طلال عبدالله الخوري 2012 / 12 / 20
للأسف الشديد فقد دخلت سوريا أسوء السيناريوهات الممكنة والتي حذرنا منها في مقالات سابقة, حيث قلنا بأن أسوء الإحتمالات هو ان تصبح الثورة السورية مثل القضية الفلسطينية وتتحول الى صناعة وتولج الى الاقتصاد العالمي وتصبح جزءاُ منه, وعند ذلك لن يسع اي طرف الى حل هذه المشكلة, لأنه لن يكون لأي طرف مصلحة بحل هذه المشكلة, وانما تتم ادارة هذه الازمة فقط, وبذلك تستمر الازمة السورية الى سنين وسنين طويلة يخسر فيه شعبنا مزيدا من الشهداء ومزيدا من الدمار.
مقالنا: تسقط حماس وكل تجار القضية الفلسطينية وتحيا الثورة السورية
سبب اعتقادنا بأن وطننا الجريح والمحتل من قبل عائلة الاسد وايران, قد دخل اسوء السيناريوهات الممكنة, هو توارد أنباء عن دوائر إستخباراتية بأن النظام السوري قد تلقى منظومات صاروخية بحرية من طراز اسكندر روسية الصنع، وقام بنشرها على طول الحدود السورية مع الاردن وتركيا واسرائيل، وقد اعتبر الخبراء أن هذه المنظومات ستغيّر التوازن الاستراتيجي ليس بين الولايات المتحدة وروسيا فقط، وانما بين النظام السوري وايران وحزب الله من جهة، واسرائيل ومستقبل الخيار العسكري مع البرنامج النووي الايراني من جهة أخرى. وتقول تسريبات استخباراتية نشرها موقع
“NFC”
الإسرائيلي إنه في اعقاب وصول بطاريات صواريخ باتريوت الاميركية والهولندية والالمانية الى تركيا، ونشرها قبالة الحدود السورية، دخلت ثلاث سفن حربية روسية، فضلاً عن رابعة للامداد والتموين من طراز
MB-304
ميناء طرطوس السوري، وحملت كل سفينة ما يربو على 300 عنصر من مشاة البحرية الروسية “المارينز”, وتقدر الشحنة بحسب المعلومات المسربة بـ 24 صاروخاً بحرياً من طراز اسكندر، وقد وضعت روسيا ست بطاريات على حدود سوريا الغربية، وتحتوي تلك البطاريات على 12 صاروخاً، كما نشرت روسيا ست بطاريات أخرى بنفس العدد من الصواريخ قبالة الاردن واسرائيل، وقامت روسيا على توجيه بطاريات صواريخها في سوريا الى قواعد عسكرية اميركية في تركيا واسرائيل والاردن.
ما هي مشكلة بوتين في سوريا
يريد ان يثبت بوتين للشعب الروسي, وعلى أكتاف الشعب السوري, بأنه يعيد روسيا كقوة عظمى بديلة عن الاتحاد السوفييتي المنهار, وأن لروسيا مصالح في العالم كقوة عظمى, وذلك من أجل دغدغة المشاعر القومية للشارع في روسيا ولكي يتسامح الشعب مع طغيانه واستبداده في السلطة وفساد حكمه, ولكي يضمن عدم قيام ثورة ربيع روسية تطيح بحكمه الاستبدادي, كما يحدث الآن في الدول العربية, ولكي يمنع الغرب من التدخل بشؤونه اذا ما اراد استخدام القوة ضد شعبه, كما يحدث في سوريا, وهذا ما يفسر مساندة روسيا لنظام الطاغية بشار الاسد واستخدام حق النقض الفيتو ضد اي قرار يدين جرائم بشار الاسد ضد الشعب السوري.
ما هي مشكلة بوتين مع اميركا
أميركا ترسل رسائل غير مباشرة لبوتين بأن أميركا هي الدولة العظمى الوحيدة بالعالم, وأن على روسيا ان تهتم بشؤونها الداخلية بما فيها حقوق الانسان والاقتصاد الروسي, وانه ليس من مصلحة روسيا دعم الانظمة الاستبدادية في كل من ايران وسوريا لكي تفاوض عليها وتحصل من اميركا على تنازلات اسعارها باهظة, مقابل التخلي عن المشاكل التي تسببها هنا وهناك انظمة استبدادية تحرم شعوبها من اساسيات الحقوق الادمية.
فمن المعروف بأن الرئيس الروسي فلادمير بوتين قطع على نفسه عهداً بعدم امداد سوريا او ايران بمثل هذا النوع من صواريخ الاسكندر، وكان ذلك في اجتماعات مع الرئيس الاميركي السابق جورج بوش، وخلفُه باراك اوباما، وثلاثة رؤساء وزراء اسرائيليين هم ارئيل شارون وايهود اولمرت وبنيامين نتانياهو، ولكنه لم يحفظ وعوده وذلك من اجل ان يقوي موقفه بالتفاوض مع الاميركان, وهناك معلومات تؤكد الآن أن تلك الصواريخ من الاسكندر لن تكون بحوذة الرئيس السوري فقط، وانما سيزود بها بوتين النظام الايراني في غضون الايام القليلة المقبلة، وذلك لكي يحصل على سعر تفاوضي اعلى من اميركا.
