نبتا فجأة في المقهى
كغصنين موفدين من أعرق وأجمل ربيع في التاريخ
***
جلسا على طاولة واحدة
وشربا من كأس واحدة
وسمعا أغنية واحدة
وزفرا زفرة طويلة واحدة
***
يدخلان سوية، ويخرجان سوية
يضحكان سوية، ويبكيان سوية
حتى دموعهما كانت بحجم بعضهما
كالثمار في المزارع التعاونية
***
صفّقا للنادل، وطلبا نهراً في إبريق
وغابة في صحن
وتبغاً وسعالاً لأسبوع
ومسطرة وأقلاماً لرسم ملامح المستقبل
على خشب المائدة ومحارم التنظيف
***
وعندما كان الخادم يتلكأ في طلباتهما
أو يأكل أحد الزبائن بشراهة وصوت مسموع
كانا يجذبانه من ياقته أو مريلته ويصرخان:
التزموا آداب المائدة أيها المتوحشون
واحترموا ما يقدم لكم بكل خشوع ومهابة
فهذا الخبز كان سنابل
وهذا الملح كان في أعماق البحر
وهذه الملعقة المتواضعة، التي حطّ بها الزمان أمامكم
ربما كانت الحفيد ة الأخيرة لمقصلة دانتون
أو مطرقة لينين
***
وصفقا الباب وراءهما صفقة دوّت معهما كل مطاعم الشرق
بأطباقها وملاعقها
وممالحها وخدمها وزبائنها.
وفي اليوم التالي
عاد أحدهما مستعجلاً تحت المطر
أما الثاني
فكان يسبح بدمه في أحد أقبية التعذيب
لقد تذكرت :
كان أحدهما يتحدث أكثر من اللازم
وكان الثاني يصغي أكثر من اللازم.