تنظيم الإخوان لا يحرص على شيء كحرصه على خلق أرضية طائفية في أماكن تواجدهم ولكن من خلال إيران. فذلك ما فعلهالرئيس المصري المعزول محمد مرسي بعقد السياحة الثقافية مع إيران؛ وما فعله حزب الإصلاح اليمني بتحالفه المشبوه مع الحوثيين في فترة الربيع العربي وزاد عليها بخطابات لقادتهم وبالأخص عبدالمجيد الزنداني الذي كان يشتم السعودية في كل محاضرة وحضور؛ وكل ذلك مسجل وموجود على شبكة الإنترنت. والآن نشهد حزب النهضة الإخواني في تونس وهو يفعل المثل من خلال ترتيب واعتماد مشروع فتح السياحة الثقافية أو ما أود أن أسميه بـ “السياحة الطائفية” مع إيران.
لا أعتقد أبدا أن الإخوان كحزب يجهلون حجم المخاطرة المؤكدة حينما يتم فتح الباب للإيرانيين ليتوغلوا ثقافيا ومذهبيا في أي بلد عربي. فهم يعلمون تماما أن نتيجة ذلك ستكون كارثية؛ فما توقيع هذه العقود السياحية إلا كنثر بذور الطائفية المستقبلية في الأراضي العربية. إذا، قد يسأل السائل، لماذا يفعل تنظيم الإخوان ذلك وما فائدته الحقيقية؟ هي وبكل وضوح متمثلة في الآتي؛ أن الأرضية الطائفية والمتشوشة أيدلوجيا هي الأنسب بالنسبة للأحزاب المتأسلمة أيا كان مذهبها. فبقاء تنظيم الإخوان وتأثيرهم الأيدلوجي على الشعوب العربية غير متأتي مادامت الأحزاب والاتجاهات الأخرى ذات طابع وقالب علماني أو غير ديني. فأفضل طرق جذب الجمهور العربي لأي حزب هو من خلال استخدام عامل التخويف. صناعة لعبة الترهيب تعتبر صعبة جدا إن لم يكن هنالك مذهب ديني آخر يحاول ويناكف على خلق مساحة من السيطرة.
فلذلك من الطبيعي أن نستنتج سبب حرص تنظيم الإخوان العالمي على مد كلتا يديه إلى إيران فالأهداف متماثلة ومتطابقة. برأيهم فالجماهير العربية ستلصق أنفسها بجماعة الإخوان إن وجدت تيارات دينية مغايرة و جديدة و ذات طابع تهديدي للهوية الدينية للمجتمعات.
بطبيعة الحال، إخفاء حجم ومتانة علاقة تنظيم الإخوان العالمي مع إيران غير ممكن أبدا. فيجب ألا ننسى ما ذكره وزير الخارجية الإيراني الأسبق والمستشار الأول لخامنئي، علي ولايتي حينما قال وبالحرف الواحد:
“نحن والإخوان أصدقاء؛ ونقوم بدعمهم وهم الأقرب إلينا عقائدياً بين كافة الجماعات الإسلامية.”
وكيف لنا أيضا أن ننسى ما قاله نائب وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان حينما صرح بأن طهران تشعر بالارتياح لوصول الإخوان المسلمين إلى أماكن متقدمة في قيادة بعض الدول العربية، بعد اكتساحهم نتائج الانتخابات البرلمانية، كما حدث في تونس ومصر والمغرب.
ولن ننسى أبدا ابتهالات أعضاء تنظيم الإخوان وفرحتهم العارمة حينما انبثقت الثورة الإيرانية ومسكت مقاليد الأمور في عام 79. فتلك الثورة كانت ومازالت ملهمة لتنظيم الإخوان لسببين أولا لأنها ثورة دينية وثانيا لأن الشاه علماني. وطبعا وهذه الفرحة تطابقت مع فرحة الحكومة الإيرانية حينما صعد الإخوان لسدة الحكم في مصر.
وبطبيعة الحال، تونس بديموقراطيتها الجديدة تريد جاهدة أن تكون دولة مدنية ذات تعددية فكرية ولكن حزب النهضة أو ما أود أن أسميه بـ “النكسة” لا يريد ذلك والحل برأيهم لن يكون إلا من خلال تطعيم المجتمع التونسي بالطائفية! ليزيد حضورهم من خلال استعداء مستقبلي ووهمي لضيوفهم الذين دعوهم و “بأنفسهم!” فذلك برأيهم ما سيجعل الشعب التونسي يلتف حولهم! فالفوضى الطائفية هي أكثر الأراضي خصوبة لأمثال جماعة الإخوان!