتين زائدة دودية، وقناة السويس محل مانيفاتورة يؤجر للعقال الذى يدفع أكثر!! الحمد لله أننا كنا فى غيبوبة فقط ولم نصل إلى مرحلة الموت الإكلينيكى أو موت جذع المخ، الوطن دخل غيبوبة مؤقتة وأفاق والحمد لله من خلال حقنة عبقرية فى الوريد اسمها فكرة تمرد، واكتشفنا أن هذا الوطن رائع وأن كل السموم والأدران لم تقترب من نواته ولا من جوهره، الفكر الوهابى التكفيرى الذى كنا قد اعتقدنا أنه تمكن من الكروموسومات وجدناه لم يتخط مرحلة السطح الخارجى! الإخوان الذين كنا قد وصلنا إلى مرحلة اليأس من طردهم من سدة الحكم ومرحلة الإحباط من سيطرتهم على الأمخاخ والعقول بتجارة الدين وعلى الجيوب والأرزاق بالزيت والسكر، أفقنا فوجدنا هذا الشعب الجبار «فاهم الفولة» ويمد لهم حبل الصبر عن طيب خاطر ليشنقوا به أنفسهم، ثم يأخذ حرافيشه الزيت والسكر وبالرغم من ذلك يخرجون فى مظاهرة لرفض احتلالهم للوطن وللعقل وللوجدان وللدين!
إنه شعب أفاق ليكنس ويطرد التنظيم الأفّاق.
* نقلا عن “الوطن” المصرية