مازالت في مخيلتي قصة صديقي “عبود”, الذي عشق فتاة بجنون, وعاش معها كقصص الروايات وشعراء الحب العذري, لكن كان هنالك صراع مرير من تردد أهلها بالقبول بشاب فقير, ومعارضة أهله من أن يتزوج غريبة, لكن بالإصرار والعزيمة رضخت العائلتين للعاشقين, وشرع الكل في الاستعداد للزواج, وكانت أيام مليئة بالسعادة, الى أن انتبه “عبود” ذات يوم, على صوت الناعي وهو ينعى حبيبته, فقط توقف قلبها فجأة وانتهت حياتها, كان قلبها اضعف من أن يتحمل سعادة بحجم الكون, وتكلم الناس كثيرا عن سوء حظ “عبود”.
سوء الحظ يلاحقنا في الكثير من مفاصل عيشنا, كلما لاح بصيص أمل,عندها يطل علينا سوء الحظ, وسأحدثكم عن بعضها.
عند سقوط صدام, وبعد عقود من القهر والظلم, شعرنا كشعب بان الدنيا قررت أن تبتسم لنا, وان الحظ لأول مرة سيكون لجانبنا, وان زمن الجور سيغادرنا الى غير رجعة, حلمنا كثيرا بان نكون دولة كدول الخليج, بل توسع الحلم عند البعض فيحلم أن تصبح بغداد كالعواصم الأوربية, ومازالت اذكر حلم “حجي جمعة”, الذي كان كل حلمه أن تصبح مفردات الحصة التموينية أربعين مادة, بحيث لا يحتاج أن يذهب للسوق, لكن سوء الحظ قرر العودة ليحيل أحلام العراقيين الى كوابيس, فإذا بثلة من اللصوص والانتهازيين والدواعر, يتسلطون على البلد, وتضيع على يديهم أموال البلد وأحلام العباد, فلا الذين حكموا البلد شرفاء, ولا الحصة التموينية أزهرت بل ذبلت وماتت, فهل هناك انتكاسة بالحظ كالذي جرى للعراقيين؟
الحكاية لم تنتهي, بل لها فصول متنوعة, فسوء الحظ لم يترك باب الا طرقه, كأنه قرر السكن أبديا في العراق.
أحيانا نفكر أن الحظ قد يرتبط بالجوانب السياسية والاقتصادية فقط, لكن لا دخل له بالرياضة مثلا, وهكذا حلقنا بحلم الصعود لكاس العالم, فكل أربع سنوات نحلم ونحلم, لكن مع الايام نكتشف أننا نركض وراء وهم, ثلاث تصفيات لكاس العالم بددها عدنان حمد, ثم تلاه زيكو واتحاد الكرة الفاشل والفاسد, وها هو الحلم يغادرنا رويدا رويدا على يد شنيشل والاتحاد الغير كروي, عجيب أمر الحظ السيء الذي يرفض أن يغادر بغداد, حتى افسد طموحات فريقنا الوطني.
حكايات سوء الحظ كثيرة, وهي ما تحيل حياتنا الى كم كبير من التعاسة والحزن, فما نريده لا نصل أليه.
في احد ليالي الشتاء كنا جمع من الكتاب, نشكو لبعض قلة الفرص وغياب الصحف التي تدعمنا, فخيبة الأمل كبيرة بواقع الصحافة العراقية, والتي يقود اغلبها اليوم, بعض أشباه الكتاب والمداحين, وفئة من فلول البعث والدواعر والعاهرات, فلا مكان لنا, “فالحظ للعوالم فقط” كما يقول إخوتنا المصريين, هل يعقل أن يكون الالتزام بالمبادئ والقيم هو السبب لسوء الحظ, ضحكنا كثيرا تلك الليلة عندما عرفنا أن الصعلوك “علاوي” يكسب بالدولار مقابل سطوره المرتخية, وجمله الجنسية وتحليلاته البليدة, هذا نتاج بلد تحكم به اللصوص والانتهازيين, فلا حظ لمن هو ليس لصا أو منافقا.
نختم حكاية سوء الحظ بقصة أبو جميل, العجوز الذي فكر بفتح دكان مستغلا حديقة بيته, خصوصا أن بيته على الشارع العام, وعندما افتتح دكان لبيع الفلافل والعصير, حصل على إيرادات كبيرة, وكبر الحلم في عينيه, فلما لا يكون هنالك سيارة وزوجة ثانية وقاط جديد, لكن فجأة تقرر الحكومة وضع صبات كونكريتية على جانبي الشارع العام, ليصبح من المستحيل الوصول للدكان, ليموت دكان أبو جميل, فهل هنالك أسوء من حظ أبو جميل.
لكن, سوء الحظ الحالي لن يمنعنا من أن نحلم بالحظ السعيد, فسيأتي الحظ يوما ما ويجعل من الأمس ذكرى للضحك.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهران
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر