في أحدى صباحات بغداد الباردة, كنت مع أصدقائي عادل ورحيم في معرض للكتاب, يومها كان البرد لا يقاوم, فالوقت هو شهر كانون الأول, المعروف بأنه شهر لا يرحم, وكانت الكتب المعروضة رائعة جدا, عناوين جذابة في شتى الفنون, وهو ما نبحث عنه, لولا مسالة الأسعار الخيالية, التي جعلتنا نقرا العناوين ونتحسر, فلا يمكننا شراء نصف كتاب.
لكن كان صديقي عادل مصر على شراء رواية عابر سرير, فحبيبته طلبتها منه, فأما يشتريها أو تخاصمه, وهو يريدنا أن نشاركه ثمنها, وكان نضحك كثيرا فيبدو أن حبيبته ترسل له رسائل مشفرة, حسب تفسيرات رحيم الماجنة, وعادل لا يتعمق في ما تقوله النساء, فقال رحيم للعاشق عادل:
– أن حبيبتك تستدرجك الى موعد يا عابر سرير.
فضحكنا حتى دمعت عيوننا, الا العاشق عادل كان لا يشاركنا الضحك, يبدو عليه الاقتناع, بان حبيبته تريد الاستزادة من الإنتاج الأدبي لأحلام مستغانمي, وقال:
– هكذا انتم كما أعرفكم, دوما أفكاركم ترتبط بالجنس, حتى سياسة ألعبادي تربطوها بالجنس, ولن تعرفوا يوما معنى العشق الروحي.
ضحكنا وضحكنا, وضحك معنا العاشق رحيم, ثم سكتنا احتراما لمشاعر صديقنا.
كان ضمن برنامج المعرض, أن يصعد المنبر شخصية ثقافية, لإلقاء كلمة ذات فكرة يستفيد منها الحضور, جلسنا في قاعة جميلة بكراسي معدودة, وصعد المنبر رجل أنيق ببدلة سوداء وبيده سبحة عملاقة, كرمزية للتدين, وكان الترف باد عليه, انه احد الساسة ولم يكن من صنف المثقفين.
فانطلق السياسي يغرد باعذب الكلام وبصوت عال, يشرح لنا انجازات الساسة طيلة 13 سنة, معتبرا ما تحقق انجازات غير مسبوقة, وان الشعب عليه أن يشكر الله طويلا, على تواجد هذه الفئة من الساسة, التي حققت انجازات خارقة, فهم من انشأ عدد كبير من المدارس والمستشفيات والمتنزهات,وهم فقط من بلط الشوارع, وهم فقط من جعل الأرصفة “بالمقرنص”, ثم علا صوت السياسي ليختم خطبته الثقافية جدا بالقول ( البعثيون والجهال فقط هم من يهاجمنا ويتهمنا بالتقصير).
فضججنا نحن الثلاثة بالضحك والقهقهة بصوت عال, وضحك بعدنا كل من حضر الخطبة العصماء, عندها انزعج منا السياسي المحنك, ونزل من المنصة وهو يرمقنا بنظرات الغضب والاستنكار.
كان الى جنبنا أربعة كهول, دنا مني الذي يجلس الى جانبي وقال لي:
– انه مسكين لقد فضحتموه بضحكاتكم, اتركوه يكمل برنامجه التثقيفي, عسى أن نصل الى لب فكرته, بعد هذا الكلام الفارغ.
فقلت له بصوت عال مسموع من الآخرين:
– يا حاج, أن هذا السياسي انه أما انه مخمور أو جاهل, فهل يريدنا أن نصدق كذبه الفج, أي انجازات حققوها لهذا الشعب البائس, هل يقصد معدلات الفقر المرتفعة, أو يشير الى نسب البطالة الغير معهودة, أو ينبهنا لانجاز الخدمات التي لا ينجزوها أبدا, أو بعسر حال الناس بسبب سوء أدارتهم للبلد, صدقني يا حاج أنا كلما رأيت عجوز يموت لأنه لا يقدر على شراء علاجه, لعنت جمع الساسة بآلاف اللعنات, فاللعن هو كل ما نملك ألان, أو عندما أشاهد طفل يبتلعه شارع الانحراف, فاني اشتم أمهات الساسة بالعهر والدعارة, لأنهن أنجبن العار فقط, هذا المخبول بأي انجاز يفخر, والأغرب يريد أن يجعل كل من لا يصدق أكاذيبه, أما بعثي أو جاهل, فانظر لغرور هذا الإمعة.
– لكن يا بني يقال عبر الأعلام, أن الساسة هم من حافظ على العراق من الإخطار الكبيرة التي تعرض لها.
تفاجئت من تعقيب العجوز, فهل هو يسايرني, أم حقا يعتقد بهذا الجنون.
– يا عم, أن مشاكلنا مع دول الجوار هم سببها, لأنهم لم يعرفوا كيف يكسبون السعودية وقطر وتركيا, وخطر الإرهاب كانوا هم سببه, لأنهم أسسوا منظومة أمنية فاشلة وضعيفة, واعتمدوا على خطط بالية, ولولا فتوى المرجعية الصالحة لابتلع الإرهاب كل العراق, فأين انجازاتهم, بل أنهم مصيبة عظيمة حلت بالعراق, لأنهم لا يعرفون كيف تدار الدولة, ويجهلون طرق كسب الأخر.
عندها دخل صديقي رحيم في النقاش لإبداء رأيه, وكان معروفا عن رحيم انه يخلط الجنس بكل رأي, حتى لو كان رأيا رياضيا أو في فن الطعام , فقال:
– يا حاج أن هذا السياسي يعاني من ضعف جنسي, والدليل رؤيته المقلوبة للواقع, حيث يدفعه إحساسه بالضعف وضياع كرامته أمام نسائه, الى أن يجمل أفعاله, ويجعلها بمصاف الخوارق للعادة, مع انه ينتكس يوميا في الفراش, أنهم دواعر السياسة وغلمان بيوت العاهرات, أصابهم العنن جزاء بما سرقوا وفرطوا بحقوق الناس.
تبسم الكهول الأربعة وقال كبيرهم:
– نعم يا بني, كلامكم مقنع, ألان متفق مع طرحكم.
سكت الكهول عن الكلام, وغادر السياسي المكان مع حمايته, والشرر يتطاير من عينيه, وخرجنا أنا وأصدقائي نبحث عن رواية عابر سرير.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- لفهم حرب #التعريفات_الجمركية التي يشنها #ترامببقلم طلال عبدالله الخوري
- #زياد_الصوفي يفتح ملف #سامر_فوز لمن يهمه الامربقلم زياد الصوفي
- ** هَل سيفعلها الرئيس #ترامب … ويحرر #العراق من قبضة #نظام_الملالي **بقلم سرسبيندار السندي
- ** ما علاقة حبوب الكبتاغون … بانتصارات نعيم قاسم وحزبه **بقلم سرسبيندار السندي
- ** فوز عون وسلام … صفعة أخرى لمحور المتعة والكبتاغون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل جحيم كاليفورنيا … عقاب رباني وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- لفهم حرب #التعريفات_الجمركية التي يشنها #ترامب
أحدث التعليقات
- Saleh on شاهد كيف يحاول اغتصابها و هي تصرخ: ما عندكش اخت
- س . السندي on #زياد_الصوفي يفتح ملف #سامر_فوز لمن يهمه الامر
- س . السندي on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- تنثن on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- Hdsh b on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام