قدم رجل مسن الى قرية التمر ، وطلب من السكان ان يوصلوه الى ديوان العم حمدان ، وتم له ذلك ووقف أمام بيت العم حمدان وعيونه دامعة ، وخرج أهل البيت والعم حمدان ورحبوا به ودعوه للدخول الى المضيف ، وقال له العم حمدان سوف أراك بعد صلاة الظهر ، فقال الشيخ لنصلي جماعة .!. أليس الجامع قريب قالوا نعم .
وجاء العم حمدان للمضيف لكي يذهب سوية مع الشيخ الجليل فلم يجده ، فاتجه نحو الجامع فوجده يصلي فاستغرب كيف عرف مكان الجامع .
بعد الصلاة سأله العم حمدان كيف اهتديت لمكان الجامع .؟…
فقال الشيخ : شاهدت هذا الجامع في حلمي واستغرب الجميع …
ذهبوا للفناء وقبل الدخول للمضيف قال الشيخ ان كون غذائكم مطبوخ باللبن …!.
فقال الم حمدان : نعم وكيف عرفت …!
فقال الشيخ : رأيت هذا في حلمي …
فضحك العم حمدان وقال له يا مرحباً …
وفي المغرب جلس الجميع في المضيف وسألوه لماذا قدمت إلينا ومن اين أتيت …؟.
فقال الشيخ : شاهدت قريتكم في حلمي واتجهت إليكم لك أرتوي من مائكم وأكل من تمركم … فضحك الجميع …
وقالوا انت أبا البيت ونحن الضيوف …!.
وفي الصباح طلب الشيخ الجليل … القليل من العسل الأسود والتين الجاف ، ولبي طلبه …!.
وسال العم حمدان نفسه كيف يعلم هذا الرجل بما لدينا .؟…انه قصة وسر علينا اكتشافه …؟.
واجتمع مع المقربين وقال العم حمدان : هذا الشيخ لدي قصة وإنشاء الله قبل ظهور القمر سوف يكون لدي خبر ..!. مرت أيام معدودة وكثرت طلبات الشيخ ، وكان كل مرة يحدد بها مايريد وازداد استغراب العم حمدان للأمر فاجتمع معه وطلب منه ان يعرف عن نفسه وعلاقته بالقرية …
فابتسم الشيخ وقال للعم حمدان انت تعلم من أنا …!.
فقال العم حمدان : حيرتني أكثر …؟
فقال الشيخ للعم حمدان : هنالك أمانة جئت أخذها …!.
فقال العم حمدان : من انت وماهي الأمانة ..؟.
فقال الشيخ : لا عليك اجلبها لي ولن أقول لك من أنا وبعد ثلاثة أيام سوف أغادر القرية …!.
فإذا انت أمين فسوف تعلم من أنا وماهي الأمانة …؟. واحتار العم حمدان ماهي الأمانة …!.
ولم يستطع حل اللغز ، وغضب الشيخ وارتجل وغادر ، ولكن العم حمدان ارسل خلفه رجال لمعرفة مكانه ، عسى ان يجد حلا للغز الشيخ ، وبعد فترة ايام قليلة غزت فئران الرئة وكثرة بشدة ، وحاول الناس قتلها والتخلص منها ولم يستطيعوا ، فقال العم حمدان …!. هذه علامة خيانة الأمانة والشيخ صادق …
فقال العم حمدان أرسلوا و جلبوه ، وفعلوا وعندما جاؤا به قال الشيخ هل كثرة عندكم الفئران …؟.
فقالوا نعم …!. فقال لهم الشيخ : هذه علامة خيانة الأمانة …!. فأندهش الجميع …
فقال الشيخ : يا ابو سالم … فاندهشوا الجميع مرة أخرى … فسالم ابن العم حمدان المتوفي …!.
وقال العم حمدان : يا شيخنا الأمانة موجودة ، ولكن كنت أنفذ وصية أبي قبل وفاته …عن ظهور شخص لا اعرفه… وأبي كبير السن ونسى اسمه …!. وقال أعطيه الأمانة عندما يأتي شخص ولا تلبي طلبه إلا إذا ظهرت الفئران …؟. فهو الشخص المقصود وصاحب الأمانة فسلمه إياها …
وكان العم حمدان يخشى على الأمانة فعهد بها الى الدير وكبيرهم وتمت مكاتبة بينهما لحفظ حق الغريب ، وفي المساء قاموا بصلاة الجماعة ولأبعاد الشر عن القرية …
وبعد العشاء قالوا للشيخ هذه الأمانة وهي ملفوفة كما سلمت لنا فارجوا فتحها والتأكد منها … وفعل الشيخ وشكر الجميع ، وقال يا إخوتي أنا لم أتي من اجل هذه الأمانة ، فهو كنز وجدته قرب بيتي ، واعلم لمن وإنما جئت أتأكد مما سمعت عن قريتكم وذمة أهلها ، وسمعت بان هذه القرية بحاجة لمستشفى وخاصة ان عابري السبيل يلجئون لكم طلبا للعلاج ، فهذا مال الله ورأيت انه مضت السنين ولم يظهر صاحبه ، فالحي أبقى من الميت فأقيموا المستشفى ، فهي الذكرى العطرة التي تركها صاحب الأمانة فقالوا له أرجوك ابلغناعن اسمك ..؟… ومن انت …؟.
فابتسم وقال : أنا ناسك الجبل الأخضر ، واسمي أمين ، وعملي الأمانة.!… والحمد لله رديت الأمانة …
وأنا سأذهب لتعبدي وانتظر من الله ان يسترد الأمانة اودعكم يا قرية التمر ، ووصيتي لكم …؟. إذا جاء موسم وتغير طعم التمر فهذه علامة خيانة الأمانة فان الأرض لها روح إذا غضبت تغير كل ما فوقها ، فانتبهوا يا أبناء الأرض وحبوا أرضكم …. فهي هدية السماء….
هيثم هاشم