شتّان بين وصول بوتين وهولاند للرئاسة
رعد الحافظ
raad57dawood12@yahoo.com
مشهدان رئاسيان اليوم على الشاشات !
الأوّل / فلاديمير بوتين أو القيصر الروسي الجديد العائد الى الكرملين ; بإعتبار انّ فترة حكمهِ ستصل (في حالة إصرارهِ على البقاء بأيّ ثمن )
الى ربع قرن , بدأت مع مطلع القرن الحالي .
يؤدي القَسَمْ الرئاسي في قاعة سانت جورج الفخمة لفترة رئاسية جديدة ويقترح عودة ( قرينهِ ) ميدفيديف لرئاسة الوزراء .
كانت البداية , عندما إستعان بهِ بصفتهِ ( موّظف الكي جي بي ) , القادم من لوبيانكا ( مقّر المخابرات ) , الرئيس الأسبق (بوريس يلتسين ) لمساعدتهِ في تصفية خصومهِ , وإنقاذهِ من ثمّة محنة وتهمة خطيرة (سوى تزوير الإنتخابات ) , هي الفساد العائلي / التي إنتشرت روائحها العفنة يومها .
فعيّنهُ رئيساً للوزراء مكافئة لهُ على تلك الخدمة الشخصيّة البحتة في تصفية الخصوم وقلب الطاولة عليهم .
حدث ذلك في غفلة من الأوليغاركيا Oligarchic { حُكم القلّة الإقتصادية أو العسكرية المتحكمة في السياسة / الملأ أو الفئة الحاكمة في الإسلام } .
ومازال الرجل مستئنساً بالقيادة ينتقل بين الرئاستين كظاهرة إستحدثها هو شخصياً ربّما لحُلم قيصري يسكنهُ منذُ الأزل .
ذهبَ يلتسين مترنحاً ( عام 2000 ) , وجاء بوتين لسدّة الرئاسة !
وعندما إنتهت فترته الأولى ( أربع سنوات ) كان متوقعاً جداً فوزهِ بفترة ثانية نظراً لعزفهِ على وتر تصفية الحركات الإنفصالية ( الإسلاميّة ) وإعادة مجد روسيا القيصرية .
وفاز بالثانية طبعاً . وتظاهرَ بأنّهُ الرجل القوي الذي سيقف لأمريكا والغرب بالمرصاد , بينما دولته ما تزال تتلقى المساعدات السخيّة من الدول الإمبريالية الكبرى الثلاث / الولايات المتحدة , بريطانيا , فرنسا .
{ هذا يشبه تقريباً حال الإتحاد السوفيتي أعقاب الحرب العظمى الثانية فقد كان ستالين يتلقى مساعدات الغرب قبل وبعد إنتهاء الحرب ,ويظّن أنّه سيكسر اُنوفهم
وللصديق فوّاز فرحان مقال منشور اليوم يُميط اللثام عن دور للعراق وإيران بإيصال المساعدات الغربية الهائلة الى الإتحاد السوفيتي عبر طريقين , أحدهم /الشعيبة بغداد خانقين إيران }
وإنتهت فترة بوتين الثانية , وجاء للرئاسة صديقهِ وقرينهِ ( الطري ) ديمتري ميدفيديف !
لكن بوتين لم يذهب هذه المرّة ( 2008 ) بل تحوّل الى رئاسة الوزراء في صفقة غريبة تخلو حتى من الشرف السياسي (المُهلهل أصلاً ) عند الغالبيّة .
يومها عرف الجميع , أنّهُ عائد للرئاسة لا محالة وغالباً لفترتين رئاسيتين ( صارت خمس سنوات )
حتى لو بقيّ يتمايل بمشيتهِ المتمايلة الغريبة , التي يمقتها حتى أنصاره والمقربين منهُ .
اليوم عندما يؤدّي بوتين , اليمين الدستوري في الكرملين ,يحلم بالبقاء الى عام 2025 .
