(الفارس حتى فى دمعته كريم)
من هو الشعب الذى يملك كل شيء و لا يوجد لديه شىء؟ .. منذ النمرود و حتى النمرود يين الجدد.
النمرود حضارة عراقية قديمة عريقة جداً و متطورة و عكس صور الماضى التى عكست لنا تاريخ مشوه لطمس كل ما هو جميل فى العراق. لقد جائت اقوام من الشرق و الشمال لتقضى على حضارة النمرود التى صُوِرَت بالحضارة الكافرة و هى اشكالية لغوية و سوء فى التفسير “فالمفسر دوماً له غرض ما”.
فالعداوة متصلة .. و آلهة النار لا تحب آلهة المياه و الرافدين هم روافد فكرية جرت كل مسرحيات الزمن عليهم منذ الطوفان الأول الى الطوفان الجديد. آلهة المياه هى آلهة الخير, فعندما يظهر ديموز (تموز باللغة العربية) مع خروجه من الحياة السفلي فى الصيف فى رحلة السماح لأخته الذى يحبها بالخروج فى الشتاء فهم يتبادلون الحياة السفلى و الحياة العليا و عندما يعود ديموز بالخروج فى وقت بداية الصيف – الربيع, تفيض أنهر دجلة و الفرات بالمياه و تأتى المياه بعنف و تحدث الفيضانات و يتبعها موسم الصيف و الزراعة و الخير فى وادى الله .. وادى الرافدين.
و فى اقتباس فكرى, من يستطيع البقاء النار أم المياه ؟ فالنار تتصارع مع المياه دوماً و لكنها لا تنتصر, فحتى لو تمكنت النار فى رفع درجة حرارة المياه و تبخيرها فهى تولد من جديد .. تتكثف و تهطل غيثاَ (مطراً) فى انشودة الربيع, و هذه ميثولوجية وادى الرافدين .. كلما اقتربت النهاية ابتدأت البداية, فهى أزلية لا تنتهى إلا بقيام الساعة و من عوامل قيام الساعة هى الفيضانات و الأمطار, إذن, مرة أخرى ديموز يعود من جديد.
تلك مقدمة للحالة الهلامية التى تمر فى وطن آدم, فالعراق دوماً يعطى و لكن ما يُعطى اليه هو الأخذ منه, أى بمعنى يعطى ويؤخَذ عطاؤه منه و المراد أخذ عطاؤه فقط. فهل هذه حالة منطقية؟
الكرم .. أن تكرم أهل البيت و حتى سابع جار. لماذا سابع جار؟ هل هى قضية أخلاقية إنسانية حقاً؟ الإجابة, نعم, و كذلك يمكن ان ينظر لها بالجانب الثانى, الأمن البيتى, فكلما تكرم يبتعد عنك الأعداء, ولكن فى نهاية الطريق يزداد طمعهم .. ياللعجب !!
لقد سمعنا عن خير أمة أخرجَت للناس… و شعب الله المختار .و لكن لم نسمع بشعب الله المحتار, و هو شعب جديد يعطى و لا يأخذ و يقدم و لا يُشكر, يساعد فى الملمات و يبتعدون عنه فى الأزمات, يُكرِم و لا يُكرَم .. لقد وضعنا الجميع فى حدقة عيوننا و عندما اردناهم وضعوا الملح فى العيون.
أرجوكم لا تعتبوا على, فانى متألم .. فهى معاناة الإنسان و الأرض العراقية اليوم و دمعة لا تسقط ” فالفارس حتى فى دمعته كريم”. لقد التقيت بكل العراقيين المغتربين, ومن خلال لقائى ببعضهم, عيونهم تحكى قصة الألم و دمعة مستحية السقوط, فنحن لا نروى الأرض بالدموع و إنما بالمياة, فالدمعة مكان النهر و ليس حدقات الأعين.
عندما يتحدث العراقيون اليوم, لديهم كلمة واحدة تردد من افواههم و لكنهم لا ينطقونها .. لماذا؟ .. لماذا؟ و يرتد الصوت إنه الكبرياء و نموت من دونه هى الهزيمة, (فتباً للمستحيل).
الموت هو موت الجسد, والروح هى من تفارق الجسد عندما تحين الساعة …
و هكذا نحن لا ننظر للماضى فالذى يعطى لا يطالب وهذا قمة الكرم .. الشموخ لنا كشمس العراق …
هيثم هاشم – مفكر حر؟