ولكي نتعرف على الاسعار التفاوضية التي تطلبها كل من روسيا وايران من اميركا, فعلى سبيل المثال تطلب ايران من اميركا ان تعترف بأن لإيران مصالح بالشرق الاوسط, وان تصبح ايران قوة نووية اقليمية, وان تسمح لها بأبقاء الحكم الاسدي لسوريا وحزب الله في لبنان؟؟ اي ان ايران تفاوض اميركا على اكتافنا؟ وكذلك الامر بالنسبة لروسيا فهي تريد ان تعترف اميركا بمصالح روسيا في كل العالم وخاصة في الشرق الاوسط, أي انها تفاوض على اكتافنا ايضاُ.
من هنا نرى بأن بوتين يعمل بمنطق قاطعي الطرق, فيقول لاميركا إما تعطوني ما أريد او ان اسبب مشاكل لكم بالعالم حيث استطيع بأماكن مثل ايران وسوريا؟
طبعا نحن لا نعرف كيف سيكون الرد الأميركي في سوريا؟ هل سيكون عبر اغراق ايران وروسيا بالمستنقع السوري كما فعلت بافغانستان, عندما اغرقت الاتحاد السوفياتي بحربها ضد طالبان والقاعدة, فتقوم اميركا بتزويد المقاومة السورية بالاسلحة المتطورة لمحاربة الجنود الروس والايرانيين في سوريا وإيقاع اكبر الخسائر بهما لكي تردع روسيا عن خلق المشاكل وتغذيتها من اجل المفاوضة على اسعار باهظة من الاميركان….. وطبعا الخاسر الاكبر هنا هو الشعب السوري ومستقبل سوريا؟؟ فهل يفهم هذا الغبي المنحط بشار الاسد ويتنازل عن السلطة مقابل اجراء انتخابات ديمقراطية تضع الشعب السوري على المسار الصحيح؟
راجعوا مقالنا: هل سيتم إغراق الولي الفقيه بالمستنقع السوري؟
غباء المعارضة السورية
طبعا نحن نحمل المعارضة السورية والمجلس الوطني السوري الجزء الاكبر من مسؤولية دخول سوريا في اسوء السيناريوهات الممكنة هذا, وجعلها مسرحاُ لحروب بالنيابة (حروب البروكسي), فمنذ بداية الثورة السورية قبل سنتين حذرنا من هذا المآل, ولكن هزالة شخصيات المعارضة السورية بقيادة الاخوان المسلمين, وجريها وراء المصالح السياسية , واعلائها على المصالح الوطنية هي التي اوصلتنا الى هذه الحالة, فلماذا لم تستطع حتى الآن اقناع الدول الغربية بمساعدة شعبنا حتى الان كما حصل في ليبيا؟؟
ونريد ان نذكر هنا بآخر تصريح جاهل للشيخ احمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف للمعارضة السورية يرفض به تدخل القوى الغربية بتحرير سوريا لانه يظن بأن الثورة قد انتصرت؟؟ وان دل هذا على شئ فيدل على انه انسان مغيب لا يعرف ماذا يجري على الساحة في سوريا وفي العالم؟
والسؤال الذي نريد أن نطرحه هو: متى سيستقيل الجهلاء المغيبين من المعارضة السورية الرسمية لكي يفسحوا المجال للخبراء من اصحاب الشهادات الرفيعة بإيصال الثورة السورية الى بر الامان؟
هوامش:
ماقل ودل : كل الدلائل تقول أن لاغبي إلا ألأسد والفقيه والدليل … ؟
١: مصير سوريا كالجمل التائه في صحراء نجد لايرى غير السراب ، وسيبقى يأكل من سنامه حتى يظمحل ويذوب ومعه كل معونات الفقيه والمحبوب ؟
٢: روسيا تدرك جيدا أن إيران النووية أكثر خطورة عليها من أمريكا ، والسؤال لماذا الدعم الروسي لفقيه ألإيراني إذن ، ببساطة لجرها إلى نفس السيناريو السوري بعد إمتصاص مايمكن إمتصاصه منهما ، ولأن لاخيار أمام سورية وإيران إلا الصين وروسيا ؟
٣: حالما تنتهي أمريكا من ربعنة كل الدول العربية عندها سيأتي دور الدولة الفارسية ، وذلك لإيمانها أن لاخيار أمام الدول والشعوب بعد اليوم إلا الديمقراطيات ؟
٤: كل الوقائع تشير إلى تحقيق نبؤة شاه إيران الراحل الذي قال { بأنه سيأتي اليوم الذي لن ينجو فيه رجال الدين في إيران بفروة رؤوسهم } وأنا أضيف وفي كل الدولة المستعربة ، ولن يكون مصير من يتاجرون بالدين بعد اليوم بأفضل من مصير طغاتهم وسلاطينهم ، وهو إما السحل في الشوارع أو خوزقتهم في السجون ؟