لكن ليس فقط خصومهِ السياسيين بل أغلب الشعب الروسي , يشّك في قدرتهِ على الصمود الى ذلك التأريخ . بل أنّ كاسباروف يشّك حتى في إكمالهِ هذهِ الفترة الجديدة .
http://ar.rian.ru/russia/20120331/374479579-print.html
وسؤالي بهذا الخصوص / ماذا سيفعل وكيف سيتصرف المنافسون والخصوم ,وبالأخّص المنافس الثاني القوي لبوتين , أقصد الشيوعي / غينادي زيوغيانوف وأنصارهِ الكُثر . خصوصاً أنّهُ ترشح أربع مرّات ولم يفلح بوجود الثنائي ( القرين ) / بوتين ميدفيديف !
ولماذا لا نسمع من الشيوعيين ( والإنتليجسيا العربيّة ) أيّ نصرة لهذا البائس ؟
*************
الثاني / فرانسوا هولاند
الرئيس الفرنسي القادم الجديد , وهو السابع في الجمهورية الفرنسية الخامسة . والثاني ( إشتراكي ) بعد الراحل / فرانسوا ميتران !
فاز بفارق ضئيل نسبياً , أقلّ من 52 % له , وأكثر من 48 % لساركوزي .وأجمل ما في إنتخابات الإعادة هذه , هي نسبة الإقبال الجماهيري التي فاقت ال 80 %
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2012/05/120506_france_holland.shtml
مع ذلك سلّم ساركوزي بخسارتهِ في لحظتها , وهنّأ خصمهُ متمنياً لهُ النجاح في مهمتهِ الصعبة وشكرَ الملايين من الفرنسيين الذين ساندوه . وقال أنا شخصياً أتحمّل سبب الخسارة , فلم أكن كفؤاً كفاية لنيل رضى عدد أكبر من الفرنسيين . في إشارة منهُ الى تخلّي الجميلة ماري لوبان زعيمة اليمين المتطرف , وباقي المرشحين في الدور الأوّل عنه لصالح هولاند ( تقريباً ) فيما يشبه ظاهرة الأنتي ساركوزي .
والحقّ يُقال أنّ المشاكل التي مرّت بها فرنسا في عهدهِ ( خمس سنوات ) ليست قليلة , لكنّها في الواقع طالت العالم كلّهُ وليس فرنسا أو الغرب فقط
فلا يهنأ (بشار وبس) وأنصارهِ برحيل ساركوزي , فسقوطهِ صار أمراً مقضيّا يقرّره الشعب السوري العظيم بكل فئاتهِ .
************
الخلاصة
خواطر عديدة مرّت ببالي أمس بخصوص النتائج الفرنسيّة .
العراق طبعاً أوّلها , في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة .
لا أتحدّث عن مقارنة ظهور النتائج خلال شهر أو بضعة ساعات .
لكن عن فكرة تخلّي الرئيس الحالي , عن المنصب ومباركته للقادم الجديد
هل نحلم لأجيالنا في القرن القادم بمثل الحالة الفرنسيّة ؟
ربّما علينا مراقبة ما يحدث في روسيا أولاً فهم سبقونا في الإيمان بالديمقراطية / ظاهرياً على الاقلّ .
لكنّهم ما زالوا يكتشفون طرق جديدة للرقص على الحبال .
بصراحة / أقصد إنظروا الى طبيعة الشخصيّة الغربيّة والشرقيّة وقارنوا بين تقبّلهم للديمقراطيّة , هل هناك سرّ نجهلهُ جميعاً ؟
ربّما الإنتخابات الرئاسيّة المصرية بعد إسبوعين ستُرينا أسرار جديدة عن تخلّف شعوبنا ومنطقتنا عموماً , عن الركب العالمي
سيقول المؤدلجون / لماذا لاتكّف عن جلد الذات ؟
أقول لهؤلاء / الشجاعة في مواجهة النفس وسلبياتها , ومن لا يجرأ على ذلك يلجأ الى الشتائم وبؤس الكلام !
تحياتي لكم
رعد الحافظ
7 مايس 2012