سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…
الإنسان الذي يحسن الظّن في الآخرين يكون سعيداً مرتاح ابال ، وهذه خصال حميدة ونقاء سريرة ، أي يحسب كل الناس مثل نفسه ، صادقاً محباً معطاءً ذو نخوة وشهامة ، ولا يسوء للآخرين ، ولكن يجب أن تكون الثقة وحسن الظّن عن دراية وبصيرة ثاقبة ، لا نظرة سطحية ساذجة حدّ الغباء ، لأنها قد تسبب الندم ، إذا أنت كنت تصدّق كل شيء ، وبذلك لم تتقِ شرّ الأشرار وكيد الفجّار ، وأصبحت لقمة سائغة للمتربّصين عديمي المشاعر ومائتي الضمائر ، فتصبح أضحوكة ، وحسن نيتك أدت بك إلى ما لا يحمد عقباه ، ومشاكل أنت لا ترغبها .
لكن إذا كنت شكاكاً ولا تصدق احداً وتسوء الظّن في كل ما تسمع وكائناً من كان ، فتعيش في قلق و وسواس وعدم راحة البال ، غير متيقّن ، ولهذا ينفرّ عنك الأصدقاء والأقرباء ، وتعيش في شبه عزلة وتعاسة وشقاء ، ولا تكن مستقراً في حلك وترحالك وحتى في نومك ، فتصبح الحياة لا طعم لها ، لكثرة عدم الإطمئنان ، والشكوك لتي تنتابك ، فترفع أكفّ الضراعة إلى الله ليخلصك من سوء الظّن والشكوك غير المبررة أحياناً .
هناك بعض المظاهر التي لا تكشف الحقائق ، فلا تحكم على الناس إلا بعد معرفة مجريات الأمور والأسباب الموجبة ، فقد تكون هناك مبررات تستوجب التصرف بطريقة مغايرة ، فقد يكون ضعف السمع وراء عدم الإكتراث لما تقول ، أو عدم الإستيعاب ، فتحكم على الآخر بالتكبّرواللامبالاة ، فقد تكون هناك أموراً خافيةً لا تعلمها ، ولكن بعد المعاشرة والتواصل ، يتبين لك إنسانا متواضعاً طيب المعشر، فتغير نظرتك ، وأنت كنت على ظلال .
أين يكمن الحل لمثل هذه الأمور التي تؤّرق كاهلك ؟ الحقيقة والحل الأمثل ، عليك إختبار الناس اولاً ، وقد قيل : ( جرّب الناس بقليل من المال ) ، وأطلب المساعدة في الأوقات الحرجة لتتعلم من هو الصديق الوفي ومن هو الصديق النفعي الوصولي الذي لا تهمه سوى مصلحته الشخصية ، وإذا قضى حاجته منك ، تخلى عنك ، وكأنه إنسان غريب لا يعرفك .
ويقال أيضاً : الناس معادن ، فيهم الأصيل الشريف الشهم ، وفيهم المصلحي المنافق ، ذو وجهين ، يحكي ويمدحك بحضورك ، وعند غيابك ، يؤلف قصصاً غير حقيقية بغية النيل من شخصك وسمعتك . وكما قال الشاعرصالح بن عبدالقدوس : يعطيك بطرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلبُ
منصور سناطي