الجميع اعتقد ان الثورة في سوريا لا تتعدّى مجرد مظاهرات متناثرة على أطراف المدن ، عدوى حميدة من حراك الربيع العربي ، فيروس لطيف اصاب جسد المنظومة الشرق اوسطية و اللي بيشّكل النظام الأمني العلوي جزء هام منّو..
لم يتعاطى أحد مع الشأن السوري في البدايات ، تَرَكُوا الامر لآلة القمع العلوية للبطش فيه ، و لتوجيه ضربة قاضية سريعة و من الجولة الاولى تعيد جيران الطفل المدلل اسرائيل الى حظيرة حرَّاس حدود اسرائيل..
ولكن شيئاً ما حصل..
انتهت الجولة الاولى و لم يتوقف المد الشعبي اللي اصبح اكثر كثافةً و أشد عزيمةً ، فكان لا بد من اللجوء الى الخطة باء و اللي تنص بأحد فصول كتاب ” ترويض الشعوب” على تفويض كلب المزرعة على وقف العمل الأمني و غض النظر عن استخدام كل أساليب العمل العسكري لتجميد الدم في مفاصل السوريين و لإعطاءهم درس في عدم الشذوذ عن ما قام برسمو اباطرة العالم الحر في بدايات القرن الماضي لتأسيس و من ثم زرع و من ثم توطيد و من ثم حماية اسرائيل عن طريق تسليم الدول المنتدبة و ” المستقلة ” حديثاً الى حثالات و زبالات هذه الدول ضمن شرط واحد فقط لا غير أمن اسرائيل و أمان الإسرائيليين ..
ما لبثت ان تبدأ الجولة الثانية حتى وقف العالم مشدوهاً امام إرادة الشعب السوري، فكان لا بد من المسارعة لتنفيذ الخطة تاء بعد فشل الاسد بقمع السوريين امنياً و عسكرياً.. الجولة تاء اللي تنص على غض الطرف عن الميليشيات الطائفية المسلحة و الصدمات اللي رح تصنعها من خلال افتعال مجازر طائفية دموية ساطورية ستدب صورها المسرّبة الرعب في قلوب السوريين و هكذا منقدر نعيد الشعب السوري الى متابعة مهند و الحاقه بالشعوب العربية المهتمة بالدوريات الفوتبوليكة الأوربية ، و بالعلاك الفاضي و بمحبة القائد و الانصياع الى آل القائد ..
و لكن..
عكس ما كان متوقعاً قد حدث حينما شاف المجتمع العاهر الدولي إنّو الاسد و ميليشيات الموت الساطوري لم تعد تنفع في قمع السوريين ، فكان لا بد من ازاحة الاسد على جنب ، و تفويض ايران بالتدخل مباشرةً عن طريق حرس الخامنئي الثوري و بقيادة جنرالو سليماني بشكل شخصي لتذويب الحراك المسلح السوري و مزجو مرّة اخرى في المزيج الخاضع لارادة اسرائيل ..
ما تركت ايران طريقة الا حاولت تعملها ، من داعش الى حالش ، من الحوثي الى الرئيس المشلوط علي صالح ، من حوادث مكة الى تفجيرات تركيا ، ولكن أيضاً و أيضاً و أيضاً ، الفصائل المسلحة المعارضة عم تتمدد و تقضم من الاراضي السورية بشكل دراماتيكي سريع و مفاجئ ، و الاسد و قواتو، مدعومة من المليشيات الطائفية المسلحة و حرس الخميني و ادواتو المحلية عم يتراجعو و يخسروا و يضطروا في كثير من الأحيان يفاوضو لتخليص عناصرهون ..
حار المجتمع الدولي و كان لا بد من المسارعة بتنفيذ الخطة جيم و اللي تنص على دخول الروس مباشرة في الصراع السوري لحماية أمن المنطقة و لضمان اعادة عقارب المنظومة الشرق اوسطية للتشابك مجدداً ..
سيفيق العالم قريباً على نبأ فرار الروس من جهة ، و على مشاهد جنود القيصر مضرّجين بدماءهم في زواريب و حقول سوريا ، مما سيضطر المارد الأميركي الأكبر للتدخل مباشرة و عبر كل آلتو العسكرية الفتاكة لتحييد أدوات القمع الدولية جانباً و وضع اليد الامريكية الثقيلة لإعادة المياه الشرق اوسطية الى مجاريرها الطبيعية ..
ستسقط هناك ، كما سقط الجميع من قبلها ، مما سيضطر اسرائيل للدخول مباشرةً بعدما فشل الجميع بحماية ما وعدوها به من قبل ، و سينتهي الأمر ، نعم سينتهي الأمر بمعراج السوريين من المسجد الأموي الى المسجد الأقصى لصلاة ركعتين شكر للخالق..
قصتنا طويلة و مريرة و لكنها عظيمة..
هذا قدر السوريين ، فما يجري ليس ثورة سورية ، هي اكبر بكثير من ثورة و أصغر بقليل من قلب النظام الدولي..
لهذا السبب و لأسباب كثيرة اخرى يخافون من إنعتاق رقبة الشعب السوري ، فلا تستغربوا..