جون ماكين وجوزيف ليبرمان وليندسي أوغراهام: الشرق الاوسط اللندنية
انتهى عام 2012 ولا تزال سوريا تهوي إلى قاع سحيق. ارتفعت حصيلة قتلى الثورة إلى 40 ألف شخص على الأقل، ويتوقع سقوط المزيد من القتلى في الوقت الذي يجبر فيه الملايين على ترك منازلهم. خلال العام الماضي استخدم بشار الأسد باطراد قوة عسكرية غير مسبوقة ردا على ما بدأ كمظاهرات سلمية للشعب السوري، بدأها باستخدام الدبابات والمدفعية الثقيلة في فبراير (شباط)، ثم صعد النظام حملته خلال الصيف باستخدام المروحيات القتالية والطائرات الحربية. ولجأ خلال الأسابيع الأخيرة إلى استخدام صواريخ «سكود» ضد شعبه.
فشل العالم في وقف هذه المذبحة، وأعلن أوباما أن الخط الأحمر بالنسبة له هو استخدم الأسد الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. لكن الكثير من السوريين أخبرونا أنهم يرون الخط الأحمر الأميركي ضوءا أخضر للأسد لاستخدام كل الأسلحة الحربية لذبحهم والإفلات من العقاب، وكثير من هذه الأسلحة لا يزال يأتي من إيران.
وعلى الرغم من التحذيرات الأميركية، أشارت التقارير إلى أن الأسد اتخذ خلال الأسابيع الأخيرة خطوات لإعداد أسلحة كيماوية لاستخدامها ضد شعبه. واستنادا إلى ما نعلمه بشأن حكم الأسد، وبالنظر إلى تصعيد الأسد للصراع بشكل منهجي باستخدام كل الأسلحة في جعبته تقريبا، فهل يعتقد أي شخص أن هذا الرجل عاجز عن استخدام الأسلحة الكيماوية؟
سقوط سوريا في جحيم يشكل خطرا متزايدا على جيرانها، وسوف تواجه تركيا ولبنان والعراق والأردن وإسرائيل ارتفاع مخاطر عدم الاستقرار. وكلما طال أمد هذه الحرب، ارتفعت فرص إشعال حرب طائفية واسعة النطاق.
وقد أكدنا منذ شهور – ومن ضمنها صفحات هذه الجريدة – أن على الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والشرق الأوسط بذل مزيد من الجهود لوقف المذابح في سوريا وتقديم العون لقوى المعارضة المعتدلة. وقد دافعنا على وجه الخصوص عن تزويد الثوار المعتدلين بالأسلحة بشكل مباشر، وإنشاء منطقة حظر طيران على منطقة في سوريا. لكن كلا المسارين سيتطلب نشر قوات أميركية على الأرض أو التصرف بشكل أحادي. وقد عبر الحلفاء الرئيسيون مرة تلو الأخرى عن أملهم في قيادة أميركية أقوى وعن إحباطهم بقاء الولايات المتحدة على الهامش.
كان الأمر الأكثر إيلاما ذلك التدهور السريع في الأوضاع الإنسانية في سوريا. وعلى الرغم من رفض النداءات بتقديم الأسلحة أو إنشاء منطقة حظر طيران، شددت إدارة أوباما على الدعم الذي التزمت بتقديمه للشعب السوري. لكننا نخشى من فشل هذه الجهود أيضا.
وبحسب مسؤولين أميركيين وأوروبيين وخبراء، فإن 70 في المائة من المساعدات الأجنبية التي تصل إلى سوريا تنتهي إلى المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية. ومن قاموا بزيارات مؤخرا إلى حلب قالوا إنهم لم يشاهدوا أي أثر للمعونات الأميركية هناك، ولم يكن السوريون على دراية بأن هناك مساعدات أميركية توجه إليهم. ونتيجة لذلك يعاني الأهالي في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة الجوع والبرد والموت بسبب الأمراض ونقص الغذاء والإمدادات الطبية.
هذا الفشل في نقل المساعدات الإنسانية الأميركية إلى الشعب السوري زاد من الأزمة الإنسانية وزاد من فرص وجود الجماعات المتطرفة لتقديم خدمات الإغاثة، ومن ثم الفوز بدعم أكبر من الشعب السوري. ويرى كثيرون أن هؤلاء الأشخاص المتطرفين هم الوحيدون القادرون على مساعدة السوريين في القتال. في الوقت ذاته سيفقد المعتدلون في صفوف المعارضة السورية مصداقيتهم وستضعف شوكتهم بسبب غياب دعمنا – بما في ذلك تحالف المعارضة السورية القائم، الذي يرجع الفضل في تشكيله الشهر الماضي بصورة ما إلى الجهود الدبلوماسية الأميركية.
وعلى الرغم من الانشقاقات التي شهدتها صفوف النظام في الآونة الأخيرة والانتكاسات التي شهدها النظام أخيرا في أرض المعركة التي تشير إلى أن قبضة الأسد على السلطة بدأت في التراخي، لا توجد بوادر على إمكانية انتهاء القتال قريبا، وهو ما سيرفع تكلفة الحرب على الشعب السوري وجيرانه ومصالح الولايات المتحدة ومكانتها. لم يفت الوقت بعد لتجنب كارثة أخلاقية واستراتيجية في سوريا، لكن القيام بذلك يتطلب قيادة أميركية حاسمة وجريئة تحتاج إلى أن تأتي بشكل مباشر من الرئيس أوباما.
ينبغي على الولايات المتحدة أن تحشد حلفاءنا لتقديم المساعدة إلى مجلس المعارضة السورية الذي أنشئ حديثا لتوزيعها على المناطق التي يسيطر عليها الثوار. وينبغي علينا أن نقدم الأسلحة والمساعدات القتالية الأخرى إلى قيادة المعارضة العسكرية، وينبغي علينا أيضا أن نفرض منطقة حظر للطيران على بعض المناطق في سوريا تشمل استخدام صواريخ «باتريوت» الأميركية على الطريق إلى تركيا لحماية الأفراد في الشمال من الهجمات الجوية التي تشنها طائرات الأسد.
إذا ما مضينا على المسار الحالي، فسوف يسجل المؤرخون في المستقبل أن المذابح التي يتعرض لها الأبرياء والضرر الذي لحق بالمصالح الوطنية الأميركية والموقف الأخلاقي بأنه فشل مخزٍ للقيادة الأميركية، وأحد أحلك الفصول في تاريخنا. ينبغي أن يهزنا ذلك جميعنا ونحن نصلي من أجل السلام والنيات الحسنة في موسم العطلة هذا.
*جون ماكين وليندسي أوغراهام، عضوان في الحزب الجمهوري يمثلان ولاية أريزونا وكارولينا الجنوبية في مجلس الشيوخ، وجوزيف ليبرمان سيناتور مستقل عن ولاية كونكتيكت
* خدمة «واشنطن بوست»